أنماط المديرين في نظرتهم للتدريب
صفحة 1 من اصل 1
أنماط المديرين في نظرتهم للتدريب
هناك سؤالٌ مهم يطرح نفسه علي استحياء من حين لآخر في أوساط المشتغلين بالتدريب أو المعنيين عموماً بتنمية الموارد البشرية، ولكن للأسف ليست ثمة إجابة واضحة وحاسمة عليه، هذا السؤال هو: هل التدريب نشاط ضروري للمنشأة أم لا؟ وربما نعتقد للوهلة الأولى - ويشاركنا في ذلك الكثيرون - أن السؤال بسيط إن لم يكن يتسم بالسذاجة، خصوصاً عندما يٌطرح على مسامع من لهم بعض الدراية بأمور الإدارة سواء بطبيعة عملهم أو حتى بمجرد الإطلاع، ذلك لأنه من المسلم به لدى عموم الجماعة الإدارية أن نشاط تدريب القوى العاملة يمثل ضرورة لا غنى عنها للمنشآت طالما كانت تسعى إلي مواكبة أنماط الإنتاج والأداء المتطورة وملاحقة ما تعرضه من فرص حقيقية للاستقرار وتنمية الأعمال، لكن ما الذي يجعل نشاط التدريب ضرورياً في اعتقاد شخص معين وأقل ضرورة في اعتقاد شخص ثان ثم منعدم الضرورة في اعتقاد شخص ثالث؟ لعل الأمر كله مرتبط بمقدار الحاجة إلي التدريب والتي تتحدد بالمنفعة المرتقبة وهي المتغير الأساسي الحاكم هنا، فالشخص الأول ينتظر أن يحقق التدريب للمنشأة التي هو مسئول عنها منفعة ليست تتحقق بدونه ومن ثم تتعاظم حاجته إليه، والشخص الثاني بالمثل لا ينكر علي التدريب إمكانية تحقيق منافع معينة للمنشأة لكنه في الوقت ذاته يرى أن هذه المنافع يمكن أن تتحقق بصورة أكثر وضوحاً أو أكثر قابلية للقياس من خلال أنشطة أخرى ومن ثم فإن حاجته الملحة هنا للتدريب يخالطها الشك، أما الشخص الثالث فهو لا يعتقد على الإطلاق أن التدريب يعود بالمنفعة على المنشأة، ولذا فهو لا يستشعر وجود أي حاجة إليه..
إن هذا التقسيم الثلاثي لأنماط متخذي القرار في المنشآت بحسب تقديرهم للمنفعة المرتقبة من التدريب - على قدر بساطته - يساعد كثيراً في إبراز ضرورة التدريب أو تعميقها لدى كل من الأنماط الثلاثة.
فالنمط الأول من متخذي، الذي يتفاعل مع التدريب كضرورة عن قناعة بما يساهم به في تطوير نشاط منشآتهم، هذا النمط يحتاج دوماً لمزيد من الدعم حتى يمكن المحافظة على حجم القطاع المؤمن بإستراتيجية التدريب كخيار أساسي في عملية التطوير، ونتصور أن سبل الدعم هنا يجب أن ترتكز بشكل أساسي علي الآتي:-
@ المساعدة في المراجعة الدورية للإستراتيجية التدريبية القائمة واقتراح التطوير اللازم لها في ضوء ما يطرأ من تحولات في بيئة المنشأة الداخلية أو في محيط عملها .
@ المساعدة في وضع المشاريع التدريبية المناسبة وفق جدول للأولويات وفي ضوء الميزانيات المتاحة .
@ طرح الأنشطة التدريبية المناسبة لاحتياجات المنشآت أو التوجيه نحو أفضل مقدمي هذه الأنشطة داخلياً وخارجياً .
@ الإمداد بالوسائل التي يمكن بها قياس مردود التدريب وفي صور كمية كلما كان ذلك ممكناً لضمان استمرار الحصول على تأييد ودعم مجموعات اتخاذ القرار في المنشأة .
والنمط الثاني من متخذي القرار، ولنسميه النمط المحايد، قلنا أنه يرى التدريب - من حيث الهدف - نشاطاً يمكن في أحوال كثيرة الاستغناء عنه بأنشطة أخرى، إما أن تكون قائمة بالفعل فيتم تدعيمها وإما أن تكون غير قائمة فيتم استحداثها، فهو علي سبيل المثال لا ينكر على التدريب مساهمته المحتملة في زيادة المبيعات عبر تنمية مهارات جهاز البيع المباشر في منافذ التوزيع، لكنه يعتقد بقوة أن هدفاً كهذا، إنما يمكن تحقيقه بفاعلية أكبر وبنتائج مباشرة وملموسة من خلال بدائل كثيرة مثل الحوافز المادية لرجال البيع أو التوسع في سياسة الخصومات السعرية والعروض الخاصة أو حتى إعادة النظر في تشكيلة المنتجات .
وهذا النمط في الحقيقة يعد الأكثر خطورة في الواقع الإداري لأن لديه خلط غير عادي في المفاهيم الإدارية، وهو في أشد الحاجة إلي جرعات مركزة من الثقافة الإدارية لتغيير المفاهيم المتأصلة لديه، وإزالة الالتباس والغموض اللذين يعتريان فهمه للأنشطة الوظيفية المختلفة، وبيان كل من الحدود الفاصلة ونقاط التقاطع بينها، وعلاقات التأثير و التأثر التي تمارسها كل منها حيال الأخرى .
وهناك أكثر من وسيلة يمكن الاعتماد عليها لتغيير المفاهيم الإدارية غير الصحيحة لدي مجموعة المديرين من هذا النمط من بينها ما يلي:-
- المؤتمرات والندوات العلمية المعنية بالمجالات المختلفة للتنمية الإدارية وما تشهده من تطورات .
- اللقاءات المهنية للقادة الإداريين والتي تعقد في إطار أنشطة الجمعيات العلمية و المهنية .
- الإعلام الإداري المتخصص .
يبقي بعد ذلك النمط الثالث من المديرين الذين يرون أن نشاط التدريب غير ضروري، ولا حاجة للمنشآت إليه، بل هم يرون أن الإنفاق عليه يعد من قبيل الإسراف و يمثل عبء علي ميزانيات المنشآت يجب التخلص منه لأنه لا طائل من ورائه .
وهذا النمط وإن كان بعض أصحابه يتمتعون بالخبرة العملية إلا أنه تنقصهم المعرفة الإدارية ويحتاجون إلي إعداد علمي متكامل في الجوانب الأساسية للإدارة من خلال ما يعرف ببرامج إعادة التأهيل أو الإعداد الوظيفي للمديرين، وهي برامج حققت فيها غرفة الرياض نجاحاً مبهراً علي مدي سنوات طويلة من تقديمها واستطاعت أن تعد من خلاها فئات من شباب المديرين الواعين بأصول الفكر الإداري و تطبيقاته .
ولعلنا الآن نستطيع الإجابة عن السؤال الذي بدأنا به هذا المقال بصورة واقعية فنقول أن التدريب - بلا شك - من أهم الأنشطة اللازمة لاستمرار نجاح و تقدم المنشآت في وقتنا الحالي، ولكن المشاهدة الواقعية تبين أن هذه الأهمية ليست واضحة تماماً لدي بعض فئات المديرين لأسباب ذكرنا بعضها في هذه المقالة.
مواضيع مماثلة
» ليبي يرغب في العودة للتدريب في بداية موسم
» تأسيس معهد للتدريب على الأجهزة الإلكترونية في الرياض
» ماتيوس يخضع لبرنامج تمهيدا لحصوله على تصريح للتدريب
» "ركيزة" تبرم اتفاقية مع "أكسفورد" لإطلاق أول برنامج تعليمي لكبار المديرين وقادة الشركات
» تأسيس معهد للتدريب على الأجهزة الإلكترونية في الرياض
» ماتيوس يخضع لبرنامج تمهيدا لحصوله على تصريح للتدريب
» "ركيزة" تبرم اتفاقية مع "أكسفورد" لإطلاق أول برنامج تعليمي لكبار المديرين وقادة الشركات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى