الشريعة الإسلامية وحقوق المستهلكين
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
الشريعة الإسلامية وحقوق المستهلكين
* اشتملت الشريعة الإسلامية على مجموعة من القواعد لحماية المستهلك من نفسه أولا، ثم من المنتج والتاجر الوسيط، وكذلك من ولي الأمر، وهي لو طبقت تطبيقا شاملا لحققت الخير للمنتج والمستهلك وللفرد والمجتمع.
فالإسلام دين شامل ومنهج حياة يوازن بين متطلبات الروح من العبادات ومتطلبات الجسد من الماديات، يربط الحياة الدنيا بالآخرة؛ ومن دعائمه نظام اقتصادي متميز يعتمد على السوق الحرة النظيفة الخالية من المحرمات والخبائث، وقادر على تحقيق التنمية الشاملة للإنسان ليعمر الأرض ويعبد الله على بصيرة.
المستهلك هو من يستعمل المنتجات لإشباع حاجات إنسانية، سواء أكان الشيء موضوع الاستهلاك مما يفنى باستعمال واحد، كالمأكول، والمشروب، والدواء، أو كان مما لا يفنى إلا باستعمالات متعددة، متتابعة، عن طريق الاندثار الجزئي، كالملبس، ووسيلة النقل والمشاهد والصور، في الواقع أو في وسائل الإعلام وغيرها.
وحماية المستهلك تعني استعمال المجتمع المسلم لوسائل شرعية تحفظ مصلحة المستهلك، الآنية والمستقبلية، في المواد، وفي المشاهد والصور، وفي أدوات المعرفة والتوجيه والإيحاء، وفي هذا السياق حرصت الحضارة الإسلامية على توفير الحماية اللازمة للمستهلك في كل هذه المجالات، يقول الإمام أحمد بن تيمية: (يأمر المحتسب بالجمعة، والجماعات.
وبصدق الحديث، وأداء الأمانات، وينهي عن المنكرات كالكذب، والخيانة، وما يدخل في ذلك من تطفيف المكيال، والميزان، والغش في الصناعات، والبياعات، والديانات، ونحو ذلك). ويقول الإمام ابن قيم الجوزية: (يجب عليه (ولي الأمر) منع النساء من الخروج متزينات، متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات، كالثياب الواسعة، والرقاق، ويقول أيضاً (لا ضمان في تحريق الكتب المضلة، وإتلافها). ( رسالة التقريب ـ 34. 35 )
ويتسم المستهلك المسلم الصالح الورع الملتزم بشرع الله بسلوك سوي عند اختيار ما يشتريه، ومن الضوابط الشرعية التي تحكمه في هذا المقام أنه يبدأ بشراء الضروريات ثم الحاجيات ثم الكماليات، ولا يسرف ولا يبذر عند الشراء، ولا يقلد الغير تقليدا أعمى، كما أنه يتجنب شراء المحرمات والخبائث، ملتزما بقول الله عز وجل (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)، وقوله تبارك وتعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كل ما شئت، واشرب ما شئت دون سرف أو مخيلة).
ولا يمكن أن يوجد هذا المستهلك المنضبط بشرع الله إلا عن طريق التنشئة الصالحة تربية وتعليما على المنهج الإسلامي؛ فنحن في حاجة إلى تربية أولادنا وتعليمهم تجنب الحرام والإسراف والتبذير والترف والبذخ؛ فطفل اليوم هو مستهلك الغد، وطفلة اليوم هي ربة البيت في المستقبل.
وأمر الإسلام المنتج بتجنب إنتاج المحرمات والخبائث، كما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بإتقان الصنع مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه»، وعدم الغش «من غشنا فليس منا»، وترشيد النفقات حتى تكون الأسعار في متناول المستهلك العادي، ولا يبخس العامل أجره، كما لا يتعامل بالربا حتى لا تزيد النفقات.
إن التزام المنتج بهذه الضوابط الشرعية يحمي المستهلك من المحرمات والخبائث، كما أنه يحميه من السلع السيئة الرديئة، وكذلك من المنتجات المغشوشة والأسعار العالية، وهذا يحقق لكليهما الخير والبركة والربح والوفرة في النفقات؛ فهل يستطيع رجال الإنتاج في هذا الزمن أن يلتزموا بالقيم الإيمانية والأخلاقية كما التزم بذلك السلف الصالح؟!.. لو التزموا لارتفعت الجودة، وقلت نفقات الإنتاج وزاد ربحهم. ( د. حسين شحاته ـ مشروع إسلامي لحماية المستهلك ).
كما تضمنت الشريعة الإسلامية القواعد والأحكام التي تحكم المعاملات في الأسواق مع التجار؛ فقد أمر الإسلام بحرية المعاملات في الأسواق مع التجار، وأن تكون خالية من الغش والتدليس والمقامرة والجهالة والغرر والمعاملات الربوية وكل صيغ أكل أموال الناس بالباطل؛ فعلى سبيل المثال عندما حرمت الشريعة الإسلامية كل صور الربا، ومنها فوائد التمويل والقروض؛ فإنها بذلك تمنع ارتفاع التكاليف والأسعار بتلك الفوائد.
وحرمت الشريعة الغش والاحتكار لأنهما يؤديان لضياع الأموال وغلاء الأسعار وظلم المستهلك. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقا على الله أن يقعده من النار يوم القيامة)، وحرم الله بيع الغرر وغير ذلك من البيوع المحرمة.. كل هذا لحماية المستهلك وكذلك المنتج.
إن التزام التجار بالقواعد الشرعية لمعاملات في الأسواق يحقق الأمن للمستهلك ويحافظ له على ماله، وفي الوقت نفسه يبارك الله سبحانه وتعالى في مكسب التجار، ولكن أين التاجر المسلم الصادق الأمين الذي وعده بأن يكون مع الشهداء والصالحين يوم القيامة؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر بصدق)، وكذلك يقول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء).
المصدر : جريدة " البيان " الإماراتية.
مواضيع مماثلة
» الشريعة الإسلامية كمرجعية
» رئيس المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة في تركيا لتشجيع التجارة البينية الإسلامية
» بيان مشترك حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في بورما
» وزارة الخارجية الأميركية تربط بين تعنيف النساء وحقوق الإنسان
» انتفاضة المستهلكين والثورة على الأسعار
» رئيس المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة في تركيا لتشجيع التجارة البينية الإسلامية
» بيان مشترك حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في بورما
» وزارة الخارجية الأميركية تربط بين تعنيف النساء وحقوق الإنسان
» انتفاضة المستهلكين والثورة على الأسعار
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى