الخمسة في المئة وتكاليف المعيشة
صفحة 1 من اصل 1
الخمسة في المئة وتكاليف المعيشة
د.زين العابدين بري
ما صدر عن مجلس الوزراء من قرارات لم تكن مرضية للبعض في بعض جوانبها نظرا لأن بعض تلك القرارات خالفت التوقعات التي انتظرها الكثير من موظفي القطاع الحكومي. أخص بالذكر اعتقاد تلك الفئة أن زيادة رواتب موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين وكذلك متقاعدي القطاع الحكومي يجب أن تكون كبيرة، مع أن القرار الحكومي كان واضحا حين أشار إلى أن تلك الزيادة المتواضعة ليست زيادة في الرواتب ،وإنما هي تعويض عن الغلاء الذي صاحب ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات خلال الأشهر الماضية في السعودية.
بمعنى آخر هو تعويض عن الضرر الذي لحق بالمواطن السعودي نتيجة للارتفاع في الأسعار خلال الفترة الماضية. وبما أن الزيادة في الأسعار كانت في المتوسط 4,1في المئة خلال العام المنصرم فإن الزيادة المطلوبة في الرواتب لهدف التعويض كانت فقط 5في المئة حسب القرار المذكور ( مع أن الزيادة كانت 10في المئة لأصحاب الدخول الضعيفة أي أولئك المشمولين بالضمان الاجتماعي) ، بالإضافة إلى العديد من القرارات التي تخفف وطأة غلاء الأسعار على المواطن السعودي بصورة عامة.
وإذا ما ركزنا لوهلة على أحد قرارات مجلس الوزراء وهو ما يتعلق بالزيادة في الرواتب فإنه، وفي اعتقادي، كان قرارا متوازنا وحكيما لأسباب سبق أن أثرتها في مناسبات عدة كما سبق أن أثيرت من عدد لا بأس به من أصحاب الفكر والمعرفة في الحقل. فهناك من كان يتوقع، مدفوعا بالعاطفة وربما التقليد، أن الزيادة في الرواتب يجب أن تتراوح ما بين 30 -40في المئة. واعتقد أن الزيادة بهذه النسبة إذا ما تمت فإنها ستكون زيادة غير محسوبة لأنه قد يترتب عليها أضرار تشمل من يحصل على تلك الزيادة وتلحق معه غيره من المواطنين.
و أنا أجزم بأن السبب الرئيس للارتفاعات المتواصلة في الأسعار التي شهدها الاقتصاد السعودي في الأشهر القليلة الماضية هو الإنفاق المتواصل والعالي لكلا القطاعين العام والخاص بفرعيه الاستهلاكي والاستثماري. فالإنفاق الحكومي زاد في ست سنوات بمقدار 300في المئة من 150 بليون ريال في العام 2001 إلى 450 بليون ريال في العام 2007. وكلا الإنفاقين الاستثماري لقطاع الأعمال والاستهلاكي للقطاع العائلي زائدا بنسب عالية نتيجة للسيولة المتوفرة لكلا القطاعين المذكورين خلال الفترة نفسها. ويكفي أن ندلل على ذلك بالقول إن مقدار السيولة في الاقتصاد السعودي قد ارتفع من 150 بليون ريال إلى 300 بليون ريال.
كل هذه النفقات المتزايدة ولّدت بلا شك طلبا متزايدا على السلع والخدمات. والقاعدة المعروفة التي لا تغيب عن ذهن الجميع مهما اختلفت درجات ثقافتهم هو أن زيادة الطلب على العرض لا بد وأن تؤدي إلى الزيادة في الأسعار ( يعني تضخما). وحيث أن ميزانية العام الحالي أبقت على زخم الإنفاق الحكومي على حاله ، كما أن زخم الإنفاق الاستثماري للقطاع الخاص السعودي بقي مرتفعا،فإن الزيادات المتتالية في الطلب الكلي بقيت كما هي مما قد يبقي الضغوط التضخمية على حالها على الأقل لفترة معينة من الزمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل كان من المفروض أن ينجر مجلس الوزراء الموقر وراء العاطفة ويرضخ لمطالب البعض بوجوب الزيادة في الرواتب والأجور بنسبة تزيد عن ال 30في المئة؟.لو حصل ذلك فإنه كان من المتوقع أن الزيادة في الرواتب ستصل إلى ما يزيد على 70 مليار ريال سنويا، وذلك إذا ما سلمنا أن الرواتب والأجور في ميزانية الدولة تبلغ 180 بليون ريال سنويا، وان مقدار الزيادة إذا ما اعتمدت ستصل إلى ثلث ذلك المبلغ. بمعنى آخر أننا سنزيد ميزانية المستهلك من موظفي الدولة فقط بمقدار 70 بليون ريال سنويا. وإذا ما تم إنفاق 90في المئة من هذا المبلغ فإن الإنفاق الكلي، ومن ثم الطلب الكلي، سيزيد بمبلغ 63 مليار ريال سنويا.
بمعنى آخر فإننا بذلك نزيد من سكب الزيت على النار ونزيد بذلك من قوى الطلب الكلي ومن ثم التضخم وارتفاع الأسعار إلى مستويات أبعد مما تشهده القوائم الرئيسة لتكاليف المعيشة في الوقت الحاضر. و بلا شك كانت هناك أصوات تنادي على الجانب الآخر، بعدم زيادة الرواتب لأن مثل تلك الزيادة إذا ما حدثت سيتولد منها ضرر ليس فقط على من تلقى الزيادة في الإنفاق الحكومي وإنما ستشمل أيضا كافة فئات المجتمع.
لذا أظن أن مجلس الوزراء الموقر اتخذ قرارا مدروسا وبحكمة بالغة وذلك في ما يتعلق بهذه الزيادة وكيفية التعامل معها ، بالإضافة إلى العديد من القرارات المساعدة التي تصب جميعها في مصلحة المواطن .واخص منها بالذكر تلك التي توفر له السكن المناسب مستقبلا مثل قرار التفعيل العاجل لهيئة الإسكان، وتوفير الدعم المناسب للإسكان الشعبي،و تفعيل الرهن العقاري. والمطلوب من المواطن في المرحلة القادمة أن يتخذ من القرارات والإجراءات ما يساعد الدولة على التحكم في الأمور مثل الترشيد في الاستهلاك،وتوجيه الاستهلاك نحو البدائل،وفوق هذا وذاك الثقة التامة بالقرارات التي تتخذها حكومته.
عضو مجلس الشورى / اكاديمي سابق
بمعنى آخر هو تعويض عن الضرر الذي لحق بالمواطن السعودي نتيجة للارتفاع في الأسعار خلال الفترة الماضية. وبما أن الزيادة في الأسعار كانت في المتوسط 4,1في المئة خلال العام المنصرم فإن الزيادة المطلوبة في الرواتب لهدف التعويض كانت فقط 5في المئة حسب القرار المذكور ( مع أن الزيادة كانت 10في المئة لأصحاب الدخول الضعيفة أي أولئك المشمولين بالضمان الاجتماعي) ، بالإضافة إلى العديد من القرارات التي تخفف وطأة غلاء الأسعار على المواطن السعودي بصورة عامة.
وإذا ما ركزنا لوهلة على أحد قرارات مجلس الوزراء وهو ما يتعلق بالزيادة في الرواتب فإنه، وفي اعتقادي، كان قرارا متوازنا وحكيما لأسباب سبق أن أثرتها في مناسبات عدة كما سبق أن أثيرت من عدد لا بأس به من أصحاب الفكر والمعرفة في الحقل. فهناك من كان يتوقع، مدفوعا بالعاطفة وربما التقليد، أن الزيادة في الرواتب يجب أن تتراوح ما بين 30 -40في المئة. واعتقد أن الزيادة بهذه النسبة إذا ما تمت فإنها ستكون زيادة غير محسوبة لأنه قد يترتب عليها أضرار تشمل من يحصل على تلك الزيادة وتلحق معه غيره من المواطنين.
و أنا أجزم بأن السبب الرئيس للارتفاعات المتواصلة في الأسعار التي شهدها الاقتصاد السعودي في الأشهر القليلة الماضية هو الإنفاق المتواصل والعالي لكلا القطاعين العام والخاص بفرعيه الاستهلاكي والاستثماري. فالإنفاق الحكومي زاد في ست سنوات بمقدار 300في المئة من 150 بليون ريال في العام 2001 إلى 450 بليون ريال في العام 2007. وكلا الإنفاقين الاستثماري لقطاع الأعمال والاستهلاكي للقطاع العائلي زائدا بنسب عالية نتيجة للسيولة المتوفرة لكلا القطاعين المذكورين خلال الفترة نفسها. ويكفي أن ندلل على ذلك بالقول إن مقدار السيولة في الاقتصاد السعودي قد ارتفع من 150 بليون ريال إلى 300 بليون ريال.
