مجتمعات فرجينيا تمارس ديمقراطية شعبية جماعية

من طرف dreamnagd الأربعاء سبتمبر 19, 2007 11:28 pm

مجتمعات فرجينيا تمارس ديمقراطية شعبية جماعية
(أهالي توين أوكس يستخدمون عملية تشاور طويلة في تناوب المديرين والمخططين)

من ستيفن كوفمان، المحرر في موقع يو إس إنفو
واشنطن، 18 أيلول/سبتمبر، 2007- معظم دول العالم تحكمها طغمة من السياسيين المحترفين الذين يكلفون بمهمة اتخاذ القرارات باسم ناخبيهم. غير أنه يوجد مجتمع في فرجينيا يتفرد عن غيره من الديمقراطيات في العالم مستفيدا من حجمه الصغير للانخراط في الديمقراطية الجماعية التشاركية، حيث يقوم باتخاذ القرارات مستندا على المساهمة المباشرة من الأعضاء بدلا من توكيل الآخرين لتولي الحكم الفعلي على مقاليد أموره.

وقد تأسس مجتمع بلدة توين أوكس الواقعة بالقرب من مدينة لويزا بولاية فرجينيا، والذي يضم 100 عضو، على مبدأ "المعارضة السلمية واللاعنف والمساواة والمحافظة على سلامة البيئة". ويعيش هذا المجتمع الذي تأسس قبل 40 عاما على تصنيع الأراجيح والأثاث العادي بالإضافة إلى فهرسة الكتب وصنع التوفو، الذي يعد غذاء رئيسيا في بعض الأطعمة الآسيوية. ويوفر أفراد المجتمع العديد من المتطلبات الجماعية للمجتمع مثل زراعة المواد الغذائية وتعليم الأطفال وتوفير الرعاية الصحية غير الطارئة. ويتفاوت عدد أعضائه بصورة مستمرة، ففي حين ينضم إليه أعضاء جدد يغادر آخرون ويستأنفون حياتهم في المجتمع المعاصر.

ولا يوجد في هذا المجتمع زعيم يقرر السياسات أو الممارسات باسم الآخرين. والهدف هو إتاحة الفرصة على قدم المساواة للمشاركة في صنع القرار. ولكن، مع وجود عدد سكان مقارب لعدد سكان قرية صغيرة يحكمها رئيس بلدية ومجلس بلدي، كيف يتم تحقيق ذلك؟

* مخططو المجتمع يسعون إلى تحقيق الإرادة الجماعية وسن القوانين من قبل الجماعة

تؤكد فاليري رينويك، وهي من مواليد أوتاوا تعيش في توين أوكس منذ 15 عاما، في حديث أدلت به لموقع يو إس إنفو "إننا لا نؤمن بالتسلسل الإداري أو الطبقي. بل نريد أن يكون للجميع صوت في العملية". وقد فسرت ما يعرف بنظام "المدير المخطط" الذي يسترشد به المجتمع في صنع القرار.

وقالت إن المديرين والمخططين يخدمون بالتناوب لفترة عمل مدتها عام ونصف العام. ويتولى المديرون مسؤوليات محددة في مجالات العمل، مثل إنتاج وجبات طعام للمجتمع أو الأراجيح، في حين يقرر المخططون القضايا التي تؤثر على المجتمع ككل من خلال عملية تشاورية مطولة. وقالت "إن المخططين يقومون بتوليف المعلومات محاولين تحديد الإرادة الجماعية للمجتمع بشأن قضية معينة في وقت معين من الزمن".

وتتراوح القضايا مثار الاهتمام من القرارات التي تتعلق بالعضوية إلى العلاقات التجارية مع تجار التجزئة من خارج توين أوكس الذين يبيعون منتجات توين أوكس.

ويمكن لأفراد المجتمع تقديم مقترحات وأفكار جديدة أو إدخال تعديلات على السياسات وطلب الحصول على تأييد أو معارضة موقف ما عن طريق "لوحة الآراء والمقترحات" الخاصة بتوين أوكس. ويستخدم المخططون تلك المعلومات لتقرير ما إذا كان يتعين عليهم المضي قدما في المقترح. وقالت رينويك إن "المخططين قد يجرون أيضا استطلاعات للرأي حول القضية حيث يقومون بتوجيه أسئلة محددة جدا".

وفي مجتمع صغير مثل هذا، باستطاعة المخططين أيضا التحدث مباشرة مع الناس لتحديد الإرادة الجماعية أو عقد اجتماعات لمناقشة القضية وإتاحة الفرصة لمزيد من المداخلات.

وأوضحت رينويك أنه، بعد هذه العملية، تترك القرارات دائما للمخططين وهم بدورهم سيأخذون كل هذه الأشكال المختلفة من المعلومات. وأضافت "أنه بدلا من ترك المخططين يخدمون في مناصب إدارية متسلسلة تسلسلا هرميا حيث يقومون باتخاذ القرارات باسم المجتمع (...) يجري إشراك الناس في صنع القرار وجعلهم يدلون بدلوهم".

وحتى بعد اتخاذ قرار ما، ثمة عملية لطلب الاستئناف، الأمر الذي يتيح للمخططين فتح ملف القضية مجددا إذا ما شعر أحد أفراد المجتمع أنه لم يتم أخذ كافة العوامل بعين الاعتبار. ولكنها أردفت "أنه نادرا ما يتم استخدام هذا الخيار لأننا بوجه عام نقوم بعمل جيد جدا عن طريق العملية".

* عملية التشاور الطويلة تتناسب مع المجتمع

وأقرت رينويك بأن عملية الديمقراطية الجماعية التشاورية تعتبر عملية مطولة. وقالت "إنها تستغرق فترات تتراوح بين الأسابيع والأشهر إلى السنوات، يعتمد على حجم القرار وأهميته. إذ تسبب القرارات السريعة مشاكل أكثر من المشاكل التي تحلها ومن الأهمية بمكان بالنسبة لنا أن نقوم بعمل دقيق جدا ومتقن ولذا فنحن نحاول التأكد من أن جميع القواعد قد تم التطرق لها والبت فيها".

وأوضحت رينويك أنه، بالنسبة للحالات الطارئة أو بالنسبة للقضايا الحساسة التي تتأثر بعامل الوقت، "يتحدث المخططون الثلاثة فيما بينهم فقط ويقومون بالشيء الذي يشعرون أن فيه خير المجتمع، لكن ثمة حالات نادرة جدا قد تتطلب فعلا اتخاذ قرار فوري في غضون يوم أو يومين أو في ظرف ساعات".

وتقوم معظم ثقافة توين أوكس على الثقة التامة بين أفراد المجتمع، ما يجعل الصراعات والنزاعات بين الأفراد أمرا نادرا. ولكنها، عندما تحدث، يبدأ حل المنازعات على المستوى الفردي الضيق وتتقدم إلى مستويات مركزية أوسع مثل مجموعات الأصدقاء أو زملاء العمل. ويتخصص بعض أفراد المجتمع أيضا في طرق الوساطة وأساليبها. وقالت إنه، "في حال تفاقم الصراع وخرج عن نطاق السيطرة، يطلب المخططون من الشخص مغادرة المجتمع؛ مضيفة أن ذلك لم يحدث سوى مرتين أو ثلاث مرات خلال الخمسة عشر عاما التي مضت علي وأنا أعيش هنا لأننا لدينا كل هذه الأنظمة الأخرى القائمة لمعالجة المشكلة قبل أن تخرج عن حد السيطرة".

ومع أنه لا يوجد "زعيم للجماعة" في توين أوكس، فإن المخططين بالتأكيد هم الذين يوفرون القيادة للمجتمع فيما يتعلق بأمور مثل وضع السياسة العامة، ومواجهة المشاكل.

* اختيار القيادة عبر المقابلات الجماعية

فترات ولاية المخططين الثلاثة تتم على نوبات لضمان توفر مستويات مختلفة من الخبرة والتجربة في جميع الأوقات. وعندما تقترب نهاية فترة الولاية لشخص ما، يخضع الراغبون من أفراد المجتمع لمقابلة في جلسة علنية حيث يتلقون أسئلة حول قدراتهم الإدارية والشخصية، وكيف سيتعاملون مع النزاعات والتوترات والقضايا الحساسة. وخلال الأيام الـ10 القادمة، يكون بإمكان أفراد المجتمع الإعراب عن التأييد أو المعارضة للترشيح عبر "صندوق المقترحات"، حيث يستخدم المخططون تلك المقترحات والتعليقات لتقرير الشخص الذي سيتم تعيينه. وحتى بعد تعيين شخص ما، يظل صندوق الاعتراضات متاحا على مدى الأيام العشرة التالية كفرصة أخيرة لإبداء أي اعتراض.

وفي الوقت الذي قد يبدو فيه أسلوب توين أوكس في ممارسة الديمقراطية على أنه غير عملي بالنسبة لمجموعة أكبر من الناس، لكنه مع ذلك يمثل نموذجا للديمقراطية الشعبية الفاعلة التي تهدف إلى تجسيد فلسفة مجتمع يؤمن بالمساواة بين أفراده.
****