بحاثة أوروبي يلقي نظرة على العولمة ضمن سياق تاريخي

من طرف dreamnagd الأحد فبراير 03, 2008 1:10 pm

بحاثة أوروبي يلقي نظرة على العولمة ضمن سياق تاريخي
(هيرمان فن دير في يقول إن العولمة تحدث في موجات)

من المحرر فيليب كوراتا
واشنطن، 30 كانون الثاني/يناير، 2008- يرى البحاثة البلجيكي، هيرمان فن دير في (Herman Van der Wee)، الذي يعتبر حجة في حقل تاريخ الاقتصاد أن العولمة ما هي إلا كلمة جديدة لعملية قديمة ما زالت مستمرة منذ قرون.

فقد قال في محاضرة بعنوان "العولمة الاقتصادية في مرآة التاريخ،" ألقاها في مكتبة الكونغرس في واشنطن في 17 كانون الثاني/يناير، إن العولمة بدأت في أوروبا إبان الحضارتين القديمتين الإغريقية والرومانية وتوجت بدمج سوقي حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقة شمال غرب أوروبا معاً وتوحيدهما. وأشار إلى أن تلك الموجة من العولمة انتهت بالغزو الجرماني للإمبراطورية الرومانية. ولم يتطرق المؤرخ الاقتصادي إلى ظاهرة العولمة في مناطق أخرى نتيجة للفتوحات العربية، بل قصر ملاحظاته على ظاهرة العولمة الأوروبية.

وقد بدأت موجة العولمة التالية في أوروبا في القرن الحادي عشر واستمرت حتى منتصف القرن الرابع عشر، عندما تزعم الأثرياء من أصحاب الأراضي الزراعية ثورة تجارية رفعت الإنتاجية الزراعية وولدت فائضاً عاد بالفائدة على الفلاحين وأبناء الطبقة الأرستقراطية على حد سواء. وفي نفس تلك الفترة، أدت الإصلاحات الدينية إلى تنظيم المناطق الريفية في أبرشيات، مما أدى بدوره إلى ازدياد كفاءة الإنتاج الزراعي والتوصل إلى آليات اجتماعية لتقليل النزاعات. واكتسب أصحاب الأراضي في تلك الفترة أيضاً سلطة سياسية وعسكرية وقانونية. وقد استفاد أصحاب الأراضي والفلاحون أيضاً من فائض الإنتاج الزراعي، مما أدى إلى توسع الأسواق.

وقال فن دير في إنه كان للحروب، وخاصة حرب المئة عام بين إنجلترا وفرنسا التي كانت جان دارك أشهر المحاربين فيها، تأثير كارثي على التجارة في القارة الأوروبية (باستثناء الجزر البريطانية) في الفترة الممتدة من منتصف القرن الرابع عشر حتى منتصف القرن الخامس عشر. وقد حصد الطاعون أرواح معظم سكان أوروبا في تلك الفترة وأدى الخوف من المرض إلى تقلص السفر. ولكنه أضاف أن التجارة البحرية ازدهرت رغم ذلك في المدن/الموانئ الأوروبية مثل البندقية في إيطاليا في الجنوب وبروج في البلجيك في الشمال.

ومضى البحاثة البلجيكي إلى القول إن العولمة دخلت، بعد تسوية الصراعات العسكرية، حقبة مكثفة من التوسع امتدت حتى أواسط القرن السابع عشر. وقد ظهرت في تلك الفترة الطوابع البريدية في أوروبا وانخفضت تكاليف استخدام وسائل النقل كثيرا. وكانت البرتغال تقوم آنذاك باستكشاف ساحل منطقة إفريقيا الغربية بحثاً عن العبيد والذهب. وأوضح أن سرعة انتقال المعلومات ازدادت في تلك الحقبة مما أدى هو أيضاً إلى تعزيز التجارة.

وخلص المؤرخ الاقتصادي في محاضرته إلى أن العولمة ليست أمراً حديثاً كما أنها لا تتطور على شكل خط مستقيم. ويجب ألا يشعر المرء بالدهشة إذا ما انتهت موجة توحيد السوق العالمية الحالية وبدأت فترة طويلة من الانكماش. وأشار في ذلك السياق إلى أن المركنتلية (وهي نظام أوروبي نشأ لدى تفسخ الإقطاعية لتعزيز ثروة الدولة من خلال التنظيم الحكومي الصارم للاقتصاد بهدف تطوير التجارة والزراعة وإنشاء الاحتكارات التجارية الخارجية)، وهي الفلسفة الاقتصادية التي ظلت مهيمنة من أواسط القرن السادس عشر حتى أواسط القرن السابع عشر، كانت ردة فعل على العولمة، بشكل مماثل لكون الحمائية (التوجه لحماية الإنتاج الوطني) هي ردة فعل على تحرير الأسواق اليوم.