كل هذه النفقات المتزايدة ولّدت بلا شك طلبا متزايدا على السلع والخدمات. والقاعدة المعروفة التي لا تغيب عن ذهن الجميع مهما اختلفت درجات ثقافتهم هو أن زيادة الطلب على العرض لا بد وأن تؤدي إلى الزيادة في الأسعار ( يعني تضخما). وحيث أن ميزانية العام الحالي أبقت على زخم الإنفاق الحكومي على حاله ، كما أن زخم الإنفاق الاستثماري للقطاع الخاص السعودي بقي مرتفعا،فإن الزيادات المتتالية في الطلب الكلي بقيت كما هي مما قد يبقي الضغوط التضخمية على حالها على الأقل لفترة معينة من الزمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل كان من المفروض أن ينجر مجلس الوزراء الموقر وراء العاطفة ويرضخ لمطالب البعض بوجوب الزيادة في الرواتب والأجور بنسبة تزيد عن ال 30في المئة؟.لو حصل ذلك فإنه كان من المتوقع أن الزيادة في الرواتب ستصل إلى ما يزيد على 70 مليار ريال سنويا، وذلك إذا ما سلمنا أن الرواتب والأجور في ميزانية الدولة تبلغ 180 بليون ريال سنويا، وان مقدار الزيادة إذا ما اعتمدت ستصل إلى ثلث ذلك المبلغ. بمعنى آخر أننا سنزيد ميزانية المستهلك من موظفي الدولة فقط بمقدار 70 بليون ريال سنويا. وإذا ما تم إنفاق 90في المئة من هذا المبلغ فإن الإنفاق الكلي، ومن ثم الطلب الكلي، سيزيد بمبلغ 63 مليار ريال سنويا.
بمعنى آخر فإننا بذلك نزيد من سكب الزيت على النار ونزيد بذلك من قوى الطلب الكلي ومن ثم التضخم وارتفاع الأسعار إلى مستويات أبعد مما تشهده القوائم الرئيسة لتكاليف المعيشة في الوقت الحاضر. و بلا شك كانت هناك أصوات تنادي على الجانب الآخر، بعدم زيادة الرواتب لأن مثل تلك الزيادة إذا ما حدثت سيتولد منها ضرر ليس فقط على من تلقى الزيادة في الإنفاق الحكومي وإنما ستشمل أيضا كافة فئات المجتمع.
لذا أظن أن مجلس الوزراء الموقر اتخذ قرارا مدروسا وبحكمة بالغة وذلك في ما يتعلق بهذه الزيادة وكيفية التعامل معها ، بالإضافة إلى العديد من القرارات المساعدة التي تصب جميعها في مصلحة المواطن .واخص منها بالذكر تلك التي توفر له السكن المناسب مستقبلا مثل قرار التفعيل العاجل لهيئة الإسكان، وتوفير الدعم المناسب للإسكان الشعبي،و تفعيل الرهن العقاري. والمطلوب من المواطن في المرحلة القادمة أن يتخذ من القرارات والإجراءات ما يساعد الدولة على التحكم في الأمور مثل الترشيد في الاستهلاك،وتوجيه الاستهلاك نحو البدائل،وفوق هذا وذاك الثقة التامة بالقرارات التي تتخذها حكومته.
عضو مجلس الشورى / اكاديمي سابق
مواضيع مماثلة
» منظمة العمل العربية توصي بمجالس عليا تعنى بالأجور وتكاليف المعيشة
» براون: تجارتنا مع الصين ستزداد 50 في المئة
» وزير: مصر على الطريق لتحقيق نمو اكبر من سبعة في المئة
» الحل في بدل المعيشة
» تقرير اقتصادي: 892مليار دولار حجم سوق إدارة المرافق في منطقة الخليج العربي خلال الخمسة والعشرين عاماً المقبلة
» براون: تجارتنا مع الصين ستزداد 50 في المئة
» وزير: مصر على الطريق لتحقيق نمو اكبر من سبعة في المئة
» الحل في بدل المعيشة
» تقرير اقتصادي: 892مليار دولار حجم سوق إدارة المرافق في منطقة الخليج العربي خلال الخمسة والعشرين عاماً المقبلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى