الأزمة الأخيرة لبورصات الخليج تعيد فتح ملف الارتباط بالدولار

رغم السيولة الهائلة الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، رددت أسواقها المالية صدى الانهيار الذي أصاب البورصات الأمريكية والآسيوية هذا الأسبوع، فتحركت المؤشرات نزولاً بما يشبه تأثير أحجار الدومينو، فسقطت تباعاً ضحية الأزمة.

وسجلت السوق السعودية أكبر الخسائر على الإطلاق، فهوت فاقدة قرابة 10 في المائة من قيمتها، في أكبر خسارة في جلسة واحدة بتاريخ السوق، فيما عادت المطالبات المرتفعة النبرة برفع أسعار صرف العملات الخليجية مقابل الدولار المتهاوي.

ورأى أنيس فرج، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لمنطقة الشرق الأوسط في بنك نومورا الاستثماري "الأمر يعكس حجم دخول المستثمرين العالميين إلى أسواق المنطقة خلال العام 2007.

وأضاف: "ما شهدناه هو عملية جني أرباح من مستثمرين تعرضوا للخسائر في أسواق أوروبا وأمريكا، وقد عوضوا بعض خسائرهم هنا."

وكان المصرف الاحتياطي الفيدرالي قد هز الأسواق العالمية الثلاثاء عندما قدم مقاربته الخاصة لتحفيز الأسواق، وذلك عندما قام بخفض الفائدة بثلاثة أرباع النقطة المائوية إلى 3.5 في المائة، في أقسى خطوة من نوعها منذ العام 1994، والأولى التي تتم باجتماع طارئ منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وكما نجح هذا التدبير الجذري في الأسواق الأمريكية، كان وقعه مشابهاً في أسواق الشرق الأوسط، حيث استردت الأسواق نقاطها المفقودة، لكن بعد تدخل المصارف المركزية الخليجية التي سارعت إلى السير على خطى واشنطن.

فخفضت السعودية وقطر والإمارات أسعار الفائدة الرئيسية، ويتوقع الخبراء أن تتبعهم سلطنة عُمان قريباً.

أما الكويت، فعلى الرغم من أنها فصلت دينارها عن الدولار الأمريكي، إلا أن مصرفها المركزي وجد نفسه مجبراً على خفض الفائدة أيضاً، وذلك للمرة الأولى منذ 18 شهراً.

وقد نقلت تقارير إعلامية عن محافظ المصرف المركزي الكويتي، الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، قوله إن الإجراء "يهدف إلى تقليص أي آثار سلبية قد تنجم عن الفارق الكبير بين أسعار الفائدة على الدينار الكويتي وأسعار فائدة سائر العملات العالمية."

ولكن ما قامت به المصارف الخليجية لتجنب الوقوع في مشكلة انهيار الأسواق المالية قد يوقعها في مشكلة أخرى لا تقل خطورة، تتمثل في التضخم، ذلك أن خفض الفائدة يقود إلى تدفق المزيد من السيولة في الأسواق، وهو أمر تحتاجه أمريكا ويحاول الخليج تجنبه.

وفي هذا الإطار، قال ماريوس ماراسيفتس، المدير الإقليمي للأبحاث في الشرق الأوسط لدى ستاندرد تشارترد: "نرى أن الشرق الأوسط يستورد سياسة مالية يطبقها المصرف الاحتياطي الفيدرالي بما يتناسب مع حاجات الولايات المتحدة."

وأضاف: "لسوء الحظ، ما يناسب الولايات المتحدة لا يناسب اقتصاد الخليج، وما يقلقني ليس المستويات الحالية للتضخم، بل المستويات المستقبلية المنتظر تسجيلها."

وقال ماراسيفتس، إن على دول الخليج، في حال لم تقرر فك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي، أن تفكر على الأقل في رفع أسعار الصرف.

وأضاف:" خطوة رفع أسعار الصرف ستساعد على سحب السيولة من النظام المالي، وهذا سيعتبر رسالة واضحة من دول الخليج إلى جميع شركائها بأنها على استعداد لمواجهة الضغوط التضخمية.

غير أن بعض التحليلات أشارت إلى أن أزمة الأسواق العالمية قد تكون بمثابة "فرصة منتظرة" للصناديق السيادية النشطة في الخليج، التواقة للاستحواذ على حصص في مؤسسات مالية ومصارف أمريكية وغربية.

وتأكداً على ذلك قال أنيس فرج: "عندما ترتفع المخاطر وتزداد فرص عدم الثبات في الأسواق، تندفع هذه الصناديق لدعم أسواق المال."

وكان بعض التقارير قد نقلت عن بدر السعد، العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية، ما يدل على أنه يعتبر الخسائر الجديدة للأسواق المالية "فرصة استثمارية،" فيما سارعت الرياض لأخذ حصتها من "كعكة" الصفقات، بعد أكدت الشائعات التي ترددت طويلاً عن نيتها تأسيس صندوق سيادي خاص.