التمركز الوظيفي والتنمية المتوازنة
صفحة 1 من اصل 1
التمركز الوظيفي والتنمية المتوازنة
د. محمد الكثيري
استطيع القول، أن موضوع التنمية المتوازنة هو أكثر الموضوعات تداولا في السنوات الأخيرة، إذ لا تخلو مطبوعة، أو قناة تلفزيونية، أو محطة إذاعية من الحديث عنه. بل إن أجهزة الدولة ومؤسساتها أصبحت تتحدث كثيراً عن هذا الموضوع، ويأتي قبل كل ذلك وبعده تأكيد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على هذا الأمر، بل وسعيه إلى تطبيقه على أرض الواقع، من خلال زياراته المتكررة إلى مختلف مناطق المملكة، وحثه الوزراء والمسؤولين على الاهتمام بموضوع التنمية المتوازنة، والعمل على دعمها وتفعيلها. كل هذا يأتي إدراكا بأهمية هذه النوع من التنمية، وانعكاسها على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بل وضرورتها لتقديم ما يتطلبه المواطن من خدمات تختلف نوعا وكما مع اختلاف الحياة وتعقدها.
وهذا الاهتمام، وتلك الزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، يتطلبان تفاعلاً واهتماماً من المسؤولين، ومتخذي القرار في أجهزتنا الحكومية. إذ يتطلب الأمر أن تكون تلك القرارات انعكاساً لهذه الرغبة واستجابة لها، كي نحقق توازن التنمية على أرض الواقع. ويأتي أهم تلك القرارات، العمل على خلق وظائف خارج المدن الرئيسة، وتشجيع المواطنين على الذهاب إلى تلك المناطق والعمل بها. إلا أن ما يتم، مع الأسف الشديد، هو العكس تماما، وتحديداً في حالة الترقيات الوظيفية، إذ غالباً ما يجبر سكان المدن الأخرى على الانتقال إلى المدن الرئيسة لمباشرة وظائفهم الجديدة. انه أمر يدعو للغرابة، بغض النظر عن الفلسفة الإدارية والتنظيمات الإجرائية، التي تتخذ حجة في هذا الموضوع. أن نرفع شعاراً يدعو للتنمية المتوازنة، وننادي أيضا بتشجيع الهجرة المعاكسة من المدن الرئيسة ،ومن ثم نجبر المواطنين على الانتقال، مع عوائلهم، إلى المدن الرئيسة، طلباً في تحسين وضعهم الوظيفي والمعيشي أيضا.
إنني هنا لن أتحدث عن فرص الترقي، التي تمنح للموظفين العاملين في المدن الرئيسة وتحديداً القريبين جداً من جهات خلق الوظائف، وهو مبدأ يخالف الدعوة إلى تشجيع المواطنين على السكن في المدن الأقل ازدحاماً واكتظاظاً بالسكان، وان كان هذا موضوع يستحق الحديث، ولكن اعني تحديداً أولئك المستقرين خارج المدن الرئيسة، والذين نجبرهم من خلال أنظمة إدارية لا تتصف بالمرونة، ولا تأخذ في الحسبان احتياجات المرحلة، أن يعودوا إلى المدن الرئيسة وكأننا ننادي بأمر ونناقضه عند التنفيذ. إن علينا - إن كنا جادين في تطبيق ما ندعو إليه - أن نجعل مدن المملكة ومناطقها الأخرى - خلاف المدن الرئيسة - جاذبة للمواطنين، وأولى خطوات ذلك الجذب، توفير الفرص الوظيفية والترقيات بمستوى يتناسب، إن لم يفق، ما يتم في المدن الرئيسة.
مواضيع مماثلة
» مبادرة الحفاظ على أميركا تربط بين التاريخ والتنمية الاقتصادي
» "الوساطة" تبدأ في تدريب 50موظفا لتطوير الذات في التعامل الوظيفي بالقطاع العقاري
» "الوساطة" تبدأ في تدريب 50موظفا لتطوير الذات في التعامل الوظيفي بالقطاع العقاري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى