سلطات الرئاسة
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: تقارير أمريكية
صفحة 1 من اصل 1
سلطات الرئاسة
سلطات الرئاسة
بقلم ريتشارد أم. بيوس
بقلم ريتشارد أم. بيوس
"سوف تحتاج الرئاسة الأميركية لأكثر من بيانات مدوية صادرة من الجبهة الخلفية للمعركة. انها بحاجة لأن يضع الرئيس نفسه في خضم المعركة، وبأن يهتم بتعاطف بمصير الشعب الذي يقوده.."
الرئيس جون أف. كينيدي
سُميت الرئاسة بأنها أقوى مركز للقيادة التنفيذية في العالم، لكن، ومن أوجه عديدة، فإنها أيضاً إحدى اكثر المراكز تقييداً في العالم. يملك الرئيس سلطات رسمية واسعة، ولكنه، بسبب الضغوط والتوازنات الدستورية والتقييدات القانونية، يجد صاحب المنصب نفسه عادةً مقيدا، وكما قال الرئيس هاري ترومان في إحدى المرات، "تنحصر سلطات الرئيس بأكثرها في إقناع الناس بما يتوجب عليهم القيام به دون أن يطلب هو منهم ذلك." في أحيان كثيرة تكون القدرة على الإقناع، وليس سلطة إصدار الأوامر، هي التي تقرر الحدود القصوى لسلطة الرئاسة.
* إنشاء الرئاسة
ان السلطات الدستورية للسلطة التنفيذية للحكومة مفصلة في المادة الثانية من الدستور التي تنص على رئيس واحد، وتحدد طريقة الانتخاب (الهيئة الانتخابية)، وتنص على فترة رئاسية محددة بأربع سنوات.
يستغرب فوراً أي قارئ للمادة الثانية من الدستور الاهتمام الكبير الذي توليه هذه المادة لآلية الانتخابات الرئاسية، مقارنة بالاهتمام القليل الذي توليه لسلطة الرئيس بعد توليه منصب الرئاسة. رغم أن الرئيس مُنح "السلطة التنفيذية للولايات المتحدة" فلم يُذكر في المادة شيء محدد حول إصدار الأوامر إلى رؤساء الإدارات والوكالات الفدرالية المختلفة، وحول مراقبة الإدارات الحكومية، أو عزل الموظفين من مناصبهم.
ومع أنه يحق للرئيس إقامة معاهدات بعد استشارة وموافقة مجلس الشيوخ، فلا تذكر المادة شيئاً حول سلطة الإلغاء. ومع أن الرئيس يُسمى القائد العام للقوات العسكرية، فلا يُذكر أي أمر آخر حول سلطته في قيادة هذه القوات، أو حول علاقاته بهيئة الضباط النظاميين. رغم أنه يحق للرئيس دعوة الكونغرس للانعقاد في جلسة خاصة، فإن من واجبه إعلام الكونغرس بحال الاتحاد والتوصية بإجراءات في هذا النطاق، ويمكنه استعمال حق النقض (الفيتو) بالنسبة للقوانين التي يصدرها الكونغرس، فلا تذكر المادة أي شيء حول سلطته في إصدار تشريعات بقوة القانون.
لم تكن هذه الاغفالات دون قصد. كان واضعو الدستور أصحاب أعمال عمليين متمرسين جيداً في حكم المستعمرات والولايات، وحاز الكثيرون منهم على خبرة عسكرية ودبلوماسية واسعة. وضعوا ببراعة نص مادة قصيرة وغامضة تتعلق بالسلطة الرئاسية بغية تأمين المصادقة على الدستور من المجالس التشريعية للولايات التي كانت ترتاب بالسلطة التنفيذية. لم يحددوا السلطة التنفيذية بالكامل كما لم يحصروها بالكامل، وبدلاً من ذلك تركوا العديد من المسائل لتقررها الأجيال القادمة.
وكانت النتيجة قيام لغة دستورية يمكن تفسيرها وفق طريقتين. فمن المحتمل أن تكون السلطة التنفيذية إما محدودة، مقيدة، ومراقبة، ومتوازنة، أو تكون أداة لبناء اقتصاد قوي تديره الحكومة المركزية، ومتراساً قوياً ضد الأخطار التي تطرحها القوى الأجنبية المتدخلة في شؤون الدولة الجديدة.
* الترشيح والانتخاب
ترتبط الطريقة التي يتم بموجبها ترشيح الرؤساء وانتخابهم بدرجة كبيرة بالطبيعة الملتبسة لسلطتهم. في البدء افترض واضعو الدستور بأن الهيئة الانتخابية، أي الهيئة التي تُنشأ كل أربع سنوات لانتقاء رئيس، وتضم ممثلين من كافة الولايات وتسيطر عليها الولايات الكبيرة، قد "ترشح" خمسة مرشحين، وأن مجلس النواب سوف يقوم بعد ذلك بالاختيار النهائي من بين المرشحين. بدلاً من ذلك، وفي أوائل القرن التاسع عشر، استطاعت الأحزاب السياسية ان تجمع أغلبيات في الهيئة الانتخابية لمرشحيها، وبذلك أوجدت النظام الحالي الذي تسيطر عليه الأحزاب. في الثلاثينات من القرن التاسع عشر، تخلّت المجالس التشريعية في الولايات عن سلطة اختيار أعضاء الهيئات الانتخابية لمصلحة شعب الولايات، وبذلك وضعت عملية انتخاب الرئيس على قاعدة شعبية.
يشمل نظام الترشيح الجاري داخل الأحزاب الرئيسية إجراء منافسات في كل ولاية (تعرف بالترشيحات التمهيدية أو المؤتمرات الحزبية) لاختيار المندوبين إلى مؤتمر قومي يختار بدوره مرشح الحزب. على المرشحين الناجحين إظهار مهارات في جمع الأموال وإنتاج برامج دعائية عبر الإذاعات وعلى شاشات التلفزة وإدارة طرق إظهار صورتهم في وسائل الإعلام للتأثير على مجموع الناخبين. إن الحاجة إلى توفير الأموال وتنظيم وسائل إعلامية تُحدد مجال العمل بحيث ينحصر في النهاية بمجموعة صغيرة من السياسيين المحترفين شغل معظمهم مناصب في الولاية، إما كحكام أو شيوخ أو نواب حكام.
أدت الانتخابات الرئاسية لعام 2000، التي فاز فيها جورج دبليو. بوش جونيور على آل غور استناداً إلى أصوات الهيئة الانتخابية، رغم أن غور حصل على ما يزيد عن نصف مليون صوت في الانتخابات الشعبية أكثر مما حصل عليه بوش، إلى حصول جدل واسع حول ما إذا كانت الهيئة الانتخابية ما زالت تشكل آلية ملائمة في العصر الحديث. ان الحملة الانتخابية العامة هي بالفعل حملة لتأمين الاغلبيات في 50 ولاية تهدف إلى كسب أصوات الهيئة الانتخابية لهذه الولايات (ولمقاطعة كولومبيا، اي واشنطن العاصمة). تكمن حَسَنة هذا النظام في أن إدارة هذه المنافسات المنفصلة وشعارها "الفائز يأخذ كل شيء" تُشدد على الطبيعة الفدرالية للاتحاد وتَجبر المرشحين على التفكير جغرافياً وليس التفكير فقط بالكتل الديموغرافية للناخبين. والحَسَنة الأخرى هي أنه في حال كانت المنافسة متعادلة النتائج تقريباً يتم إعادة إحصاء عدد أصوات الهيئات الانتخابية في الولايات التي تكون فيها النتائج متعادلة تقريباً، ولا يكون هناك أي حافز لإعادة فتح مسألة تعداد الأصوات عبر البلاد. وهكذا، حصل في العام 2000 تحدّي إعادة التعداد فقط في فلوريدا، وليس في الدوائر الانتخابية عبر البلاد. أما سيّئة الهيئة الانتخابية فهي أن الولايات الصغيرة، لأسباب تاريخية، ممثلة بصورة زائدة في عدد أعضاء الهيئة الانتخابية الممنوحة لها مما يعطي الناخبين فيها ثقلاً أكثر في منافسات الناخبين من ولايات كبيرة رغم ذلك، ونظراً لأن الولايات الكبيرة تمنح كافة أصواتها إلى مرشح واحد، هناك حافز للمرشحين يدفعهم لتركيز جل اهتمامهم تقريباً على الولايات الكبيرة الإثنتي عشرة وإهمال الولايات الأخرى، وبالأخص الولايات التي يتفوقون أو يتخلفون فيها بدرجة كبيرة.
تتمثل المشكلة النهائية في استخدام نظام الهيئة الانتخابية بأنها تمكن عدم كسب أي مرشح لأغلبية أصوات الهيئة الانتخابية، وفي هذه الحال تنتقل المنافسة إلى مجلس النواب (حيث تمنح الولايات أصواتها كوحدة من خلال ممثليها في الكونغرس). حصل ذلك عام 1800 وعام 1824، وقارب حصول ذلك عام 1876. من الممكن أيضاً أن يهزم مرشح كسب الأغلبية في الانتخابات الشعبية في الهيئة الانتخابية: حدث ذلك عام 1876 وعام 1888، وعام 2000، أيضاً.
* الفصل الجزئي بين السلطات
اعتقد واضعو الدستور بوجوب وجود فصل "جزئي" وليس "كلي" للسلطات بين فروع الحكومة الفدرالية. مستلهمين النظريات السياسية للفرنسي البارون دي مونتسكيو والإنجليزي جون لوك، ميّز واضعو الدستور بين السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وأنشأوا ثلاث مؤسسات منفصلة لممارسة هذه السلطات، ولكن بهدف المحافظة على التوازن بين هذه المؤسسات قرروا السماح ببعض التداخل في الوظائف.
تمارس كل مؤسسة ليس وظائفها الأولية فحسب، بل قد تكون لها حصة في وظائف المؤسسات الأخرى. وهكذا قد يكون للرئيس سلطة العفو (وهي وظيفة السلطة القضائية) ويستطيع التوصية بإجراءات معينة إلى المجلس التشريعي (وهي وظيفة السلطة التشريعية). كما قد يكون لمجلس الشيوخ حصة في التعيينات (وهي وظيفة السلطة التنفيذية)، ويكون للكونغرس سلطة العزل من خلال محاكمات الإدانة (وهي وظيفة السلطة القضائية). تستطيع المحاكم اتخاذ قرارات للتطبيق العام (وهي وظيفة للسلطة التشريعية) وتستطيع إصدار أوامر (من خلال أوامر الامتثال) تطلب من موظفي السلطة التنفيذية تنفيذ أعمال محددة.
إن تأثير الفصل الجزئي بين السلطات يظهر في عدد كبير من مجالات عمل الحكومة القومية. يكسب الرئيس حصة أكبر في عمل مؤسسات أخرى، ولكن في الوقت نفسه عليه قبول المشاركة في أمور تُعتبر عادة محصورة في السلطة التنفيذية (كالاستعدادات العسكرية، والدبلوماسية، وصنع السياسات المحلية، وتخصيص موارد الموازنة) مع السلطة التشريعية. وكانت نتيجة ذلك أن الدستور الأميركي كان أقل من مخطط أولي لعمل الحكومة، يوزِّع السلطات بدقة أكثر من كونه (بكلمات العالم السياسي إدوارد كوروين من جامعة برينستون) "دعوة للصراع" حول من سيكون له امتياز صنع السياسة الأميركية.
رد: سلطات الرئاسة
الضوابط والتوازنات
وهكذا فإن الرئاسة تعمل ضمن نظام من "الضوابط والتوازنات" تم تصميمه لتمكين كل مؤسسة وطنية الحد من سلطة المؤسسات الأخرى. يحق للرئيس نقض قوانين يصدرها الكونغرس، إما استناداً إلى أسس دستورية أو سياسية، ولا يمكن إلغاء هذا النقض دون موافقة ثلثي الأصوات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. لا يُعطي ذلك للرئيس سلطة لتقييد الكونغرس فحسب بل يمكنّه أيضا وبصورة مسبقة "الموازنة" بين المصالح التشريعية (خاصة إذا كان حزب المعارضة يسيطر على الكونغرس) وأولوياته الخاصة، بما أن بإمكانه التهديد بنقض قانون يَدرس المجلس التشريعي إصداره. في هذه الحالة، يتوجب على الكونغرس أن يأخذ مصالحه في الاعتبار قبل التصديق على إجراء قانوني لمنع ممارسة الرئيس حق النقض. يمارس الرئيس تقييداته على المحاكم الفدرالية استناداً لسلطته في تعيين قضاة للمحكمة العليا وللمحاكم الفدرالية: إن التأثير التراكمي لسلطة التعيين هذه هو توجيه رأي الكثير من القضاة الفدراليين نحو تفسيرات الرئيس للقانون الدستوري والقانون التشريعي كلما ازداد عدد القضاة الذين يعيّنهم. ولكن الضوابط والتوازنات تقّيد الامتيازات الرئاسية أيضاً. فمثلاً يجب أن يتطابق أي أمر تنفيذي رئاسي مع القانون، وإلاّ لن تأمر المحاكم الفدرالية بتطبيقه. ويجب أن توافق الأغلبية في مجلس الشيوخ على التعيينات الرئاسية لمناصب عالية المستوى. كما تخضع سلطة الرئاسة في الدخول في معاهدات إلى "مشورة وموافقة" ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. يخضع أي أمر تنفيذي رئاسي أو اتفاق تنفيذي (مع دولة أخرى) لسلطة المراجعة القضائية التي تملكها المحكمة الفدرالية في إبطال الأمر وإلغاء الاتفاق على أساس أنه مخالف للدستور.
* الاتهام الجنائي والعزل
أن أهم الضوابط على الرئيس تشمل الحاجة الى اتخاذ "الاحتياطات الإضافية" من الاتهام الجنائي والعزل "لجرائم وجنح كبرى". إنه مصطلح قانوني أُخذ من الممارسة البريطانية المستندة على "تعليقات حول قانون إنجلترا" بقلم اللورد بلاكستون. استناداً إلى بلاكستون يعني مصطلح "جريمة كبرى" جريمة ضد الدولة كالجناية العظمى، في حين يشير مصطلح "جنحة كبرى" إلى قبول رشوة ذات أهمية أو سوء إدارة مهم. لا يعتبر النظام الدستوري الأميركي بوجوب عزل الرئيس لفقدانه ثقة المجلس التشريعي (كما يحصل في الأنظمة البرلمانية عندما يصوت البرلمان بسحب الثقة).
يتم الاتهام الجنائي للرئيس (يماثل توجيه التهمة إليه) استناداً إلى تصويت الأغلبية في مجلس النواب. يتبع ذلك محاكمة الرئيس أمام مجلس الشيوخ الذي ينعقد برئاسة رئيس المحكمة العليا للولايات المتحدة. تصل العقوبة فقط إلى العزل من المنصب مع أن من المحتمل أن توجه التهمة للرئيس ليحاكم أمام محكمة قضائية بغض النظر عما إذا نتج عن الاتهام الإدانة أو البراءة.
افترض واضعو الدستور أنهم بجعل الاتهام الجنائي للرئيس صعباً فقد لا يتم اللجوء إليه إلاّ في حالات نادرة، وكانوا على حق. واجه ثلاثة رؤساء في التاريخ الأميركي المحاكمات البرلمانية: أندرو جاكسون الذي حصل على البراءة بأغلبية صوت واحد في العام 1868 لانتهاكه قانون ممارسة منصب الرئاسة (الذي ينص على منع الرئيس من عزل وزير في الوزارة قبل أن يوافق مجلس الشيوخ على خلف له)؛ وريتشارد نيكسون الذي استقال عام 1974 بعد أن أوصت اللجنة القضائية في مجلس النواب باتهامه لقيامه بتغطية جرائم متصلة بسرقات الأشرطة في ووترغيت؛ وبيل كلينتون الذي برأه مجلس الشيوخ في العام 1999 بعد اتهامه من قبل مجلس النواب بالكذب وعرقلة العدالة في شهادته في دعوى أُقيمت في محكمة مدنية ضده.
* السلطة الامتيازية
رغم أن السلطة الرئاسية تبدو مطوقة بالتقييدات الدستورية وبصعوبات العمل مع مؤسسات نظيرة يتمكن الرئيس من إيجاد طريق للالتفاف حول هذه الصعوبات. في بعض الظروف يدعي الرؤساء امتلاكهم لسلطات امتيازية بالاستناد إلى قراءتهم الشخصية للدستور. متسلحين بهذه السلطات، فإنهم يتخذون قرارات من جانب واحد لحل نزاعات سياسية خطيرة أو لإدارة الأزمات، ثم يبررون أعمالهم أمام الكونغرس والشعب الأميركي فيما بعد مدافعين عن مشروعية ما قاموا به (حقهم في ممارسة السلطة) والسلطة لأعمالهم (حكمة سياساتهم).
منذ قيام الدولة حلّت السلطة الامتيازية للرئيس نزاعات مهمة. أعلن جورج واشنطن من جانب واحد الحياد في الحرب البريطانية الفرنسية في أوائل العقد التسعيني من القرن الثامن عشر، رغم عدم وجود ما يمنحه بصراحة سلطة عمل ذلك في الدستور. اشترى توماس جفرسون مقاطعة لويزيانا من فرنسا العام 1803 رغم عدم وجود شيء في الدستور يمنح للحكومة القومية سلطة شراء مقاطعات. أكد اندرو جاكسون سلطة عزل أعضاء في وزارته فارضاً السيادة الرئاسية داخل الإدارات التابعة للسلطة التنفيذية رغم أن الدستور لا يذكر سلطة العزل. مارس إبراهام لينكولن سلطة واسعة جداً جعلت العالم السياسي كلنتون روسيتر من جامعة كورنيل يصف فترة رئاسة لينكولن بأنها "ديكتاتورية دستورية": دستورية بمعنى أنه تمّ إجراء الانتخابات منتصف المدة للكونغرس كما الانتخابات الرئاسية في خضم حرب أهلية؛ وديكتاتورية بمعنى أن لينكولن تجاوز أحياناً حدود القوانين والدستور المدون في فترة الأزمة القومية تلك. إعتمد فرانكلين روزفلت أيضاً على السلطات الامتيازية قبل دخول الولايات المتحدة طرفاً في الحرب العالمية الثانية. عقد اتفاقية تنفيذية مع بريطانيا العظمى لاستبدال المدمرات القديمة بقواعد بحرية، وهي مناورة ساعدت بدرجة كبيرة قوافل السفن البريطانية التي تبحر في المحيط الأطلسي ناقلة المواد الحربية. بعكس المعاهدة، لا تتطلب الاتفاقية التنفيذية موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ولهذا السبب استعمل روزفلت هذا الشكل من الاتفاقية الدولية استناداً إلى سلطته الامتيازية.
عندما يستعمل رئيس سلطة امتيازية وينجح في ذلك، يُحدث "ردّة فعل إيجابية": يتوحد حزبه والشعب الأميركي خلفه، تنقسم المعارضة في أحيان كثيرة وتفقد ثقة الناس. تتم المصادقة والتصديق على شرعية المبادرة من خلال قرارات تشريعية أو قضائية لاحقة. وبعكس ذلك، عندما تقيدّ المحاكم عمل رئيس، كما حدث عند مصادرة الرئيس ترومان لمصانع الفولاذ خلال الحرب الكورية، وحجز نيكسون للأموال لتنفيذ برامج داخلية، يواجه عمل الرئيس "ردّة فعل سلبية". من المحتمل ان يُصدر الكونغرس تشريعاً يزيد من صعوبة استعمال الرئيس لسلطته الامتيازية. وهكذا تبع خسارة نيكسون في المحاكم تشريع قانون فرض حصول الرئيس على موافقة الكونغرس إذا أراد تأجيل أو إلغاء التخصيصات المالية التي وافق عليها الكونغرس. نتج عن متابعة الحرب في فيتنام من قبل الرئيسين ليندون جونسون ونيكسون حصول ردّة فعل سلبية ضد السلطات الحربية الرئاسية وتمرير الكونغرس لقانون السلطات الحربية لعام 1973 الذي أعطى بموجبه الكونغرس لنفسه السلطة، في ظروف معيّنة، بأن يطلب من الرئيس سحب القوات العسكرية الأميركية من الحروب. لكن المحاكم الفدرالية تمنّعت عن إصدار أوامر تطلب من الرؤساء سحب القوات العسكرية من الحروب رغم أنه رُفعت عدة دعاوى قانونية ضد الرؤساء ريغان، وبوش، وكلينتون من قبل أعضاء في الكونغرس. حكمت المحاكم بدلاً من ذلك أنه ما لم يرفع الكونغرس ككل دعوى فإنها لن تنظر في الدعاوى المرفوعة من قبل أعضاء فرديين في الكونغرس.
وهكذا فإن الرئاسة تعمل ضمن نظام من "الضوابط والتوازنات" تم تصميمه لتمكين كل مؤسسة وطنية الحد من سلطة المؤسسات الأخرى. يحق للرئيس نقض قوانين يصدرها الكونغرس، إما استناداً إلى أسس دستورية أو سياسية، ولا يمكن إلغاء هذا النقض دون موافقة ثلثي الأصوات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. لا يُعطي ذلك للرئيس سلطة لتقييد الكونغرس فحسب بل يمكنّه أيضا وبصورة مسبقة "الموازنة" بين المصالح التشريعية (خاصة إذا كان حزب المعارضة يسيطر على الكونغرس) وأولوياته الخاصة، بما أن بإمكانه التهديد بنقض قانون يَدرس المجلس التشريعي إصداره. في هذه الحالة، يتوجب على الكونغرس أن يأخذ مصالحه في الاعتبار قبل التصديق على إجراء قانوني لمنع ممارسة الرئيس حق النقض. يمارس الرئيس تقييداته على المحاكم الفدرالية استناداً لسلطته في تعيين قضاة للمحكمة العليا وللمحاكم الفدرالية: إن التأثير التراكمي لسلطة التعيين هذه هو توجيه رأي الكثير من القضاة الفدراليين نحو تفسيرات الرئيس للقانون الدستوري والقانون التشريعي كلما ازداد عدد القضاة الذين يعيّنهم. ولكن الضوابط والتوازنات تقّيد الامتيازات الرئاسية أيضاً. فمثلاً يجب أن يتطابق أي أمر تنفيذي رئاسي مع القانون، وإلاّ لن تأمر المحاكم الفدرالية بتطبيقه. ويجب أن توافق الأغلبية في مجلس الشيوخ على التعيينات الرئاسية لمناصب عالية المستوى. كما تخضع سلطة الرئاسة في الدخول في معاهدات إلى "مشورة وموافقة" ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. يخضع أي أمر تنفيذي رئاسي أو اتفاق تنفيذي (مع دولة أخرى) لسلطة المراجعة القضائية التي تملكها المحكمة الفدرالية في إبطال الأمر وإلغاء الاتفاق على أساس أنه مخالف للدستور.
* الاتهام الجنائي والعزل
أن أهم الضوابط على الرئيس تشمل الحاجة الى اتخاذ "الاحتياطات الإضافية" من الاتهام الجنائي والعزل "لجرائم وجنح كبرى". إنه مصطلح قانوني أُخذ من الممارسة البريطانية المستندة على "تعليقات حول قانون إنجلترا" بقلم اللورد بلاكستون. استناداً إلى بلاكستون يعني مصطلح "جريمة كبرى" جريمة ضد الدولة كالجناية العظمى، في حين يشير مصطلح "جنحة كبرى" إلى قبول رشوة ذات أهمية أو سوء إدارة مهم. لا يعتبر النظام الدستوري الأميركي بوجوب عزل الرئيس لفقدانه ثقة المجلس التشريعي (كما يحصل في الأنظمة البرلمانية عندما يصوت البرلمان بسحب الثقة).
يتم الاتهام الجنائي للرئيس (يماثل توجيه التهمة إليه) استناداً إلى تصويت الأغلبية في مجلس النواب. يتبع ذلك محاكمة الرئيس أمام مجلس الشيوخ الذي ينعقد برئاسة رئيس المحكمة العليا للولايات المتحدة. تصل العقوبة فقط إلى العزل من المنصب مع أن من المحتمل أن توجه التهمة للرئيس ليحاكم أمام محكمة قضائية بغض النظر عما إذا نتج عن الاتهام الإدانة أو البراءة.
افترض واضعو الدستور أنهم بجعل الاتهام الجنائي للرئيس صعباً فقد لا يتم اللجوء إليه إلاّ في حالات نادرة، وكانوا على حق. واجه ثلاثة رؤساء في التاريخ الأميركي المحاكمات البرلمانية: أندرو جاكسون الذي حصل على البراءة بأغلبية صوت واحد في العام 1868 لانتهاكه قانون ممارسة منصب الرئاسة (الذي ينص على منع الرئيس من عزل وزير في الوزارة قبل أن يوافق مجلس الشيوخ على خلف له)؛ وريتشارد نيكسون الذي استقال عام 1974 بعد أن أوصت اللجنة القضائية في مجلس النواب باتهامه لقيامه بتغطية جرائم متصلة بسرقات الأشرطة في ووترغيت؛ وبيل كلينتون الذي برأه مجلس الشيوخ في العام 1999 بعد اتهامه من قبل مجلس النواب بالكذب وعرقلة العدالة في شهادته في دعوى أُقيمت في محكمة مدنية ضده.
* السلطة الامتيازية
رغم أن السلطة الرئاسية تبدو مطوقة بالتقييدات الدستورية وبصعوبات العمل مع مؤسسات نظيرة يتمكن الرئيس من إيجاد طريق للالتفاف حول هذه الصعوبات. في بعض الظروف يدعي الرؤساء امتلاكهم لسلطات امتيازية بالاستناد إلى قراءتهم الشخصية للدستور. متسلحين بهذه السلطات، فإنهم يتخذون قرارات من جانب واحد لحل نزاعات سياسية خطيرة أو لإدارة الأزمات، ثم يبررون أعمالهم أمام الكونغرس والشعب الأميركي فيما بعد مدافعين عن مشروعية ما قاموا به (حقهم في ممارسة السلطة) والسلطة لأعمالهم (حكمة سياساتهم).
منذ قيام الدولة حلّت السلطة الامتيازية للرئيس نزاعات مهمة. أعلن جورج واشنطن من جانب واحد الحياد في الحرب البريطانية الفرنسية في أوائل العقد التسعيني من القرن الثامن عشر، رغم عدم وجود ما يمنحه بصراحة سلطة عمل ذلك في الدستور. اشترى توماس جفرسون مقاطعة لويزيانا من فرنسا العام 1803 رغم عدم وجود شيء في الدستور يمنح للحكومة القومية سلطة شراء مقاطعات. أكد اندرو جاكسون سلطة عزل أعضاء في وزارته فارضاً السيادة الرئاسية داخل الإدارات التابعة للسلطة التنفيذية رغم أن الدستور لا يذكر سلطة العزل. مارس إبراهام لينكولن سلطة واسعة جداً جعلت العالم السياسي كلنتون روسيتر من جامعة كورنيل يصف فترة رئاسة لينكولن بأنها "ديكتاتورية دستورية": دستورية بمعنى أنه تمّ إجراء الانتخابات منتصف المدة للكونغرس كما الانتخابات الرئاسية في خضم حرب أهلية؛ وديكتاتورية بمعنى أن لينكولن تجاوز أحياناً حدود القوانين والدستور المدون في فترة الأزمة القومية تلك. إعتمد فرانكلين روزفلت أيضاً على السلطات الامتيازية قبل دخول الولايات المتحدة طرفاً في الحرب العالمية الثانية. عقد اتفاقية تنفيذية مع بريطانيا العظمى لاستبدال المدمرات القديمة بقواعد بحرية، وهي مناورة ساعدت بدرجة كبيرة قوافل السفن البريطانية التي تبحر في المحيط الأطلسي ناقلة المواد الحربية. بعكس المعاهدة، لا تتطلب الاتفاقية التنفيذية موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ولهذا السبب استعمل روزفلت هذا الشكل من الاتفاقية الدولية استناداً إلى سلطته الامتيازية.
عندما يستعمل رئيس سلطة امتيازية وينجح في ذلك، يُحدث "ردّة فعل إيجابية": يتوحد حزبه والشعب الأميركي خلفه، تنقسم المعارضة في أحيان كثيرة وتفقد ثقة الناس. تتم المصادقة والتصديق على شرعية المبادرة من خلال قرارات تشريعية أو قضائية لاحقة. وبعكس ذلك، عندما تقيدّ المحاكم عمل رئيس، كما حدث عند مصادرة الرئيس ترومان لمصانع الفولاذ خلال الحرب الكورية، وحجز نيكسون للأموال لتنفيذ برامج داخلية، يواجه عمل الرئيس "ردّة فعل سلبية". من المحتمل ان يُصدر الكونغرس تشريعاً يزيد من صعوبة استعمال الرئيس لسلطته الامتيازية. وهكذا تبع خسارة نيكسون في المحاكم تشريع قانون فرض حصول الرئيس على موافقة الكونغرس إذا أراد تأجيل أو إلغاء التخصيصات المالية التي وافق عليها الكونغرس. نتج عن متابعة الحرب في فيتنام من قبل الرئيسين ليندون جونسون ونيكسون حصول ردّة فعل سلبية ضد السلطات الحربية الرئاسية وتمرير الكونغرس لقانون السلطات الحربية لعام 1973 الذي أعطى بموجبه الكونغرس لنفسه السلطة، في ظروف معيّنة، بأن يطلب من الرئيس سحب القوات العسكرية الأميركية من الحروب. لكن المحاكم الفدرالية تمنّعت عن إصدار أوامر تطلب من الرؤساء سحب القوات العسكرية من الحروب رغم أنه رُفعت عدة دعاوى قانونية ضد الرؤساء ريغان، وبوش، وكلينتون من قبل أعضاء في الكونغرس. حكمت المحاكم بدلاً من ذلك أنه ما لم يرفع الكونغرس ككل دعوى فإنها لن تنظر في الدعاوى المرفوعة من قبل أعضاء فرديين في الكونغرس.
رد: سلطات الرئاسة
قيادة السياسة الداخلية
لا يأتي الرؤساء عادةً إلى الرئاسة حاملين تفويضات شعبية واسعة لإجراء التغيير، باستثناء الأوقات الاقتصادية الصعبة أو في الأزمات العسكرية. إذ لا يكون للرؤساء عادةً تأثير على نتيجة باقي الانتخابات (الممارسة التي تجعل الذين صوتوا للرئيس يصوتون أيضاً لغيره من أعضاء حزبه المرشحين لعضوية الكونغرس)، ومن المحتمل أن يكون معظم أعضاء الكونغرس قد فازوا بمناصبهم لدى أحزابهم بهامش أعلى (وعادة بعدد أكبر من الأصوات) مما حصل عليه الرئيس في دوائرهم الانتخابية للكونغرس. بالإضافة إلى ذلك، لا يسيطر الرؤساء على هيكلية السلطة في الكونغرس: إذ لا يقررون من سيكون زعيما الحزبيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولا يحددون شكل تكوين اللجان الدائمة أو اختيار رؤساء هذه اللجان. كما لا يرأسون الاجتماعات التشريعية للحزب التي تقرر استراتيجية الحزب. يعمل الرؤساء على أساس دورة انتخابية لمدة أربع سنوات. وإذ يفكرون في إمكانيات إعادة انتخابهم، فمن المحتمل أن يطالبوا بإجراءات تتطلب التضحية في وقت مبكر من مدة رئاستهم، بحيث يتمكنوا من تقديم "السلع المطلوبة" إلى الناخبين خلال السنتين اللتين تسبقان إعادة انتخابهم. وهكذا، إذا كانت هناك ضرورة إجراءات التقشف فإنهم يقترحون تطبيقها خلال أولى سنوات رئاستهم. بالمقابل، يتم اختيار أعضاء الكونغرس على أساس دورة من سنتين أو ست سنوات: يخضع كافة أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ لإعادة الانتخاب بعد انقضاء سنتين على فترة الرئاسة، ولهذا فإن الدعوات للتقشف والتضحية التي يطلقها الرئيس قد تضع أعضاء من حزبه في خطر خلال انتخابات منتصف الولاية للكونغرس.
يفقد حزب الرئيس دائماً بعض المقاعد تقريباً في انتخابات منتصف الولاية للكونغرس. عادة يفقد الحزب حتى 20 مقعداً في السنة الثانية من المدة الرئاسية وحتى 40 مقعداً في السنة السادسة. ليس هناك الشيء الكثير الذي يمكن للرئيس أن يقوم به لعكس هذه الاتجاهات. إذا كان الرئيس قد أدى عمله بصورة جيدة خلال رئاسته فنادراً ما يؤدي ذلك إلى دعم لأعضاء حزبه في انتخابات منتصف المدة للكونغرس؛ أما إذا كان قد تصرّف بصورة سيئة خلال رئاسته فإن ذلك يُترجم بارتداد من الناخبين المؤيدين لحزبه إلى الحزب المعارض. لذلك قد يرى أعضاء الكونغرس الأكثر تعرضاً للخطر من حزب الرئيس أنه يشكل عائقاً أمام فرص إعادة انتخابهم.
يحصل الرؤساء عادةً على الكثير مما يريدونه خلال سنتهم الرئاسية الأولى (فترة "شهر العسل"). ومن المفارقات أن تكون تلك السنة هي الوقت الذي كانوا يملكون فيه أقل درجة من الخبرة والمعرفة حول ما يجب عليهم القيام به. ومع تراكم الخبرة تتكوّن لديهم فكرة أفضل حول كيفية تحقيق أهدافهم، لكنهم يواجهون عندها مفارقة ساخرة بأن أصبح لديهم عدد أقل من المؤيدين في الكونغرس للتصويت على برامجهم إذ تقل عادةً نسبة نجاحهم في الكونغرس بمرور فترة الرئاسة. أما بالقرب من نهاية فترة رئاستهم، خاصة إذا كان الكونغرس يخضع لسيطرة الحزب المعارض، فقد يجد الرؤساء بأن مقترحاتهم حول الموازنة كما تعييناتهم للمناصب العالية في الدولة وفي السلطة القضائية الاتحادية "تموت عند وصولها" إلى كابيتول هيل (أي الكونغرس).
* الفـدرالــية
إن النظام الأميركي هو نظام فدرالي وليس نظاما وحدويا. يعني ذلك أن الحكام والمجالس التشريعية في الولايات يمثلون سيادة المواطنين في الولايات، الأمر الذي ينشئ سيادة مزدوجة إحداها للولاية والأخرى قومية. استناداً إلى المادة السادسة من الدستور فإن سلطات السيادة القومية هي التي تسود، إذ أن الدستور، والقوانين، والمعاهدات هي التي تتقدم دستور الولاية وقوانينها. كما أن على المسؤولين في كل من الولاية والدولة أداء قسم رسمي عند تسلمهم مهماتهم بدعم الدستور القومي والقوانين القومية حتى لو كان ذلك على حساب دساتير وقوانين الولايات التي ينتمون إليها.
لكن سلطات الولايات لا تخضع لسيطرة الرئيس أو لإدارات الحكومة القومية. ففي حين أنبعض البرامج التي يدعمها الرئيس يُمكن أن تطبّق بالكامل من قبل المسؤولين الفدراليين لكن في معظم الحالات تحتاج البرامج الداخلية التي يريدها البيت الأبيض إلى التعاون بين الدولة الفدرالية، والولاية، والمنطقة، والمسؤولين المحليين لكي تنجح. وبما أن أولوياتهم هؤلاء تختلف عادة عن أولويات الرئيس، فقد يتم في معظم الأوقات تحويل المبادرات القومية إلى مبادرات فدرالية ومبادرات محلية في نفس الوقت لتعكس الأوضاع الشعبية الأساسية.
* قيادة السياسة الدبلوماسية وسياسة الأمن القومي
منذ بداية الحرب العالمية الثانية استفاد الرؤساء من اتجاهات عديدة عززت سلطتهم في توجيه الشؤون الخارجية وأضعفت سلطة الكونغرس، أما لجهة التأثير أو لإعاقة السياسات الخارجية. سيطر فرانكلين روزفلت وخلفاؤه على معلومات الاستخبارات الحيوية للتعامل مع الأعداء في الحرب الباردة واستطاعوا في أحيان كثيرة إقناع أعضاء الكونغرس بوجوب منحهم الاستفادة من قرينة الشك في الشؤون المتعلقة بالأمن القومي. استخدم الرؤساء السلطات الامتيازية التي طالبوا بها بموجب الدستور كما السلطات التفويضية الواسعة الممنوحة إليهم من قبل الكونغرس خلال وبعد الحرب العالمية الثانية.
بلغت هذه الفترة من السلطة الرئاسية في مجال الشؤون الخارجية ذروتها في ما أسماه بعض المراقبين "بالرئاسات الإمبريالية" لليندون جونسون وريتشارد نيكسون بسبب استعمالها الموسع للسلطة الامتيازية لقيادة الحرب في فيتنام. ترك التصعيد الأولي لتلك الحرب العديد من أعضاء الكونغرس والشعب الأميركي في الظلام حول الأهداف الأميركية؛ كما اعتمدت التصعيدات الحربية اللاحقة في لاوس وكمبوديا على السلطة الامتيازية. في نهاية الأمر أوقف الكونغرس كافة التمويلات للحرب في الهند الصينية في صيف عام 1973 (عندما كانت كمبوديا ما زالت تتعرض للقصف الجوي)، ولكن تحرك الكونغرس جاء فقط بعد أن أنهت اتفاقات السلام في باريس النشاطات الحربية الأميركية في فيتنام.
وفي ما بعد نتج عن ردة الفعل السلبية ضد الرئاسة الإمبريالية صدور تشريع يعطي الكونغرس دوراً في نشر القوات المسلحة الأميركية القتالية التي لا تحتاج إلى إعلان رسمي للحرب (قانون سلطات الحرب لعام 1973)، والذي الزم الرئيس بإطلاع الكونغرس على نشاطات الاستخبارات الخاصة التي تشمل العمل السري (قانون الإشراف على الاستخبارات لعام 1980). اشترطت قوانين أخرى عدم إبقاء الاتفاقات الرئاسية المبرمة مع دول أخرى مكتومة عن الكونغرس وأن أي التزام قومي للولايات المتحدة يتطلب إعلاناً من الكونغرس كما من الرئاسة. في الثمانينات من القرن الماضي زاد الكونغرس الديمقراطي من صعوبة التدخل العسكري للرئيس الجمهوري في أميركا الوسطى كما فرض الكونغرس الجمهوري تقييدات على الرئيس الديمقراطي في التسعينات من ذاك القرن وذلك من خلال منع تسديد الديون المستحقة للمؤسسات الدولية المتعددة الأطراف وللأمم المتحدة.
تم وصف فترة ما بعد حرب فيتنام أحياناً بأنها فترة رئاسة "ما بعد الحداثة"، وهي فترة تميّزت بانتهاء التأييد المشترك للحزبين للسياسة الخارجية، ووضع حد لخضوع الكونغرس إلى مبادرات السلطة التنفيذية. واليوم، يتوجب على الرئيس، في الشؤون الخارجية كما في الشؤون الداخلية، الحصول على دعم الكونغرس أو على الأقل موافقته، وإلا فلن تنجح مبادراته في الأمد الطويل. وكما هو الحال في الشؤون الداخلية، يعني ذلك ان قدرة الرئيس في الإقناع، وليس الاعتماد على سلطاته الامتيازية، غالباً ما تكون حاسمة في تحديد نجاح أو فشل سياساته.
* مـبادئ عامــة
قد تكون التجربة الأميركية مع السلطة الرئاسية مفيدة لدول أخرى. ان السلطة الرئاسية، الى حد كبير، هي "القدرة على إقناع" الكونغرس والشعب الأميركي بدعم التغييرات المهمة في السياسة العامة، وهذا النظام يعمل بطريقة شبه برلمانية. لكن الرئاسة هي أيضاً أداة للسلطة الامتيازية التي تتواجد عندما يتمكن رئيس منتخب يملك دعماً حزبياً وشعبياً محدوداً من استخدام سلطته الدستورية، لمدة محدودة من الوقت، في حل قضية وطنية مستعجلة. حدث ذلك مع الرئيس جاكسون عام 1832 عندما مَنع ولاية كاليفورنيا الجنوبية من عدم الالتزام بقوانين الجمارك الفدرالية. وحدث ذلك مع الرئيس لينكولن عام 1860 عندما فرض تطبيق القانون الفدرالي ضد الولايات الانفصالية مما أدّى الى اندلاع الحرب الأهلية. حدث ذلك مع فرانكلين روزفلت في العام 1940 وعام 1941 عندما عزّز التحالف مع البريطانيين والروس ضد دول المحور.
تظهر هذه التجارب فائدة الالتباس في لغة الدستور الأميركي، هذا الالتباس الذي سمح للرئيس بممارسة سلطات واسعة غير محددة القيود لمواجهة حالة طارئة دون حصرها ضمن تقييدات تعيق السلطة التنفيذية وتمنع اتخاذ إجراءات حاسمة لكن تبقى الأسئلة الأساسية حول السلطة التنفيذية في دولة ديمقراطية: كيف يتمكن شعب ان يمنع رئيساً متسلحاً بسلطة امتيازيه كبيرة من أن يصبح ديكتاتوراً؟ كيف يستطيع المجتمع إصلاح السلطة التنفيذية؟ تقوم الفكرة الأميركية على المحافظة على حكومة مقيّدة، ودستورية وديمقراطية من خلال المبادئ التالية: الفصل الجزئي للسلطات كي تتمكن مؤسسات أخرى من المشاركة في صنع السياسة الروتينية؛ إقامة الضوابط والتوازنات لمنع ممارسة أي سلطة لفترة طويلة دون خضوعها لمراجعة تشريعية وقضائية حول شرعيتها؛ اعتماد الفدرالية بحيث أنه في حال فشل المؤسسات القومية يمكن للولايات أن تعمل؛ اعتماد الديمقراطية بحيث يظل الرئيس وحزبه مسؤولين أمام الناخبين خلال فترات محددة. في نظام ديمقراطي حقيقي، يمكن التغلّب على الطريق المسدود أو الشلل السياسي من خلال إما التصويت بعدم الثقة أو الدعوة لإجراء انتخابات جديدة. في النظام الأميركي، الذي يعتمد فترة رئاسية محددة وتواريخ محددة لإجراء الانتخابات، فإن أخطار التوقف التام أو حدوث مأزق تكون قائمة دوماً ولكن يمكن تخفيف تلك الأخطار إما بواسطة الممارسة الصحيحة للسلطة الامتيازية أو من خلال عملية بناء الإجماع عبر القيادة الرئاسية للكونغرس والرأي العام.
قبل أي أمر آخر، تعمل الرئاسة ضمن إطار ثقافة سياسية تنزل عند إرادة مركز الرئاسة وبنفس الوقت تشكك بالسلطة التنفيذية التي يستخدمها الرئيس. بموجب نظام الفصل بين السلطات، لا تجسد الرئاسة سيادة الدولة. فالرؤساء ليسوا ملوكاً مطلقي الصلاحيات وليسو فوق القانون. أكدت المحاكم أنه ليس هناك رئيس حصينا من دعوى قضائية شخصية وهو في منصبه الرئاسي. وعلى الرؤساء المنتخبين تقديم شهادات أمام المحاكم إذا طلب القضاة منهم ذلك كما أنهم يخضعون للإجراءات القضائية. وفي حين ان لدينا قوانين تسمح للشرطة السرية بالتحقيق مع، وتوقيف الذين يوجهّون تهديدات مباشرة إلى الرئيس، فلا نملك قوانين تجعل من عدم إظهار الاحترام لمركز الرئاسة، أو لمن يشغلها، جريمة يُعاقِب عليها القانون، ولا توجد أي قوانين تمنع الصحافة أو الأحزاب المعارضة من الانتقاد المباشر للرئيس أو لأعضاء إدارته. ان الثقافة السياسية الأميركية تدعو إلى إظهار الاحترام الكبير لمركز الرئاسة، ولكن الشك السليم حول ممارسته لسلطة هذا المركز هي ربما العامل الأكثر أهمية في حصر الرئاسة ضمن حدود الحكم الدستوري.
المقال و قراءات إضافية باللغة الإنجليزية
معلومات عن كاتب المقال:
ريتشارد أم. بيوس هو أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة أدولف وإيفي أوكس، يرأس دائرة العلوم السياسية في جامعة برنارد، وأستاذ في كلية الدراسات العليا للفنون والعلوم في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.
لا يأتي الرؤساء عادةً إلى الرئاسة حاملين تفويضات شعبية واسعة لإجراء التغيير، باستثناء الأوقات الاقتصادية الصعبة أو في الأزمات العسكرية. إذ لا يكون للرؤساء عادةً تأثير على نتيجة باقي الانتخابات (الممارسة التي تجعل الذين صوتوا للرئيس يصوتون أيضاً لغيره من أعضاء حزبه المرشحين لعضوية الكونغرس)، ومن المحتمل أن يكون معظم أعضاء الكونغرس قد فازوا بمناصبهم لدى أحزابهم بهامش أعلى (وعادة بعدد أكبر من الأصوات) مما حصل عليه الرئيس في دوائرهم الانتخابية للكونغرس. بالإضافة إلى ذلك، لا يسيطر الرؤساء على هيكلية السلطة في الكونغرس: إذ لا يقررون من سيكون زعيما الحزبيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولا يحددون شكل تكوين اللجان الدائمة أو اختيار رؤساء هذه اللجان. كما لا يرأسون الاجتماعات التشريعية للحزب التي تقرر استراتيجية الحزب. يعمل الرؤساء على أساس دورة انتخابية لمدة أربع سنوات. وإذ يفكرون في إمكانيات إعادة انتخابهم، فمن المحتمل أن يطالبوا بإجراءات تتطلب التضحية في وقت مبكر من مدة رئاستهم، بحيث يتمكنوا من تقديم "السلع المطلوبة" إلى الناخبين خلال السنتين اللتين تسبقان إعادة انتخابهم. وهكذا، إذا كانت هناك ضرورة إجراءات التقشف فإنهم يقترحون تطبيقها خلال أولى سنوات رئاستهم. بالمقابل، يتم اختيار أعضاء الكونغرس على أساس دورة من سنتين أو ست سنوات: يخضع كافة أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ لإعادة الانتخاب بعد انقضاء سنتين على فترة الرئاسة، ولهذا فإن الدعوات للتقشف والتضحية التي يطلقها الرئيس قد تضع أعضاء من حزبه في خطر خلال انتخابات منتصف الولاية للكونغرس.
يفقد حزب الرئيس دائماً بعض المقاعد تقريباً في انتخابات منتصف الولاية للكونغرس. عادة يفقد الحزب حتى 20 مقعداً في السنة الثانية من المدة الرئاسية وحتى 40 مقعداً في السنة السادسة. ليس هناك الشيء الكثير الذي يمكن للرئيس أن يقوم به لعكس هذه الاتجاهات. إذا كان الرئيس قد أدى عمله بصورة جيدة خلال رئاسته فنادراً ما يؤدي ذلك إلى دعم لأعضاء حزبه في انتخابات منتصف المدة للكونغرس؛ أما إذا كان قد تصرّف بصورة سيئة خلال رئاسته فإن ذلك يُترجم بارتداد من الناخبين المؤيدين لحزبه إلى الحزب المعارض. لذلك قد يرى أعضاء الكونغرس الأكثر تعرضاً للخطر من حزب الرئيس أنه يشكل عائقاً أمام فرص إعادة انتخابهم.
يحصل الرؤساء عادةً على الكثير مما يريدونه خلال سنتهم الرئاسية الأولى (فترة "شهر العسل"). ومن المفارقات أن تكون تلك السنة هي الوقت الذي كانوا يملكون فيه أقل درجة من الخبرة والمعرفة حول ما يجب عليهم القيام به. ومع تراكم الخبرة تتكوّن لديهم فكرة أفضل حول كيفية تحقيق أهدافهم، لكنهم يواجهون عندها مفارقة ساخرة بأن أصبح لديهم عدد أقل من المؤيدين في الكونغرس للتصويت على برامجهم إذ تقل عادةً نسبة نجاحهم في الكونغرس بمرور فترة الرئاسة. أما بالقرب من نهاية فترة رئاستهم، خاصة إذا كان الكونغرس يخضع لسيطرة الحزب المعارض، فقد يجد الرؤساء بأن مقترحاتهم حول الموازنة كما تعييناتهم للمناصب العالية في الدولة وفي السلطة القضائية الاتحادية "تموت عند وصولها" إلى كابيتول هيل (أي الكونغرس).
* الفـدرالــية
إن النظام الأميركي هو نظام فدرالي وليس نظاما وحدويا. يعني ذلك أن الحكام والمجالس التشريعية في الولايات يمثلون سيادة المواطنين في الولايات، الأمر الذي ينشئ سيادة مزدوجة إحداها للولاية والأخرى قومية. استناداً إلى المادة السادسة من الدستور فإن سلطات السيادة القومية هي التي تسود، إذ أن الدستور، والقوانين، والمعاهدات هي التي تتقدم دستور الولاية وقوانينها. كما أن على المسؤولين في كل من الولاية والدولة أداء قسم رسمي عند تسلمهم مهماتهم بدعم الدستور القومي والقوانين القومية حتى لو كان ذلك على حساب دساتير وقوانين الولايات التي ينتمون إليها.
لكن سلطات الولايات لا تخضع لسيطرة الرئيس أو لإدارات الحكومة القومية. ففي حين أنبعض البرامج التي يدعمها الرئيس يُمكن أن تطبّق بالكامل من قبل المسؤولين الفدراليين لكن في معظم الحالات تحتاج البرامج الداخلية التي يريدها البيت الأبيض إلى التعاون بين الدولة الفدرالية، والولاية، والمنطقة، والمسؤولين المحليين لكي تنجح. وبما أن أولوياتهم هؤلاء تختلف عادة عن أولويات الرئيس، فقد يتم في معظم الأوقات تحويل المبادرات القومية إلى مبادرات فدرالية ومبادرات محلية في نفس الوقت لتعكس الأوضاع الشعبية الأساسية.
* قيادة السياسة الدبلوماسية وسياسة الأمن القومي
منذ بداية الحرب العالمية الثانية استفاد الرؤساء من اتجاهات عديدة عززت سلطتهم في توجيه الشؤون الخارجية وأضعفت سلطة الكونغرس، أما لجهة التأثير أو لإعاقة السياسات الخارجية. سيطر فرانكلين روزفلت وخلفاؤه على معلومات الاستخبارات الحيوية للتعامل مع الأعداء في الحرب الباردة واستطاعوا في أحيان كثيرة إقناع أعضاء الكونغرس بوجوب منحهم الاستفادة من قرينة الشك في الشؤون المتعلقة بالأمن القومي. استخدم الرؤساء السلطات الامتيازية التي طالبوا بها بموجب الدستور كما السلطات التفويضية الواسعة الممنوحة إليهم من قبل الكونغرس خلال وبعد الحرب العالمية الثانية.
بلغت هذه الفترة من السلطة الرئاسية في مجال الشؤون الخارجية ذروتها في ما أسماه بعض المراقبين "بالرئاسات الإمبريالية" لليندون جونسون وريتشارد نيكسون بسبب استعمالها الموسع للسلطة الامتيازية لقيادة الحرب في فيتنام. ترك التصعيد الأولي لتلك الحرب العديد من أعضاء الكونغرس والشعب الأميركي في الظلام حول الأهداف الأميركية؛ كما اعتمدت التصعيدات الحربية اللاحقة في لاوس وكمبوديا على السلطة الامتيازية. في نهاية الأمر أوقف الكونغرس كافة التمويلات للحرب في الهند الصينية في صيف عام 1973 (عندما كانت كمبوديا ما زالت تتعرض للقصف الجوي)، ولكن تحرك الكونغرس جاء فقط بعد أن أنهت اتفاقات السلام في باريس النشاطات الحربية الأميركية في فيتنام.
وفي ما بعد نتج عن ردة الفعل السلبية ضد الرئاسة الإمبريالية صدور تشريع يعطي الكونغرس دوراً في نشر القوات المسلحة الأميركية القتالية التي لا تحتاج إلى إعلان رسمي للحرب (قانون سلطات الحرب لعام 1973)، والذي الزم الرئيس بإطلاع الكونغرس على نشاطات الاستخبارات الخاصة التي تشمل العمل السري (قانون الإشراف على الاستخبارات لعام 1980). اشترطت قوانين أخرى عدم إبقاء الاتفاقات الرئاسية المبرمة مع دول أخرى مكتومة عن الكونغرس وأن أي التزام قومي للولايات المتحدة يتطلب إعلاناً من الكونغرس كما من الرئاسة. في الثمانينات من القرن الماضي زاد الكونغرس الديمقراطي من صعوبة التدخل العسكري للرئيس الجمهوري في أميركا الوسطى كما فرض الكونغرس الجمهوري تقييدات على الرئيس الديمقراطي في التسعينات من ذاك القرن وذلك من خلال منع تسديد الديون المستحقة للمؤسسات الدولية المتعددة الأطراف وللأمم المتحدة.
تم وصف فترة ما بعد حرب فيتنام أحياناً بأنها فترة رئاسة "ما بعد الحداثة"، وهي فترة تميّزت بانتهاء التأييد المشترك للحزبين للسياسة الخارجية، ووضع حد لخضوع الكونغرس إلى مبادرات السلطة التنفيذية. واليوم، يتوجب على الرئيس، في الشؤون الخارجية كما في الشؤون الداخلية، الحصول على دعم الكونغرس أو على الأقل موافقته، وإلا فلن تنجح مبادراته في الأمد الطويل. وكما هو الحال في الشؤون الداخلية، يعني ذلك ان قدرة الرئيس في الإقناع، وليس الاعتماد على سلطاته الامتيازية، غالباً ما تكون حاسمة في تحديد نجاح أو فشل سياساته.
* مـبادئ عامــة
قد تكون التجربة الأميركية مع السلطة الرئاسية مفيدة لدول أخرى. ان السلطة الرئاسية، الى حد كبير، هي "القدرة على إقناع" الكونغرس والشعب الأميركي بدعم التغييرات المهمة في السياسة العامة، وهذا النظام يعمل بطريقة شبه برلمانية. لكن الرئاسة هي أيضاً أداة للسلطة الامتيازية التي تتواجد عندما يتمكن رئيس منتخب يملك دعماً حزبياً وشعبياً محدوداً من استخدام سلطته الدستورية، لمدة محدودة من الوقت، في حل قضية وطنية مستعجلة. حدث ذلك مع الرئيس جاكسون عام 1832 عندما مَنع ولاية كاليفورنيا الجنوبية من عدم الالتزام بقوانين الجمارك الفدرالية. وحدث ذلك مع الرئيس لينكولن عام 1860 عندما فرض تطبيق القانون الفدرالي ضد الولايات الانفصالية مما أدّى الى اندلاع الحرب الأهلية. حدث ذلك مع فرانكلين روزفلت في العام 1940 وعام 1941 عندما عزّز التحالف مع البريطانيين والروس ضد دول المحور.
تظهر هذه التجارب فائدة الالتباس في لغة الدستور الأميركي، هذا الالتباس الذي سمح للرئيس بممارسة سلطات واسعة غير محددة القيود لمواجهة حالة طارئة دون حصرها ضمن تقييدات تعيق السلطة التنفيذية وتمنع اتخاذ إجراءات حاسمة لكن تبقى الأسئلة الأساسية حول السلطة التنفيذية في دولة ديمقراطية: كيف يتمكن شعب ان يمنع رئيساً متسلحاً بسلطة امتيازيه كبيرة من أن يصبح ديكتاتوراً؟ كيف يستطيع المجتمع إصلاح السلطة التنفيذية؟ تقوم الفكرة الأميركية على المحافظة على حكومة مقيّدة، ودستورية وديمقراطية من خلال المبادئ التالية: الفصل الجزئي للسلطات كي تتمكن مؤسسات أخرى من المشاركة في صنع السياسة الروتينية؛ إقامة الضوابط والتوازنات لمنع ممارسة أي سلطة لفترة طويلة دون خضوعها لمراجعة تشريعية وقضائية حول شرعيتها؛ اعتماد الفدرالية بحيث أنه في حال فشل المؤسسات القومية يمكن للولايات أن تعمل؛ اعتماد الديمقراطية بحيث يظل الرئيس وحزبه مسؤولين أمام الناخبين خلال فترات محددة. في نظام ديمقراطي حقيقي، يمكن التغلّب على الطريق المسدود أو الشلل السياسي من خلال إما التصويت بعدم الثقة أو الدعوة لإجراء انتخابات جديدة. في النظام الأميركي، الذي يعتمد فترة رئاسية محددة وتواريخ محددة لإجراء الانتخابات، فإن أخطار التوقف التام أو حدوث مأزق تكون قائمة دوماً ولكن يمكن تخفيف تلك الأخطار إما بواسطة الممارسة الصحيحة للسلطة الامتيازية أو من خلال عملية بناء الإجماع عبر القيادة الرئاسية للكونغرس والرأي العام.
قبل أي أمر آخر، تعمل الرئاسة ضمن إطار ثقافة سياسية تنزل عند إرادة مركز الرئاسة وبنفس الوقت تشكك بالسلطة التنفيذية التي يستخدمها الرئيس. بموجب نظام الفصل بين السلطات، لا تجسد الرئاسة سيادة الدولة. فالرؤساء ليسوا ملوكاً مطلقي الصلاحيات وليسو فوق القانون. أكدت المحاكم أنه ليس هناك رئيس حصينا من دعوى قضائية شخصية وهو في منصبه الرئاسي. وعلى الرؤساء المنتخبين تقديم شهادات أمام المحاكم إذا طلب القضاة منهم ذلك كما أنهم يخضعون للإجراءات القضائية. وفي حين ان لدينا قوانين تسمح للشرطة السرية بالتحقيق مع، وتوقيف الذين يوجهّون تهديدات مباشرة إلى الرئيس، فلا نملك قوانين تجعل من عدم إظهار الاحترام لمركز الرئاسة، أو لمن يشغلها، جريمة يُعاقِب عليها القانون، ولا توجد أي قوانين تمنع الصحافة أو الأحزاب المعارضة من الانتقاد المباشر للرئيس أو لأعضاء إدارته. ان الثقافة السياسية الأميركية تدعو إلى إظهار الاحترام الكبير لمركز الرئاسة، ولكن الشك السليم حول ممارسته لسلطة هذا المركز هي ربما العامل الأكثر أهمية في حصر الرئاسة ضمن حدود الحكم الدستوري.
المقال و قراءات إضافية باللغة الإنجليزية
معلومات عن كاتب المقال:
ريتشارد أم. بيوس هو أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة أدولف وإيفي أوكس، يرأس دائرة العلوم السياسية في جامعة برنارد، وأستاذ في كلية الدراسات العليا للفنون والعلوم في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.
مواضيع مماثلة
» المتنافسون على الرئاسة يركزون في الانتخابات التمهيدية على نا
» طائرة الرئاسة تنقل مشجعي منتخب السنغال إلى غانا
» طلاب الرئاسة الأميركية يلجأون إلى الإنترنت في حملاتهم الانتخ
» المرشحون الأقل حظوة لناحية الفوز في انتخابات الرئاسة يمكن أن
» مرشحو الرئاسة الأميركية ينشرون بيانات عن تمويل حملتهم الانتخ
» طائرة الرئاسة تنقل مشجعي منتخب السنغال إلى غانا
» طلاب الرئاسة الأميركية يلجأون إلى الإنترنت في حملاتهم الانتخ
» المرشحون الأقل حظوة لناحية الفوز في انتخابات الرئاسة يمكن أن
» مرشحو الرئاسة الأميركية ينشرون بيانات عن تمويل حملتهم الانتخ
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: تقارير أمريكية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى