لعب الأطفال عند العرب
صفحة 1 من اصل 1
لعب الأطفال عند العرب
يمكن اعتبار اللعب الذي يمارسه الأطفال بأشكاله وطرقه وضروبه المختلفة، أحد الركائز المعرفية لامتدادات الثقافة عبر الأجيال، لا بد أنها تنعكس وتداول أيضا بالتواتر، مثلها مثل الأسطورة، واللغة، والعادات، والمعارف، التقليدية، مما نسميه بالثقافة الجمعية، فهل للعب أطفال الأعراب علاقة بشكل أو بآخر بما يمارسه أطفالنا اليوم من لعب؟ لنتعرف على نماذج من هذا اللعب، مما يتيح لنا إجراء الإسقاطات اللازمة.
عظم وضّاح:
لعبة للصِّبيان بالليل وهي: أن يأخذوا عظماً أبيضاً شديد البياض، فيلقوه ثم يتفرقوا في طلبه، فمن وَجَده منهم ركب أصحابه، وتعرف هذه اللعبة لدى أطفال الجزيرة السورية إلى وقت قريب، وكانوا يسمونها لعبة (اشظيظ راح) ومن ضروبها لعبة (الحاح) وفي هذه اللعبة بدل العظم في لعبة عظم وضاح يكون عود من خشب مدبب الطرفين طوله حوالي خمسة وعشرين سنتيمترا يضربه أحدهم بعصاه على طرفه فيقفز ثم يليه بضربة أخرى فيبعده بينما يكون الصبية الآخرين في انتظار إسقاطه أو إعادته إليه بعصيهم فيقيسون المسافة التي سقط فيها الحاح عن مكان قذفه وإن لم يصبه أحد منهم، فإن اللاعب يحق له إبعاده أطول مسافة يقدر عليها عبر اللحاق به وضربه من طرفه فيردد أثناء كل ضربة أقوال مثل: (كُبَّ اللُّبة) فيرفعه ويقول: (إنتَ اللُّبة) فيقذفة، ثم يلحق به ويضربه مرة ثالثة ويقول (إثلث يا زين) ويضربه فيقيس مسافة إبعاده ويكون مقياسه: العصا التي ضرب بها الحاح، والرابح هو من أبعده أكثر .
الفِيالُ:
وهي بالتراب وذلك أنْ تُخْبئ فيه خَبِيء ثم يقسم نِصْفين فمن أصاب النَّصْف الذي فيه ذلك الخَبِيء قَمَر كما قسمَ التُّراْب المُفايِل باليَد، واللعب بالتراب له ضروب كثيرة ومختلفة ومنها
البُقَيرى:
وهي أيضاً بالتراب يقال بقر الصبيان [1] فهم يُبَقرون قال الأصمعي في رَجَزه كأنَّ آثار الظرابي تنْتقثْ حولك بُقَيْرَى الوليد المُنْتَحِثْ تراب ما هالَ عليك المُجْتدث المُجْتَدِث: القابر والجَدَث:القَبْر ومنها: الخَطْرة هي بالمخراق ومنها: خَراج وهي أنْ يُمْسك أحدهم شيئاً بيده ويقول لسائرهم اخرجوا ما في يدي وهي لعبة يشترك بها الكبار مع الأطفال وتسمى في الجزيرة السورية (الخويتيمة) من الخاتم الذي يخبئونه تحت أحد فناجين القهوة المرة ويسمى أيضا (الفنيجيلة) فيطلب من الفريق الثاني العثور علية ومنها:
لُعْبة الضَبّ:
وهو أنْ يُصَوَّر الضبّ في الأرض، ثم يُحَوّل أحدهم وجهه ويقال له ضَعْ يدك على صورة الضبّ ثم يقال له: على أيّ موضع من الضب وضعته فإنْ أصاب قَمَر
ذلك أن الأَعراب إذا أَرادوا صَيْد الظِّباء في الرمْل أَثاروها نِصْف النَّهار من تحت الشَجَر، فإذا رَمِضَتْ أظْلافُها في الرمْل نَصلَت فأَخذُوها بأَيديهم
الدِّرَْفلة [2]
إن النبىr مر على أصحاب الدِّرَ كْل’ فقال: خذُوا يا بني أرْفَد’ حتى يعلم اليهودُ والنصارى أن في ديننا فسحة. قال: فبينا هم كذلك إذ جاءه عمر، فلما رأوه اْبذَعَرّوا، الدَّرَكْلَة، والدِّرَقْلة بوزن الرِّبحْلَة: ضربُ من لعب الصبيان، وقد دَرْقلُوا دَرْقلة، دركل ومنه الحديث: إنه قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم فتية من الحبشة يُدَرْقُلون، درقل وفسر َيْرقُصون وقال شمر: قرئ على أبي عبيد وأنا شاهد الدِّرْكِلَة: وزن الشِّرْذمِة ويلعبها أطفال الجزيرة السورية باسم الدركلة.
الكُجَّة [3]
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في كلّ شيء قَمَارٌ حتى في لَعِبِ الصِّبْيَان بالكُجَّة . الكُجَّة، والبُكْسَة والتَّون: لعبة يأخذ الصبيُّ خِرْقة فيدوِّرها كأنها كُرَة ثم يتقامرون بها، وكجَّ الصبيّ، إذا لِعِبَ بالكُجَّة. وفـي حديث ابن عباس: فـي كل شيءٍ قِمارُ حتـى فـي لَعِب الصبـيان بالكُجَّةِ، وتسمّى هذه اللُّعْبَةُ فـي الـحضر باسمين: الـخِرْقَةُ يقال لها التُّونُ، والآجُرَّةُ يقال لها البُكْسةُ. يمارسها اليوم أطفال الجزيرة السورية من أبناء الأرياف ويردد الذي يدور بالخرقة أناشيد ويرددون معة مثل (الثعلب فات فات شو ذيلو سبع لفات)
البُحَّيْثى [4]
مثال خُـلَّـيْطَى: لعبة يلعبون بها بالتراب كالبحثة. وقال شمر: جاء فـي الـحديث أَن غلامين كانا يلعبان البحثةَ، وهو لعب بالتراب. قال: البَحْثُ الـمَعْدِنُ يُبْحَثُ فـيه عن الذَّهَبِ والفِضَّةِ. قال: والبُحاثَةُ التُّراب الذي يبحث عما يطلَبُ فـيه ويلعبها رعاة الأغنامفي الجزيرة مع الاطفال وتسمى (الخرميشة).
القُفَّـيْزى [5]
من لعب صبـيان الأَعراب يَنْصِبُونَ خَشَبَةً ثم يَتَقافَزُونَ علـيها، وهي معروفة لدى عموم الصبيان في المدن والقرى .
السَّدْو [6]
وهو من لعب الصبـيان بالـجوز الـمِزداة موضع ذلك والغالب علـيه الزاي يسدونه فـي الـحَفِـيرة زَدا الصَّبِـيُّ الـجوز وبالـجوزِ يزدو زدواً أَي لعِب ورمى به فـي الـحَفِـيرة وتلك الـحفـيرة هي الـمِزْداةُ يقال أَبعدِ الـمَدَى وازْدُهْ قال ابن بري قال يعقوب الزَّدَى: لزيادة من قولك أَزْدَى علـى كذا أَي زادَ علـيه قال كثـير له عَهْدُ وُدَ لَـمْ يُكَدَّرْ يَزينُه زَدَى قَوْلِ مَعْروفٍ حديثٍ ومزمنِ أَبو عبـيد الزَّدْو لغة فـي السَّدْو وهو مَدُّ الـيَدِ نـحوَ الشيء كما تَسْدُو الإِبلُ فـي سَيْرِها بأَيْدِيها ووتجلى هذه اللعبة لدى الصبيان اليوم بلعب كرات الزجاج الصغيرة المعروفة (بالكلل).
الهَبْهَاب [7]
الهَبْهَبُ: السريع، والهَبْهَبِـيُّ: الـحسن الـحداء، وهو أيضاً الـحسن الـخِدمة، وكل مـحسن مهنة، هَبْهَبِـيٌّ، وخَص بعضهم به الطباخ والشواء، و الهَبْهابُ: لعبة لصبـيان العراق، ولعبة لصِبْـيانِ الأعراب يسمونَها: الهَبْهَاب، ولا ندري ما طريقة اللعب بها، لكنها- بحسب اسمها- فأنها تتعلق بالعدو السريع والمطاردة.
الدُّسَّة [8]
قـيل الدَّسِيسُ: شبـيه بالـمُتَـجَسِّس، ويقال: انْدَسَّ فلان إِلـى فلان يأْتـيه بالنمائم: الدَّسَّاسُ من الـحيات الذي لا يدري أَيُّ طرفـيه رأْسه، وهو أَخبث الـحيات يَنْدَسُّ فـي التراب فلا يظهر للشمس، وهو علـى لون القُلْبِ من الذهب الـمُـحَلَّـى، والدُّسَّة: لعبة لصبـيان الأَعراب، ولعلهم يدسون خبىء في التراب فيبحث عنه فريق آخر منهم أن أحدهم يدس جسده في البيدر، مختبئا فيبحث عنه الآخرون وهي لا زالت مستمرة لدى صبية الأرياف في الجزيرة، وقد أتت من الذاكرة الجمعية التي نزعم دراستها.
عَيافٌ والطَّرِيدةُ [9]
لُعْبَتان لصِبْـيانِ الأَعرابِ، وقد ذكر الطرماح جَواريَ شَبَبْن عن هذه اللُّعَب فقال: قَضَتْ من عَيافٍ والطَّرِيدَة حاجَةً، فَهُنَّ إِلـى لَهْو الـحديث خُضُوعُ وروى إِسمعيل بن قـيس قال: سمعت الـمغيرةَ بن لسان شُعْبة يقول: لا تُـحَرِّمُ العَيْفةُ. قلنا: وما العَيْفة؟ قال: الـمرأَة تَلِدُ فـيُحْصَر لبَنُها فـي ثديها فتَرْضَعُه جارَتُها الـمرَّة والـمرتـين العَيْفةُ لا العُفَّة، ومعناه أَن جارتها ترضَعُها الـمرة والـمرتـين لـيتفتـح ما انسدَّ من مخارج اللبن، سمي عيفة لأَنها تَعافُه أَي تقذَرُه وتكرَهُه.
ونلاحظ من خلال استعراضنا للعب صبيان الأعراب أن الأدوات المستعملة قليلة وبسيطة تكاد لا تعدو التراب وبعض أدوات البيئة كالحصى والعيدان والعظام وإن قلة الأدوات البيئية يبعث على التأمل – كما ذهبنا بالزعم في فصل الأسطورة – وذلك يمنح البدوي الخيال الخصب والتأمل وقوة الملاحظة والفطنة والذكاء مرادفات العقل الناضج.
الحُقّة:
والخطة: لعبة لأطفال الأرياف في الجزيرة السورية وهي تخطيط على الأرض على هيئة مستطيلات ثمانية متجاورة فيقذفون فيها حجرا بالتوالى الأولى فالثانية وهكذا ثم يعيدونه وهم يتقافزون على رجل واحدة والذي لا تسقط حجرته على الخطوط أو تسقط رجله المرفوعة فيكون فائزا و يسمى حجّي والحج في اللغة الوصول.
الفنيجيلة والخويتيمة:
من الفنجان والخاتم وهي لعبة للصبيان والكبار على حد سواء، يلعبونها في ليالي الشتاء، حيث الفراغ والسمر، والخاتم خبء يضعونه تحت أحد فناجين القهوة المرة فعلى الفريق الآخر اكتشافه، وتعد هذه اللعبة من الرياضات الفكرية فتجد صاحب الفطنة يكتشف الخبء بحساباته الخاصة، وغالبا ما يكون هنالك شرط يدفعه الخاسر في اللعبة .
الصقلة:
لعل اسمها جاء من الحصى المصقولة، فيجمعها الصبي بقبضته، ثم يلقي بها على أرض مستوية بتراب ناعم فيحمل منها واحدة ويقذفها إلى الأعلى مسافة ذراع وبينما الحصاة في طريق العودة ثانية إلى الأرض يلتقط من الحصى ما استطاع قبل أن يتمكن من الإمساك بتلك الحصاة العائدة إلى الأرض، وبعد التقاط كافة الحصيات من الأرض يجعل إصبعيه الإبهام والسبابة على شكل قوس فيقذف بحصية إلى الأعلى بينما يخرج بقية الحصيات من ذلك القوس بيده الثانية وفي الآخر يجمع الحصيات كلها في قبضة يده دلالة على فوزه فيلعب آخر غيره وهكذا، وهي لعبة لرعاة الخراف الصغيرة في الربيع، وتفيد في تعلم مهارات السرعة وتمرين الأصابع والذراعين.
البويّته:
لعبة من الحصى يمارسها الصغار والكبار، في الربيع يحفرون في الأرض المعشبة الرطبة صفين متقابلين من الحفر الصغيرة في كل صف سبعة حفر، ويودعون كل حفرة سبعة حصيات، ويبدأ توزيع حصيات كل حفرة على جميع ما يليها وهكذا حتى يجتمع الحصى في عدد قليل منها أما الباقية فلا تكون خالية حيث يتبقى واحدة، أو اثنتان، أو ثلاثة . فإن انتهى التوزيع عندها يربحها الذي يبدأ التوزيع وفي النهاية يحصون ما جمعه كل فريق من الحصى فغالبا ما يكون متقاربا فإن كان الفرق واحدة يقول غلبتك (بكعود) وهو ولد الناقة وجوز يقصد زوج من الحصى وهكذا وهي لعبة يتعلم فيها الصبية الحساب.
الخزروف:
قرص من الصاج يجعلونه مثقبا ويديرونه بسرعة ومنه أشكال مختلفة فمنها يجعلونه مثبتا على عصا من مركزه بمسمار ويركض الصبي خلفه وقد وردت لعبة الخزروف في بيت امرؤ القيس يصف جواده:
فأردك لم يُجهد ولم يثن شأوه
يمر كخزروف الصبي المثقب [10]
والآن وقد اكتشفنا عبر الإسقاطات اللازمة على كل من النماذج التي وردت، أن ثمة علاقة بين ما كان هؤلاء الصبية يمارسونه من لعب، وبين لعب أطفال القرن الحادي والعشرين، ليتأكد ما ذهبنا إليه أن الثقافة هي مجموع المعارف التي تداورها الأجيال ولا بد أنها تتماهى في كينونتها التاريخية . وما يؤكد عراقة أمة وأصالتها هو مدى ارتباط معارفها في الزمان والمكان بتراثها وقيمها .
الجدافة
قوم من الأعراب يَرِدُون المِصْر يُريد أنهم قَوم قَدِموا المدينة عند الأضْحَى فنَهاهم عن ادّخار لُحوم الأضاحي لِيُفَرِّقوها ويتصدَّقوا بها فيَنْتِفع أولئك القادمون بها كان أكثر الأعراب لا يغسلون أيديهم ويقولون فَقْدُه أشدّ من ريحه فأدَّبنا نبينا r بغَسْل اليد مِمّا مَسَّت النار يريد الأَطْبِخَة والشّواء وقد جرَى الناس بعد في كل مِصْر وكلّ ناحية على الوضوء من الزَّهَم وأن يقولوا إذا غسلوا أيديهم قَبْل أنْ يَطْعَموا توضَّأنا يريدون نظَّفْنا أيدينا من الزَّهم لنطعم بها وإذا غسلوا أيديهم وأفواههم بعد الطَّعام توضَّأنا يريدون نظَّفناها من الزَّهَم هذا جزء من ألعاب الأطفال في الجزيرة السورية التي لها مثيلاتها في التراث لدى أطفال الأعراب ونقصد بدراستنا لطقوسها توثيقها وحفظها وذلك حماية لتراثنا من حملات التزييف والتشويه وما العولمة الثقافية إلا جزء من هذه الحملات التي تستهدف ثقافتنا الجمعية من عادات، وتقاليد وطقوس، التي تشكل بحد ذاتها منظومة فكرية ثقافية وقيمية، فيعنى كل كاتب وباحث ومهتم بدراستها وحمل الأجيال على التحلي بها والتمسك بقيمها فهي زاد معرفي قيمي 0وإن السبب الرئيسي في خلود الأمم، استمرار إرثها وثقافتها ومعارفها
قارة قرميدة:
يجعل الصبية أيديهم تفترش الأرض، فيقوم أحدهم بعد ّ أيديهم باصبعه – وغالبا ما يكون من الكبار كأحد والديهم أو اخوتهم - حيث ينقل أصبعه من يد الى أخرى ويقول بدل الأعداد: قارة، قرميدة، رحلنا، ونزلنا، بدار، جديدة، عمّي، شويخ، لويخ، اليطعم، بيته ُ، شحمة، ولحمة، ديد، الكركي، ينقش، بالمنقاش، الله، يكون، النقطة، ابنتي، ذي، فيقوم بقرص اليد التي ينتهي عندها العد ّ فيضحكون ويعيد اللعبة من أولها.
[1] الغريب للخطابي: هو أبو سليمان حمد (931-998) محدث وفقيه لغوي من أل بُست من نسل زيد بن الخطاب أخي عمر، من كتبه إعجاز القرآن – معالم السنن (ج1/ص379)
[2] الفائق الفائق في غريب الحديث للعلامة جارالله محمود بن عمر الزمخشري ج: 1 ص: 421
[3] الفائق ج: 3 ص: 248
[4] لسان العرب لأبن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري / 630-711( 1232-1311م)ج: 2 ص: 115
[5] لسان العرب ج: 2 ص: 351
[6] لسان العرب ج: 5 ص: 396
[7] لسان العرب 1/779
[8] سان العرب ج: 6 ص: 83
[9] لسان العرب ج: 9 ص: - 261 -262
[10] ديوان امرؤ القيس: طباعة دار كرم- دمشق
عظم وضّاح:
لعبة للصِّبيان بالليل وهي: أن يأخذوا عظماً أبيضاً شديد البياض، فيلقوه ثم يتفرقوا في طلبه، فمن وَجَده منهم ركب أصحابه، وتعرف هذه اللعبة لدى أطفال الجزيرة السورية إلى وقت قريب، وكانوا يسمونها لعبة (اشظيظ راح) ومن ضروبها لعبة (الحاح) وفي هذه اللعبة بدل العظم في لعبة عظم وضاح يكون عود من خشب مدبب الطرفين طوله حوالي خمسة وعشرين سنتيمترا يضربه أحدهم بعصاه على طرفه فيقفز ثم يليه بضربة أخرى فيبعده بينما يكون الصبية الآخرين في انتظار إسقاطه أو إعادته إليه بعصيهم فيقيسون المسافة التي سقط فيها الحاح عن مكان قذفه وإن لم يصبه أحد منهم، فإن اللاعب يحق له إبعاده أطول مسافة يقدر عليها عبر اللحاق به وضربه من طرفه فيردد أثناء كل ضربة أقوال مثل: (كُبَّ اللُّبة) فيرفعه ويقول: (إنتَ اللُّبة) فيقذفة، ثم يلحق به ويضربه مرة ثالثة ويقول (إثلث يا زين) ويضربه فيقيس مسافة إبعاده ويكون مقياسه: العصا التي ضرب بها الحاح، والرابح هو من أبعده أكثر .
الفِيالُ:
وهي بالتراب وذلك أنْ تُخْبئ فيه خَبِيء ثم يقسم نِصْفين فمن أصاب النَّصْف الذي فيه ذلك الخَبِيء قَمَر كما قسمَ التُّراْب المُفايِل باليَد، واللعب بالتراب له ضروب كثيرة ومختلفة ومنها
البُقَيرى:
وهي أيضاً بالتراب يقال بقر الصبيان [1] فهم يُبَقرون قال الأصمعي في رَجَزه كأنَّ آثار الظرابي تنْتقثْ حولك بُقَيْرَى الوليد المُنْتَحِثْ تراب ما هالَ عليك المُجْتدث المُجْتَدِث: القابر والجَدَث:القَبْر ومنها: الخَطْرة هي بالمخراق ومنها: خَراج وهي أنْ يُمْسك أحدهم شيئاً بيده ويقول لسائرهم اخرجوا ما في يدي وهي لعبة يشترك بها الكبار مع الأطفال وتسمى في الجزيرة السورية (الخويتيمة) من الخاتم الذي يخبئونه تحت أحد فناجين القهوة المرة ويسمى أيضا (الفنيجيلة) فيطلب من الفريق الثاني العثور علية ومنها:
لُعْبة الضَبّ:
وهو أنْ يُصَوَّر الضبّ في الأرض، ثم يُحَوّل أحدهم وجهه ويقال له ضَعْ يدك على صورة الضبّ ثم يقال له: على أيّ موضع من الضب وضعته فإنْ أصاب قَمَر
ذلك أن الأَعراب إذا أَرادوا صَيْد الظِّباء في الرمْل أَثاروها نِصْف النَّهار من تحت الشَجَر، فإذا رَمِضَتْ أظْلافُها في الرمْل نَصلَت فأَخذُوها بأَيديهم
الدِّرَْفلة [2]
إن النبىr مر على أصحاب الدِّرَ كْل’ فقال: خذُوا يا بني أرْفَد’ حتى يعلم اليهودُ والنصارى أن في ديننا فسحة. قال: فبينا هم كذلك إذ جاءه عمر، فلما رأوه اْبذَعَرّوا، الدَّرَكْلَة، والدِّرَقْلة بوزن الرِّبحْلَة: ضربُ من لعب الصبيان، وقد دَرْقلُوا دَرْقلة، دركل ومنه الحديث: إنه قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم فتية من الحبشة يُدَرْقُلون، درقل وفسر َيْرقُصون وقال شمر: قرئ على أبي عبيد وأنا شاهد الدِّرْكِلَة: وزن الشِّرْذمِة ويلعبها أطفال الجزيرة السورية باسم الدركلة.
الكُجَّة [3]
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في كلّ شيء قَمَارٌ حتى في لَعِبِ الصِّبْيَان بالكُجَّة . الكُجَّة، والبُكْسَة والتَّون: لعبة يأخذ الصبيُّ خِرْقة فيدوِّرها كأنها كُرَة ثم يتقامرون بها، وكجَّ الصبيّ، إذا لِعِبَ بالكُجَّة. وفـي حديث ابن عباس: فـي كل شيءٍ قِمارُ حتـى فـي لَعِب الصبـيان بالكُجَّةِ، وتسمّى هذه اللُّعْبَةُ فـي الـحضر باسمين: الـخِرْقَةُ يقال لها التُّونُ، والآجُرَّةُ يقال لها البُكْسةُ. يمارسها اليوم أطفال الجزيرة السورية من أبناء الأرياف ويردد الذي يدور بالخرقة أناشيد ويرددون معة مثل (الثعلب فات فات شو ذيلو سبع لفات)
البُحَّيْثى [4]
مثال خُـلَّـيْطَى: لعبة يلعبون بها بالتراب كالبحثة. وقال شمر: جاء فـي الـحديث أَن غلامين كانا يلعبان البحثةَ، وهو لعب بالتراب. قال: البَحْثُ الـمَعْدِنُ يُبْحَثُ فـيه عن الذَّهَبِ والفِضَّةِ. قال: والبُحاثَةُ التُّراب الذي يبحث عما يطلَبُ فـيه ويلعبها رعاة الأغنامفي الجزيرة مع الاطفال وتسمى (الخرميشة).
القُفَّـيْزى [5]
من لعب صبـيان الأَعراب يَنْصِبُونَ خَشَبَةً ثم يَتَقافَزُونَ علـيها، وهي معروفة لدى عموم الصبيان في المدن والقرى .
السَّدْو [6]
وهو من لعب الصبـيان بالـجوز الـمِزداة موضع ذلك والغالب علـيه الزاي يسدونه فـي الـحَفِـيرة زَدا الصَّبِـيُّ الـجوز وبالـجوزِ يزدو زدواً أَي لعِب ورمى به فـي الـحَفِـيرة وتلك الـحفـيرة هي الـمِزْداةُ يقال أَبعدِ الـمَدَى وازْدُهْ قال ابن بري قال يعقوب الزَّدَى: لزيادة من قولك أَزْدَى علـى كذا أَي زادَ علـيه قال كثـير له عَهْدُ وُدَ لَـمْ يُكَدَّرْ يَزينُه زَدَى قَوْلِ مَعْروفٍ حديثٍ ومزمنِ أَبو عبـيد الزَّدْو لغة فـي السَّدْو وهو مَدُّ الـيَدِ نـحوَ الشيء كما تَسْدُو الإِبلُ فـي سَيْرِها بأَيْدِيها ووتجلى هذه اللعبة لدى الصبيان اليوم بلعب كرات الزجاج الصغيرة المعروفة (بالكلل).
الهَبْهَاب [7]
الهَبْهَبُ: السريع، والهَبْهَبِـيُّ: الـحسن الـحداء، وهو أيضاً الـحسن الـخِدمة، وكل مـحسن مهنة، هَبْهَبِـيٌّ، وخَص بعضهم به الطباخ والشواء، و الهَبْهابُ: لعبة لصبـيان العراق، ولعبة لصِبْـيانِ الأعراب يسمونَها: الهَبْهَاب، ولا ندري ما طريقة اللعب بها، لكنها- بحسب اسمها- فأنها تتعلق بالعدو السريع والمطاردة.
الدُّسَّة [8]
قـيل الدَّسِيسُ: شبـيه بالـمُتَـجَسِّس، ويقال: انْدَسَّ فلان إِلـى فلان يأْتـيه بالنمائم: الدَّسَّاسُ من الـحيات الذي لا يدري أَيُّ طرفـيه رأْسه، وهو أَخبث الـحيات يَنْدَسُّ فـي التراب فلا يظهر للشمس، وهو علـى لون القُلْبِ من الذهب الـمُـحَلَّـى، والدُّسَّة: لعبة لصبـيان الأَعراب، ولعلهم يدسون خبىء في التراب فيبحث عنه فريق آخر منهم أن أحدهم يدس جسده في البيدر، مختبئا فيبحث عنه الآخرون وهي لا زالت مستمرة لدى صبية الأرياف في الجزيرة، وقد أتت من الذاكرة الجمعية التي نزعم دراستها.
عَيافٌ والطَّرِيدةُ [9]
لُعْبَتان لصِبْـيانِ الأَعرابِ، وقد ذكر الطرماح جَواريَ شَبَبْن عن هذه اللُّعَب فقال: قَضَتْ من عَيافٍ والطَّرِيدَة حاجَةً، فَهُنَّ إِلـى لَهْو الـحديث خُضُوعُ وروى إِسمعيل بن قـيس قال: سمعت الـمغيرةَ بن لسان شُعْبة يقول: لا تُـحَرِّمُ العَيْفةُ. قلنا: وما العَيْفة؟ قال: الـمرأَة تَلِدُ فـيُحْصَر لبَنُها فـي ثديها فتَرْضَعُه جارَتُها الـمرَّة والـمرتـين العَيْفةُ لا العُفَّة، ومعناه أَن جارتها ترضَعُها الـمرة والـمرتـين لـيتفتـح ما انسدَّ من مخارج اللبن، سمي عيفة لأَنها تَعافُه أَي تقذَرُه وتكرَهُه.
ونلاحظ من خلال استعراضنا للعب صبيان الأعراب أن الأدوات المستعملة قليلة وبسيطة تكاد لا تعدو التراب وبعض أدوات البيئة كالحصى والعيدان والعظام وإن قلة الأدوات البيئية يبعث على التأمل – كما ذهبنا بالزعم في فصل الأسطورة – وذلك يمنح البدوي الخيال الخصب والتأمل وقوة الملاحظة والفطنة والذكاء مرادفات العقل الناضج.
الحُقّة:
والخطة: لعبة لأطفال الأرياف في الجزيرة السورية وهي تخطيط على الأرض على هيئة مستطيلات ثمانية متجاورة فيقذفون فيها حجرا بالتوالى الأولى فالثانية وهكذا ثم يعيدونه وهم يتقافزون على رجل واحدة والذي لا تسقط حجرته على الخطوط أو تسقط رجله المرفوعة فيكون فائزا و يسمى حجّي والحج في اللغة الوصول.
الفنيجيلة والخويتيمة:
من الفنجان والخاتم وهي لعبة للصبيان والكبار على حد سواء، يلعبونها في ليالي الشتاء، حيث الفراغ والسمر، والخاتم خبء يضعونه تحت أحد فناجين القهوة المرة فعلى الفريق الآخر اكتشافه، وتعد هذه اللعبة من الرياضات الفكرية فتجد صاحب الفطنة يكتشف الخبء بحساباته الخاصة، وغالبا ما يكون هنالك شرط يدفعه الخاسر في اللعبة .
الصقلة:
لعل اسمها جاء من الحصى المصقولة، فيجمعها الصبي بقبضته، ثم يلقي بها على أرض مستوية بتراب ناعم فيحمل منها واحدة ويقذفها إلى الأعلى مسافة ذراع وبينما الحصاة في طريق العودة ثانية إلى الأرض يلتقط من الحصى ما استطاع قبل أن يتمكن من الإمساك بتلك الحصاة العائدة إلى الأرض، وبعد التقاط كافة الحصيات من الأرض يجعل إصبعيه الإبهام والسبابة على شكل قوس فيقذف بحصية إلى الأعلى بينما يخرج بقية الحصيات من ذلك القوس بيده الثانية وفي الآخر يجمع الحصيات كلها في قبضة يده دلالة على فوزه فيلعب آخر غيره وهكذا، وهي لعبة لرعاة الخراف الصغيرة في الربيع، وتفيد في تعلم مهارات السرعة وتمرين الأصابع والذراعين.
البويّته:
لعبة من الحصى يمارسها الصغار والكبار، في الربيع يحفرون في الأرض المعشبة الرطبة صفين متقابلين من الحفر الصغيرة في كل صف سبعة حفر، ويودعون كل حفرة سبعة حصيات، ويبدأ توزيع حصيات كل حفرة على جميع ما يليها وهكذا حتى يجتمع الحصى في عدد قليل منها أما الباقية فلا تكون خالية حيث يتبقى واحدة، أو اثنتان، أو ثلاثة . فإن انتهى التوزيع عندها يربحها الذي يبدأ التوزيع وفي النهاية يحصون ما جمعه كل فريق من الحصى فغالبا ما يكون متقاربا فإن كان الفرق واحدة يقول غلبتك (بكعود) وهو ولد الناقة وجوز يقصد زوج من الحصى وهكذا وهي لعبة يتعلم فيها الصبية الحساب.
الخزروف:
قرص من الصاج يجعلونه مثقبا ويديرونه بسرعة ومنه أشكال مختلفة فمنها يجعلونه مثبتا على عصا من مركزه بمسمار ويركض الصبي خلفه وقد وردت لعبة الخزروف في بيت امرؤ القيس يصف جواده:
فأردك لم يُجهد ولم يثن شأوه
يمر كخزروف الصبي المثقب [10]
والآن وقد اكتشفنا عبر الإسقاطات اللازمة على كل من النماذج التي وردت، أن ثمة علاقة بين ما كان هؤلاء الصبية يمارسونه من لعب، وبين لعب أطفال القرن الحادي والعشرين، ليتأكد ما ذهبنا إليه أن الثقافة هي مجموع المعارف التي تداورها الأجيال ولا بد أنها تتماهى في كينونتها التاريخية . وما يؤكد عراقة أمة وأصالتها هو مدى ارتباط معارفها في الزمان والمكان بتراثها وقيمها .
الجدافة
قوم من الأعراب يَرِدُون المِصْر يُريد أنهم قَوم قَدِموا المدينة عند الأضْحَى فنَهاهم عن ادّخار لُحوم الأضاحي لِيُفَرِّقوها ويتصدَّقوا بها فيَنْتِفع أولئك القادمون بها كان أكثر الأعراب لا يغسلون أيديهم ويقولون فَقْدُه أشدّ من ريحه فأدَّبنا نبينا r بغَسْل اليد مِمّا مَسَّت النار يريد الأَطْبِخَة والشّواء وقد جرَى الناس بعد في كل مِصْر وكلّ ناحية على الوضوء من الزَّهَم وأن يقولوا إذا غسلوا أيديهم قَبْل أنْ يَطْعَموا توضَّأنا يريدون نظَّفْنا أيدينا من الزَّهم لنطعم بها وإذا غسلوا أيديهم وأفواههم بعد الطَّعام توضَّأنا يريدون نظَّفناها من الزَّهَم هذا جزء من ألعاب الأطفال في الجزيرة السورية التي لها مثيلاتها في التراث لدى أطفال الأعراب ونقصد بدراستنا لطقوسها توثيقها وحفظها وذلك حماية لتراثنا من حملات التزييف والتشويه وما العولمة الثقافية إلا جزء من هذه الحملات التي تستهدف ثقافتنا الجمعية من عادات، وتقاليد وطقوس، التي تشكل بحد ذاتها منظومة فكرية ثقافية وقيمية، فيعنى كل كاتب وباحث ومهتم بدراستها وحمل الأجيال على التحلي بها والتمسك بقيمها فهي زاد معرفي قيمي 0وإن السبب الرئيسي في خلود الأمم، استمرار إرثها وثقافتها ومعارفها
قارة قرميدة:
يجعل الصبية أيديهم تفترش الأرض، فيقوم أحدهم بعد ّ أيديهم باصبعه – وغالبا ما يكون من الكبار كأحد والديهم أو اخوتهم - حيث ينقل أصبعه من يد الى أخرى ويقول بدل الأعداد: قارة، قرميدة، رحلنا، ونزلنا، بدار، جديدة، عمّي، شويخ، لويخ، اليطعم، بيته ُ، شحمة، ولحمة، ديد، الكركي، ينقش، بالمنقاش، الله، يكون، النقطة، ابنتي، ذي، فيقوم بقرص اليد التي ينتهي عندها العد ّ فيضحكون ويعيد اللعبة من أولها.
[1] الغريب للخطابي: هو أبو سليمان حمد (931-998) محدث وفقيه لغوي من أل بُست من نسل زيد بن الخطاب أخي عمر، من كتبه إعجاز القرآن – معالم السنن (ج1/ص379)
[2] الفائق الفائق في غريب الحديث للعلامة جارالله محمود بن عمر الزمخشري ج: 1 ص: 421
[3] الفائق ج: 3 ص: 248
[4] لسان العرب لأبن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري / 630-711( 1232-1311م)ج: 2 ص: 115
[5] لسان العرب ج: 2 ص: 351
[6] لسان العرب ج: 5 ص: 396
[7] لسان العرب 1/779
[8] سان العرب ج: 6 ص: 83
[9] لسان العرب ج: 9 ص: - 261 -262
[10] ديوان امرؤ القيس: طباعة دار كرم- دمشق
مواضيع مماثلة
» ما حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد ؟
» سبل غرس الإيمان فى نفوس الأطفال
» «« القواعد الإسلامية في تربية الأطفال »»
» الرسول الكريم وحثه على حقوق الأطفال
» حنا العرب
» سبل غرس الإيمان فى نفوس الأطفال
» «« القواعد الإسلامية في تربية الأطفال »»
» الرسول الكريم وحثه على حقوق الأطفال
» حنا العرب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى