تقرير اقتصادي لـ "الأهلي كابيتال" يستشرف مستقبل ال
صفحة 1 من اصل 1
تقرير اقتصادي لـ "الأهلي كابيتال" يستشرف مستقبل ال
استفادت دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا العقد من الزيادات الكبرى في أسعار النفط، ما يعني ثروة إضافية تزيد على ملياري دولار، الأمر الذي دفع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى معدل سنوي يزيد على 8.1 في المائة بين 2003 و2006، مقابل معدل نمو عالمي بلغ 3.6 في المائة. وتتوقع وحدة معلومات مجلة الإيكونومست نسبة نمو سنوي مركب لا تقل عن 6.2 في المائة سنوياً حتى عام 2010، ما يوحي بأن هذه المنطقة سوف تحافظ على مستويات نموها القوية. ونسلط الضوء هنا على كيفية استفادة السعودية، والإمارات، وقطر من هذه الثروات لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن اليهدروكربونات. ومن المتوقع أن تولد السعودية 49 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2010 من مصادر غير نفطية، كما أن الإمارات ينتظر أن تولد ما نسبته 70 في المائة من ذلك الناتج من مصادر غير نفطية، مقابل 45 في المائة لقطر.
وتبلغ قيمة المشاريع تحت التنفيذ في دول مجلس التعاون الخليجي 1.5 تريليون دولار، حيث يتوقع إنجازها خلال خمس إلى سبع سنوات مقبلة، إذ ينتظر أن يشكل قطاع الإنشاءات 66 في المائة من ذلك، مقابل 22 في المائة لقطاع النفط. وسوف تكون لذلك آثار إيجابية شاملة على مجمل الاقتصاد من خلال فرص هائلة أمام الشركات تنجم عنها زيادات كبرى في الدخل الذي يحققه المستهلكون.
تشير التقديرات إلى أن ما سيصرف على البنية التحتية يعادل 6.5 ضعف من الإنفاق العام الحالي في دول مجلس التعاون الخليجي. وتمثل ذلك فرصة مهمة للقطاع المالي في السعودية، حيث إن مجموع القروض يشكل 39 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 47 في المائة في قطر، أي أنهما ما زالا دون النسبة العالية المتحققة في الإمارات العربية، إذ تبلغ 84 في المائة.
وتساعد التركيبة السكانية الشابة دول الخليج على تحقيق معدلات عالية من النمو، حيث كان 66 في المائة من سكان هذه المنطقة دون سن الثلاثين حسب إحصاءات عام 2000، بمعدل عمر بلغ 21.9 سنة. ولدى السعودية أعلى نسبة في العالم من الشباب (69 في المائة من السكان دون سن الثلاثين). وسوف يزداد الطلب بذلك على الإسكان، والسلع الاستهلاكية المعمرة، والخدمات، والرهن العقاري، والتمويل الشخصي.
محركات النمو الاقتصادي في السعودية
النشاط المصرفي: تبدو توقعات النشاطات المصرفي السعودي لعام 2008 مشرقة، حيث اكتسب النشاط الائتماني دفعة قوية خلال عام 2007، كما أن سوق الأسهم تستعيد حيويتها بعد التصحيحات الحادة التي شهدتها عام 2006. وعلى الرغم من توقع زيادة المنافسة، فإن من المتوقع زيادة رقعة الإقراض.
التأمين: من المتوقع أن يؤدي تحرير هذا القطاع إلى زيادة الإنفاق على التأمين الذي بلغ 0.53 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006.
الإنشاءات ومواد البناء: هنالك حاجة إلى بناء أكثر من 2.2 مليون وحدة سكنية جديدة خلال 14 عاماً لإسكان ما يقدر بـ 33.7 مليون نسمة من السكان في ذلك الحين. وسوف تولد المدن الاقتصادية الست، إضافة إلى قطاع الإسكان، الكثير من فرص العمل في المملكة.
المخاطر: وهي تتضمن احتمال تراجع سعر النفط الخام، واستمرار المخاوف من التضخم، وفقاعات أسعار العقار، والضغوط الخاصة بإعادة تقييم العملة مقابل الدولار الأمريكي.
نهج الاستثمار: إن منطقة الخليج مهيأة تماماً لاستمرار النمو الاقتصادي حتى عام 2010 على الأقل. ويتوقع أن تتلقى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي عوائد نفطية تزيد على 32 تريليون دولار إذا استمر سعر البرميل فوق التقدير الأمريكي المتحفظ البالغ 67 دولاراً. وحصلت دول مجلس التعاون الخليجي على نحو 1.5 تريليون دولار من صادراتها النفطية منذ عام 2002، حيث يتوقع إضافة 560 مليار دولار خلال عام 2007 وحده. وتقوم السلطات المختصة في دول مجلس التعاون الخليجي هذه المرة بإنفاق عوائد النفط بصورة أكثر حكمة، مما كان عليه الوضع في الطفرات السابقة لأسعار النفط، كما حدث في أوائل الثمانينيات على سبيل المثال، حيث سددت الكثير من الديون، وأنفقت بكثافة على مشاريع البنية التحتية، ومشاريع التنموية الأخرى الهادفة إلى تنويع اقتصاداتها.
حجم الاستثمارات المقبلة
ومن المنتظر أن تحدث الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية، المتوقع أن تتجاوز 1.5 تريليون دولار، آثاراً اقتصادية مضاعفة على المنطقة، إذ إن الدخول المشتقة من هذه المشاريع تتوزع لتشمل تحسين الفرص المنتظرة أمام الشركات، ما يتيح للمستهلكين مزيداً من الدخل القابل للتصرف به. ويضاف إلى دخل النفط والاستثمارات، إن تحرير الاقتصادات الرئيسية في المنطقة من شأنه دعم النمو الاقتصادي القوي، كما يؤدي إلى اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتعمل حكومات دول هذه المنطقة على زيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
وفي ظل توقع تحسن كل من السيولة والشفافية، إضافة إلى تقدم الرقابة التشريعية، فإن من المتوقع أن يجعل المستثمرون الإقليميون والعالميون، دول الخليج، وجهة مفضلة لاستثماراتهم. ومن المتوقع أن تزداد جاذبية دول الخليج في نظر شركات الاستثمار الخارجية مع التوسع الكبير في حجم المشاريع التنموية. وسوف تعمل الزيادة المستمرة في عدد السكان من مواطنين ومغتربين، على زيادة الطلب على مشاريع الإسكان، والبنية التحتية، ما يتطلب التوسع في تمويل مثل هذه النشاطات. ومن المنتظر أن تستفيد المشاريع خارج نطاق الصناعة النفطية بصورة رئيسية من كل هذه الاستثمارات الجديدة.
مستقبل زاهر لاقتصادات السعودية والإمارات وقطر
يمثل كل من اقتصادات هذه البلدان الثلاثة خصائص مميزة من التغيرات الهيكلية يمكن استخدامها في تقديم نمو اقتصادات الدول المجاورة لها. وتعتبر السعودية الدولة الأكثر اعتماداً على النفط، نظراً لأنها تمتلك 25 في المائة من احتياطي النفط العالمي المثبت، إضافة إلى أنها أكبر دول العالم تصديراً للنفط. ويضاف إلى ذلك أن اقتصادها هو الأكبر في الوطن العربي، وأن عدد سكانها هو الأكبر بين دول الخليج العربية.
تستطيع الإمارات أن تفاخر بأنها تمتلك أكثر اقتصادات المنطقة تنوعاً، حيث إن القطاعات غير النفطية ساهمت بـ 63 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي عام 2006.
تمتاز قطر بأن لديها أعلى حصة في العالم من نصيب الفرد من الغاز، كما أن حصة الفرد من الدخل فيها هي الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. وتمثل اقتصادات البلدان الثلاثة نحو 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول هذه المنطقة.
استمرار قوة أساسيات الاقتصاد
تحافظ أساسيات اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على قوتها، مستندة على ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الدخل من القطاعات غير النفطية، حيث إن تلك الاقتصادات حافظت على نسبة نمو شامل زادت على 8.3 في المائة سنوياً خلال الفترة بين 2003 و2006، مقابل 3.6 في المائة لمعدل النمو الاقتصادي العالمي خلال تلك الفترة. وتشكل صادرات النفط والغاز نحو 70 في المائة من قيمة صادرات المنطقة، غير أن النفط وحده يمثل نحو 50 في المائة فقط من دخل مجلس التعاون الخليجي، في حين تمثل الصناعة والخدمات الباقي. وكان معدل دخل الفرد السنوي في تلك الدول في تلك الفترة 19.962 دولارا. أما في قطر فبلغ معدل ذلك الدخل 62.900 دولار سنوياً، أي أنها الثالث على مستوى العالم بعد لوكسمبورج، والنرويج.
الفوائض المالية والجارية السليمة
ليس هنالك من خطر فوري على قدرات الإنفاق في هذه المنطقة، وذلك بسبب استمرار نمو الطلب القوي من جانب الاقتصادات الناشئة مثل الاقتصادين الصيني، والهندي. ولا يتوقع أن يتراجع سعر برميل النفط عن 40 دولاراً، وهو ما يكفي للوفاء بالالتزامات المتعلقة بميزانيات دول المنطقة. ويتوقع أن تحافظ كل اقتصادات هذه الدول على فوائض مالية وتجارية.
وبلغت فوائض الحسابات الجارية، والفوائض المالية، ما نسبته 26 و17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي عام 2006. وتتوقع وحدة معلومات الإيكونوميست أن يصل فائض المالي لدول هذه المنطقة إلى 127.7 مليار دولار، وأن يصل فائض الحساب الجاري إلى 129.3 مليار دولار عام 2007. ويعود النقص في ذلك إلى حصص الإنتاج التي قررتها "أوبك" خلال عام 2007، وإلى زيادة قيمة استيرادات دول المنطقة بسبب تراجع قيمة الدولار الأمريكي.
ومن المميزات المهمة لهذه المنطقة أن جميع دولها ذات تصنيف ائتماني مرتفع، ما يعكس أحوالها الاقتصادية القوية، وسلامة أوضاعها التمويلية.
التضخم المرتفع مصدر للمخاوف
أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحقيق منافع واضحة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث عملت حكوماتها على تحويل أموال النفط إلى مشاريع تنموية مهمة، كما استفادت منها في تسديد ديونها. ويبرز الارتفاع الحاد لمعدلات التضخم في كل من الإمارات، وقطر، حيث حقق كل من البلدين زيادة بخانتين عشريتين في مؤشر أسعار المستهلك مقارنة بعام 2005.أما المكونات الرئيسية لذلك التضخم، فهي:
السيولة: أدت زيادة أسعار النفط إلى فوائض تجارية ومالية كبرى. ومما زاد من توافر السيولة في هذه المنطقة كذلك، تلك المعدلات المتدنية من أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. وزاد الطلب المحلي بشدة، ما ساعد على ارتفاع التضخم.
أجور العقارات المحلقة في السماء: إضافة إلى العوامل التي تقودها السيولة، فإن زيادة أعداد المغتربين، ولدت كذلك طلباً قوياً على الوحدات السكنية في معظم دول الخليج العربية، ما زاد من معدلات الإيجار. ويسبب ذلك الأمر قلقاً كبيراً لعدد من دول المنطقة، لدرجة لجوء بعضها إلى وضع سقف أعلى للإيجارات.
صورة ديمغرافية سليمة: تمتاز دول الخليج العربية بخاصة سكانية فريدة هي زيادة نسبة قطاع الشباب في تركيبها السكاني حيث كان 66 في المائة من سكان هذه الدول دون سن الثلاثين عام 2000، طبقاً لمعلومات تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد سكان المملكة 33 مليون نسمة عام 2020 مقارنة بالعدد الحالي الذي يقدر بـ 24.3 مليون نسمة.
أما الإمارات وقطر، فإن سكانها أكبر سناً، حيث تقترب معدلات أعمارهم من المعدل الصيني.وعند مقارنة هذه النسبة بغيرها من الدول النامية، فإنها تعتبر مؤشرات سليمة فيما يتعلق بقوى العمل، والاستهلاك المحلي، وهما الأمران بالغا الأهمية في التنمية الاقتصادية.
التنوع كنهج بارز
ينتظر أن يظل النفط مصدراً أساسياً للدخل في دول الخليج العربية، على الرغم من أن هذه الدول بذلت جهوداً كبرى، خلال السنوات الماضية من أجل تنويع الاقتصاد، كما شرعت في فتحه أمام الاستثمارات الأجنبية لتشجيع المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي سوف تعمل كحافز في قطاعات مثل البنية التحتية، والخدمات المالية والتجارية، والاتصالات، والصناعات العامة. ويجري تخفيف القيود على مثل هذه الاستثمارات مع زيادة المناطق التجارية الحرة.
وإضافة إلى تغيير هيكل اقتصاداتها بعيداً عن النفط، فإن دول المنطقة تستثمر أموالها في الخارج في نطاق يتراوح بين السندات الحكومية متدنية الدخل، والأسهم عالية الأرباح. ومن بين الصفقات الأخيرة استثمار سلطة الاستثمار في أبو ظبي في شراء حصة من "سيتي جروب"، وشراء دبي الدولية لحصة في شركة سوني.
اندفاع شديد لأسواق الأسهم الخليجية:
انتعشت أسواق الأسهم في المنطقة، حتى بلغت قيمتها السوقية 1.21 تريلون دولار عام 2007. وكان هنالك تفاؤل شديد عام 2005 بأن الاندفاع الشديد في قيم الأسهم سوف يستمر، حيث كانت الأسهم عالية العوائد بصورة ملحوظة، وحققت نسباً تراكمية من النمو بلغت 89 في المائة خلال سنوات قليلة.
وعلى الرغم من استمرار النمو في عام 2006، إلا أن الأسهم المنطلقة من ثلاث سنوات من النمو السريع، لم تستطع أن تحافظ على استدامة ذلك الاندفاع. وتراجعت الأسهم بشدة في الإمارات، وقطر، في أواخر عام 2005، وكذلك في السعودية اعتباراً من شباط (فبراير) من عام 2006، حيث تراجعت أسهم الإمارات وقطر بنحو 50 في المائة، بينما فقدت الأسهم السعودية نحو 66 في المائة من قيمتها. وساعد هذا التصحيح في إعادة موازنة العوامل الأساسية لحركة الأسهم. وهنالك زيادة كبيرة في طروحات الاكتتاب العام الأولية حيث بلغت 7.5 مليار دولار عام 2006، أي بزيادة ثلاثة أضعاف عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات من ذلك. وتقدر بعض المصادر أن قيمة تلك الإصدارات بلغت 14.4 مليار دولار عام 2007 من خلال 66 طرحاً جديداً. والأهم من ذلك هو أن أكثر من 247 شركة أدرجت أسهمها عبر بورصات هذه الدول خلال السنوات الخمس الماضية. وتقدر مصادر مؤسسة الزاوية أن هنالك 106 طروحات أولية قيد التنفيذ.
الأسهم السعودية
نعتقد في هذه المرحلة الحاسمة أن ارتفاع أسعار النفط، والمستقبل الاقتصادي الإيجابي للمملكة العربية السعودية، وإمكانات حدوث مفاجآت إيجابية في نمو الأرباح في عام 2008، وعدم وجود ملكية أجنبية للأسهم السعودية، كل ذلك ينطوي على عناصر إيجابية تبشر بأننا مقبلون على سنة مشرقة. يضاف إلى ذلك أن المضاربة على إعادة تقييم ربط عملات بلدان المنطقة بالدولار الأمريكي ستؤدي إلى تدفقات رأسمالية على المنطقة موجدة طلباً على أسهمها وعلى الأسواق المساندة. ونعتقد أن القطاع المصرفي سيكون مستفيداً كبيراً من المشاريع المقبلة وكذلك من الفرص التي توفرها التركيبة السكانية المثيرة للمملكة. فقد كانت انطلاقة الائتمان قوية في الشهور العشرة الأولى من هذا العام، ونعتقد أنها تعكس إمكانات النمو في المدى الطويل في الاقتصاد السعودي. وتستفيد البنوك أيضا من تعافي أسواق المال التي ستساعد البنوك على توليد أرباح أعلى من عمليات الوساطة وإدارة الموجودات في الربع الأول من عام 2008 الذي يكون عادة فترة نشاط أكبر في العام. والخطر الوحيد الذي قد يواجه هذا القطاع هو التعرض لضعف الاقتصاد الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية.
النهج الاستثماري للسعودية
يشكل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية نحو 50 في المائة من مجمل الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج العربية، وذلك انطلاقاً من أنها تمتلك نحو 25 في المائة من الاحتياطي النفطي المثبت في العالم. وسيستمر قطاع الهيدروكربونات الذي يساهم حالياً ب 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في كونه مصدر العوائد الأساسي، على الرغم من توقع تراجع مساهمته بصورة طفيفة لكي تصبح 51 في المائة بحلول عام 2010.
وشهدت المملكة نمواً باعثاً على الإعجاب خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت ثاني دول غرب آسيا من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحصة بلغت 18.3 مليار دولار. وساعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، على الاستمرار في فتح قطاعاتها الاقتصادية المختلفة أمام الاستثمارات العالمية، حيث استمرت الإصلاحات القانونية والمالية.وسوف تؤدي إقامة ست مدن اقتصادية إلى تعزيز تنمية البنية التحتية، وزيادة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في عملية التنمية الاقتصادية.
وأدت جهود تنويع الاقتصاد، كما حدث لدى جيرانها، إلى زيادة اهتمامات المستثمرين الدوليين بقطاعات تنموية مثل البنية التحتية، الاتصالات، السياحة، التعدين، التأمين، البنوك، والخدمات المالية. ويشهد القطاع المصرفي تغيرات هيكلية واسعة النطاق بصدور تشريعات أقرت إنشاء 11 بنكاً عام 2006، وزيادة حد المشاركة الأجنبية إلى 60 في المائة. ونما الحجم الكلي للقطاع المصرفي بنسبة 13.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 861 مليار ريال سعودي (230 مليار دولار أمريكي). وزادت نسبة الخدمات المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 39 في المائة في السعودية، مقارنة بما يزيد على 80 في المائة في الإمارات والبحرين، ما يدل على أن هنالك مجالاً مستمراً لزيادة نمو هذا القطاع في المملكة.
وفي ظل مخصصات مشاريع في المملكة بقيمة 380 مليار دولار، فإن الزيادة الهائلة لهذه المخصصات سوف تزيد من نمو قطاع الإنشاءات، والهندسة، والبنوك، مما يزيد من اهتمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وسوف يشهد الطلب على السلع المعمرة، وخدمات الاتصالات، والمرافق المختلفة، والرهونات، والقروض الشخصية، وغير ذلك من مكونات الاستهلاك.
وتبلغ قيمة المشاريع تحت التنفيذ في دول مجلس التعاون الخليجي 1.5 تريليون دولار، حيث يتوقع إنجازها خلال خمس إلى سبع سنوات مقبلة، إذ ينتظر أن يشكل قطاع الإنشاءات 66 في المائة من ذلك، مقابل 22 في المائة لقطاع النفط. وسوف تكون لذلك آثار إيجابية شاملة على مجمل الاقتصاد من خلال فرص هائلة أمام الشركات تنجم عنها زيادات كبرى في الدخل الذي يحققه المستهلكون.
تشير التقديرات إلى أن ما سيصرف على البنية التحتية يعادل 6.5 ضعف من الإنفاق العام الحالي في دول مجلس التعاون الخليجي. وتمثل ذلك فرصة مهمة للقطاع المالي في السعودية، حيث إن مجموع القروض يشكل 39 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 47 في المائة في قطر، أي أنهما ما زالا دون النسبة العالية المتحققة في الإمارات العربية، إذ تبلغ 84 في المائة.
وتساعد التركيبة السكانية الشابة دول الخليج على تحقيق معدلات عالية من النمو، حيث كان 66 في المائة من سكان هذه المنطقة دون سن الثلاثين حسب إحصاءات عام 2000، بمعدل عمر بلغ 21.9 سنة. ولدى السعودية أعلى نسبة في العالم من الشباب (69 في المائة من السكان دون سن الثلاثين). وسوف يزداد الطلب بذلك على الإسكان، والسلع الاستهلاكية المعمرة، والخدمات، والرهن العقاري، والتمويل الشخصي.
محركات النمو الاقتصادي في السعودية
النشاط المصرفي: تبدو توقعات النشاطات المصرفي السعودي لعام 2008 مشرقة، حيث اكتسب النشاط الائتماني دفعة قوية خلال عام 2007، كما أن سوق الأسهم تستعيد حيويتها بعد التصحيحات الحادة التي شهدتها عام 2006. وعلى الرغم من توقع زيادة المنافسة، فإن من المتوقع زيادة رقعة الإقراض.
التأمين: من المتوقع أن يؤدي تحرير هذا القطاع إلى زيادة الإنفاق على التأمين الذي بلغ 0.53 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006.
الإنشاءات ومواد البناء: هنالك حاجة إلى بناء أكثر من 2.2 مليون وحدة سكنية جديدة خلال 14 عاماً لإسكان ما يقدر بـ 33.7 مليون نسمة من السكان في ذلك الحين. وسوف تولد المدن الاقتصادية الست، إضافة إلى قطاع الإسكان، الكثير من فرص العمل في المملكة.
المخاطر: وهي تتضمن احتمال تراجع سعر النفط الخام، واستمرار المخاوف من التضخم، وفقاعات أسعار العقار، والضغوط الخاصة بإعادة تقييم العملة مقابل الدولار الأمريكي.
نهج الاستثمار: إن منطقة الخليج مهيأة تماماً لاستمرار النمو الاقتصادي حتى عام 2010 على الأقل. ويتوقع أن تتلقى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي عوائد نفطية تزيد على 32 تريليون دولار إذا استمر سعر البرميل فوق التقدير الأمريكي المتحفظ البالغ 67 دولاراً. وحصلت دول مجلس التعاون الخليجي على نحو 1.5 تريليون دولار من صادراتها النفطية منذ عام 2002، حيث يتوقع إضافة 560 مليار دولار خلال عام 2007 وحده. وتقوم السلطات المختصة في دول مجلس التعاون الخليجي هذه المرة بإنفاق عوائد النفط بصورة أكثر حكمة، مما كان عليه الوضع في الطفرات السابقة لأسعار النفط، كما حدث في أوائل الثمانينيات على سبيل المثال، حيث سددت الكثير من الديون، وأنفقت بكثافة على مشاريع البنية التحتية، ومشاريع التنموية الأخرى الهادفة إلى تنويع اقتصاداتها.
حجم الاستثمارات المقبلة
ومن المنتظر أن تحدث الاستثمارات الخليجية في البنية التحتية، المتوقع أن تتجاوز 1.5 تريليون دولار، آثاراً اقتصادية مضاعفة على المنطقة، إذ إن الدخول المشتقة من هذه المشاريع تتوزع لتشمل تحسين الفرص المنتظرة أمام الشركات، ما يتيح للمستهلكين مزيداً من الدخل القابل للتصرف به. ويضاف إلى دخل النفط والاستثمارات، إن تحرير الاقتصادات الرئيسية في المنطقة من شأنه دعم النمو الاقتصادي القوي، كما يؤدي إلى اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتعمل حكومات دول هذه المنطقة على زيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
وفي ظل توقع تحسن كل من السيولة والشفافية، إضافة إلى تقدم الرقابة التشريعية، فإن من المتوقع أن يجعل المستثمرون الإقليميون والعالميون، دول الخليج، وجهة مفضلة لاستثماراتهم. ومن المتوقع أن تزداد جاذبية دول الخليج في نظر شركات الاستثمار الخارجية مع التوسع الكبير في حجم المشاريع التنموية. وسوف تعمل الزيادة المستمرة في عدد السكان من مواطنين ومغتربين، على زيادة الطلب على مشاريع الإسكان، والبنية التحتية، ما يتطلب التوسع في تمويل مثل هذه النشاطات. ومن المنتظر أن تستفيد المشاريع خارج نطاق الصناعة النفطية بصورة رئيسية من كل هذه الاستثمارات الجديدة.
مستقبل زاهر لاقتصادات السعودية والإمارات وقطر
يمثل كل من اقتصادات هذه البلدان الثلاثة خصائص مميزة من التغيرات الهيكلية يمكن استخدامها في تقديم نمو اقتصادات الدول المجاورة لها. وتعتبر السعودية الدولة الأكثر اعتماداً على النفط، نظراً لأنها تمتلك 25 في المائة من احتياطي النفط العالمي المثبت، إضافة إلى أنها أكبر دول العالم تصديراً للنفط. ويضاف إلى ذلك أن اقتصادها هو الأكبر في الوطن العربي، وأن عدد سكانها هو الأكبر بين دول الخليج العربية.
تستطيع الإمارات أن تفاخر بأنها تمتلك أكثر اقتصادات المنطقة تنوعاً، حيث إن القطاعات غير النفطية ساهمت بـ 63 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي عام 2006.
تمتاز قطر بأن لديها أعلى حصة في العالم من نصيب الفرد من الغاز، كما أن حصة الفرد من الدخل فيها هي الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. وتمثل اقتصادات البلدان الثلاثة نحو 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول هذه المنطقة.
استمرار قوة أساسيات الاقتصاد
تحافظ أساسيات اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على قوتها، مستندة على ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الدخل من القطاعات غير النفطية، حيث إن تلك الاقتصادات حافظت على نسبة نمو شامل زادت على 8.3 في المائة سنوياً خلال الفترة بين 2003 و2006، مقابل 3.6 في المائة لمعدل النمو الاقتصادي العالمي خلال تلك الفترة. وتشكل صادرات النفط والغاز نحو 70 في المائة من قيمة صادرات المنطقة، غير أن النفط وحده يمثل نحو 50 في المائة فقط من دخل مجلس التعاون الخليجي، في حين تمثل الصناعة والخدمات الباقي. وكان معدل دخل الفرد السنوي في تلك الدول في تلك الفترة 19.962 دولارا. أما في قطر فبلغ معدل ذلك الدخل 62.900 دولار سنوياً، أي أنها الثالث على مستوى العالم بعد لوكسمبورج، والنرويج.
الفوائض المالية والجارية السليمة
ليس هنالك من خطر فوري على قدرات الإنفاق في هذه المنطقة، وذلك بسبب استمرار نمو الطلب القوي من جانب الاقتصادات الناشئة مثل الاقتصادين الصيني، والهندي. ولا يتوقع أن يتراجع سعر برميل النفط عن 40 دولاراً، وهو ما يكفي للوفاء بالالتزامات المتعلقة بميزانيات دول المنطقة. ويتوقع أن تحافظ كل اقتصادات هذه الدول على فوائض مالية وتجارية.
وبلغت فوائض الحسابات الجارية، والفوائض المالية، ما نسبته 26 و17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي عام 2006. وتتوقع وحدة معلومات الإيكونوميست أن يصل فائض المالي لدول هذه المنطقة إلى 127.7 مليار دولار، وأن يصل فائض الحساب الجاري إلى 129.3 مليار دولار عام 2007. ويعود النقص في ذلك إلى حصص الإنتاج التي قررتها "أوبك" خلال عام 2007، وإلى زيادة قيمة استيرادات دول المنطقة بسبب تراجع قيمة الدولار الأمريكي.
ومن المميزات المهمة لهذه المنطقة أن جميع دولها ذات تصنيف ائتماني مرتفع، ما يعكس أحوالها الاقتصادية القوية، وسلامة أوضاعها التمويلية.
التضخم المرتفع مصدر للمخاوف
أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحقيق منافع واضحة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث عملت حكوماتها على تحويل أموال النفط إلى مشاريع تنموية مهمة، كما استفادت منها في تسديد ديونها. ويبرز الارتفاع الحاد لمعدلات التضخم في كل من الإمارات، وقطر، حيث حقق كل من البلدين زيادة بخانتين عشريتين في مؤشر أسعار المستهلك مقارنة بعام 2005.أما المكونات الرئيسية لذلك التضخم، فهي:
السيولة: أدت زيادة أسعار النفط إلى فوائض تجارية ومالية كبرى. ومما زاد من توافر السيولة في هذه المنطقة كذلك، تلك المعدلات المتدنية من أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. وزاد الطلب المحلي بشدة، ما ساعد على ارتفاع التضخم.
أجور العقارات المحلقة في السماء: إضافة إلى العوامل التي تقودها السيولة، فإن زيادة أعداد المغتربين، ولدت كذلك طلباً قوياً على الوحدات السكنية في معظم دول الخليج العربية، ما زاد من معدلات الإيجار. ويسبب ذلك الأمر قلقاً كبيراً لعدد من دول المنطقة، لدرجة لجوء بعضها إلى وضع سقف أعلى للإيجارات.
صورة ديمغرافية سليمة: تمتاز دول الخليج العربية بخاصة سكانية فريدة هي زيادة نسبة قطاع الشباب في تركيبها السكاني حيث كان 66 في المائة من سكان هذه الدول دون سن الثلاثين عام 2000، طبقاً لمعلومات تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد سكان المملكة 33 مليون نسمة عام 2020 مقارنة بالعدد الحالي الذي يقدر بـ 24.3 مليون نسمة.
أما الإمارات وقطر، فإن سكانها أكبر سناً، حيث تقترب معدلات أعمارهم من المعدل الصيني.وعند مقارنة هذه النسبة بغيرها من الدول النامية، فإنها تعتبر مؤشرات سليمة فيما يتعلق بقوى العمل، والاستهلاك المحلي، وهما الأمران بالغا الأهمية في التنمية الاقتصادية.
التنوع كنهج بارز
ينتظر أن يظل النفط مصدراً أساسياً للدخل في دول الخليج العربية، على الرغم من أن هذه الدول بذلت جهوداً كبرى، خلال السنوات الماضية من أجل تنويع الاقتصاد، كما شرعت في فتحه أمام الاستثمارات الأجنبية لتشجيع المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي سوف تعمل كحافز في قطاعات مثل البنية التحتية، والخدمات المالية والتجارية، والاتصالات، والصناعات العامة. ويجري تخفيف القيود على مثل هذه الاستثمارات مع زيادة المناطق التجارية الحرة.
وإضافة إلى تغيير هيكل اقتصاداتها بعيداً عن النفط، فإن دول المنطقة تستثمر أموالها في الخارج في نطاق يتراوح بين السندات الحكومية متدنية الدخل، والأسهم عالية الأرباح. ومن بين الصفقات الأخيرة استثمار سلطة الاستثمار في أبو ظبي في شراء حصة من "سيتي جروب"، وشراء دبي الدولية لحصة في شركة سوني.
اندفاع شديد لأسواق الأسهم الخليجية:
انتعشت أسواق الأسهم في المنطقة، حتى بلغت قيمتها السوقية 1.21 تريلون دولار عام 2007. وكان هنالك تفاؤل شديد عام 2005 بأن الاندفاع الشديد في قيم الأسهم سوف يستمر، حيث كانت الأسهم عالية العوائد بصورة ملحوظة، وحققت نسباً تراكمية من النمو بلغت 89 في المائة خلال سنوات قليلة.
وعلى الرغم من استمرار النمو في عام 2006، إلا أن الأسهم المنطلقة من ثلاث سنوات من النمو السريع، لم تستطع أن تحافظ على استدامة ذلك الاندفاع. وتراجعت الأسهم بشدة في الإمارات، وقطر، في أواخر عام 2005، وكذلك في السعودية اعتباراً من شباط (فبراير) من عام 2006، حيث تراجعت أسهم الإمارات وقطر بنحو 50 في المائة، بينما فقدت الأسهم السعودية نحو 66 في المائة من قيمتها. وساعد هذا التصحيح في إعادة موازنة العوامل الأساسية لحركة الأسهم. وهنالك زيادة كبيرة في طروحات الاكتتاب العام الأولية حيث بلغت 7.5 مليار دولار عام 2006، أي بزيادة ثلاثة أضعاف عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات من ذلك. وتقدر بعض المصادر أن قيمة تلك الإصدارات بلغت 14.4 مليار دولار عام 2007 من خلال 66 طرحاً جديداً. والأهم من ذلك هو أن أكثر من 247 شركة أدرجت أسهمها عبر بورصات هذه الدول خلال السنوات الخمس الماضية. وتقدر مصادر مؤسسة الزاوية أن هنالك 106 طروحات أولية قيد التنفيذ.
الأسهم السعودية
نعتقد في هذه المرحلة الحاسمة أن ارتفاع أسعار النفط، والمستقبل الاقتصادي الإيجابي للمملكة العربية السعودية، وإمكانات حدوث مفاجآت إيجابية في نمو الأرباح في عام 2008، وعدم وجود ملكية أجنبية للأسهم السعودية، كل ذلك ينطوي على عناصر إيجابية تبشر بأننا مقبلون على سنة مشرقة. يضاف إلى ذلك أن المضاربة على إعادة تقييم ربط عملات بلدان المنطقة بالدولار الأمريكي ستؤدي إلى تدفقات رأسمالية على المنطقة موجدة طلباً على أسهمها وعلى الأسواق المساندة. ونعتقد أن القطاع المصرفي سيكون مستفيداً كبيراً من المشاريع المقبلة وكذلك من الفرص التي توفرها التركيبة السكانية المثيرة للمملكة. فقد كانت انطلاقة الائتمان قوية في الشهور العشرة الأولى من هذا العام، ونعتقد أنها تعكس إمكانات النمو في المدى الطويل في الاقتصاد السعودي. وتستفيد البنوك أيضا من تعافي أسواق المال التي ستساعد البنوك على توليد أرباح أعلى من عمليات الوساطة وإدارة الموجودات في الربع الأول من عام 2008 الذي يكون عادة فترة نشاط أكبر في العام. والخطر الوحيد الذي قد يواجه هذا القطاع هو التعرض لضعف الاقتصاد الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية.
النهج الاستثماري للسعودية
يشكل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية نحو 50 في المائة من مجمل الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج العربية، وذلك انطلاقاً من أنها تمتلك نحو 25 في المائة من الاحتياطي النفطي المثبت في العالم. وسيستمر قطاع الهيدروكربونات الذي يساهم حالياً ب 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في كونه مصدر العوائد الأساسي، على الرغم من توقع تراجع مساهمته بصورة طفيفة لكي تصبح 51 في المائة بحلول عام 2010.
وشهدت المملكة نمواً باعثاً على الإعجاب خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت ثاني دول غرب آسيا من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحصة بلغت 18.3 مليار دولار. وساعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، على الاستمرار في فتح قطاعاتها الاقتصادية المختلفة أمام الاستثمارات العالمية، حيث استمرت الإصلاحات القانونية والمالية.وسوف تؤدي إقامة ست مدن اقتصادية إلى تعزيز تنمية البنية التحتية، وزيادة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في عملية التنمية الاقتصادية.
وأدت جهود تنويع الاقتصاد، كما حدث لدى جيرانها، إلى زيادة اهتمامات المستثمرين الدوليين بقطاعات تنموية مثل البنية التحتية، الاتصالات، السياحة، التعدين، التأمين، البنوك، والخدمات المالية. ويشهد القطاع المصرفي تغيرات هيكلية واسعة النطاق بصدور تشريعات أقرت إنشاء 11 بنكاً عام 2006، وزيادة حد المشاركة الأجنبية إلى 60 في المائة. ونما الحجم الكلي للقطاع المصرفي بنسبة 13.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 861 مليار ريال سعودي (230 مليار دولار أمريكي). وزادت نسبة الخدمات المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 39 في المائة في السعودية، مقارنة بما يزيد على 80 في المائة في الإمارات والبحرين، ما يدل على أن هنالك مجالاً مستمراً لزيادة نمو هذا القطاع في المملكة.
وفي ظل مخصصات مشاريع في المملكة بقيمة 380 مليار دولار، فإن الزيادة الهائلة لهذه المخصصات سوف تزيد من نمو قطاع الإنشاءات، والهندسة، والبنوك، مما يزيد من اهتمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وسوف يشهد الطلب على السلع المعمرة، وخدمات الاتصالات، والمرافق المختلفة، والرهونات، والقروض الشخصية، وغير ذلك من مكونات الاستهلاك.
رد: تقرير اقتصادي لـ "الأهلي كابيتال" يستشرف مستقبل ال
العوائد النفطية المستدامة تسهل جهود التنويع
أدى ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية إلى معدلات نمو اقتصادية بخانتين عشريتين، وفوائض كبرى في الميزانية، ونفوذ متوسع. وتغتنم الحكومة هذه الفرصة للمضي قدماً في تحرير الاقتصاد، وجهود التخصيص، من أجل تحقيق اقتصاد متنوع المصادر. وكان نمو الاقتصاد السعودي سريعاً للغاية، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.6 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 1.300 مليار ريال سعودي (349 مليار دولار أمريكي)عام 2006. وكان القطاع النفطي هو المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث حقق نمواً متراكماً بنسبة 28.2 في المائة، وبلغت مساهمته 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عام 2006.
ومن المتوقع أن يستمر النمو السريع للطلب على النفط، حيث تتزايد شهية الاقتصادات الناشئة في الصين والهند لهذه المادة. ويضاف إلى ذلك الزيادات المفاجئة في الطلب على البترول في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل تكاثر الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، مثل مصاهر الألمنيوم، ومحطات توليد الكهرباء، وزيادة طلب الفئات السكانية الشابة، فإننا لا نتوقع أي عودة لأسعار النفط المتدنية التي سادت أواخر التسعينيات.
وتخطط المملكة لزيادة إنتاجها اليومي من النفط بحلول عام 2009 بنسبة 11 في المائة، ليصل إلى 12.5 مليون برميل. ومن المتوقع أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي بصورة تراكمية بنسبة 7.1 في المائة في الفترة من 2007 إلى 2010. وتركز الحكومة خلال هذه الفترة على إنشاء قطاعات اقتصادية غير نفطية، حيث نتوقع زيادة مساهمة تلك القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 49 في المائة مقابل 45.9 في المائة عام 2006.
ويظهر ازدهار الاقتصاد في أرقام ميزانية عام 2008 التي تعتبر الأكبر في التاريخ السعودي. ويؤمن ذلك ثلاث سنوات من قيمة الصادرات، ويبقى على زخم النمو الاقتصادي، ما يجعل منه منطقة عازلة تعمل ضد أي انخفاض في أسعار النفط.
تحسن الوضع المالي وتقليص الديون العامة
ساعد ارتفاع أسعار النفط السعودية على الخروج من حالة العجز المالي الذي كان يقدر بـ 20.5 مليار ريال سعودي (5.5 مليار دولار أمريكي) في عام 2002، ليتحول إلى فائض يبلغ 290 مليار ريال سعودي (77.3 مليار دولار أمريكي) عام 2006، أي 22.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكشفت أرقام ميزانية عام 2008 عن أن فائضاً بقيمة 178 مليار ريال سعودي (47.5 مليار دولار) تحقق عام 2007، كما يتوقع أن يصل الفائض عام 2008 إلى 40 مليار ريال سعودي (10.7 مليار دولار أمريكي).
واستخدمت الحكومة بكل حكمة فوائضها من العوائد لتقليص الدين العام بصورة أساسية. واستطاعت تخفيض ذلك الدين بنسبة 57 في المائة خلال أربع سنوات، وتراجعت نسبة الدين العام، مقارنة بالناتج المحلي من 82 في المائة عام 2003 إلى 19 في المائة فقط عام 2007، وذلك بسبب زيادات العائدات.
ورفعت وكالة مودي تصنيف المملكة الائتماني إلى AI، كما أن ستاندرد آند بورس رفعت ذلك التصنيف من A إلى AA. ومن شأن ذلك أن يجعل من المملكة وجهة للاستثمار الأجنبي، كما أنه يسهل على الشركات السعودية الحصول على الأموال بتكلفة رخيصة نسبياً.
الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية
أعلنت الحكومة السعودية عن خطط لإنفاق أكثر من 300 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة على سلسلة من مشاريع البنية التحتية، ولا سيما في قطاعات الإنشاءات، والبتروكيماويات، والمنافع العامة، بهدف توفير فرص العمل وتنويع مصادر الاقتصاد. وتقل مستويات التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة عن نظيرتيها في كل من الإمارات وقطر، حيث كانت النسبة في المملكة 17.2 في المائة في قطر. ويتوقع أن تتحسن هذا النسبة بصورة كبيرة من خلال تنفيذ عدة مشاريع عملاقة في قطاع البنية التحتية خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويستفيد قطاع إنشاء الطرق من هذه النفقات بصورة خاصة، حيث يتوقع إنشاء ثمانية آلاف كم من الطرق السريعة الجديدة حسب الخطة، إضافة إلى 16 ألف كم من تلك الطرق قيد الإنشاء.
وشهدت الصناعة البتروكيماوية بقيادة "سابك"، نمواً هائلاً خلال العقدين الماضيين. ويتوقع أن تفتتح عدة معامل تابعة لعدد من الشركات خلال العامين المقبلين. وأعلنت "سابك" وحدها أنها ستنفق ما يصل إلى 74 مليار دولار على 60 مشروعاً في المملكة خلال السنوات الـ 14 المقبلة.
ومن المنتظر أن تعمل هذه المشاريع العملاقة، مع ما يشهده الاقتصاد من تحرر، على زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي بحدود 8 في المائة، حيث تحرك ذلك قطاعات الإنشاءات، والتصنيع، والاتصالات، والمالية. ويستفيد قطاعا الاتصالات، والنقل، بصفة خاصة من تخفيف التشريعات، حيث من المتوقع أن يحققا نمواً سنوياً بمعدل 9 في المائة حتى عام 2010. كما أن قطاع الإنشاءات هو الرابح الرئيسي، حيث سيستفيد من 44 في المائة من مبلغ الـ 380 مليار دولار التي خصصت للمشاريع في المملكة خلال خمس إلى سبع سنوات.
زيادة في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة
تقود السعودية بقية دول الخليج العربية في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث استقطبت 18.3 مليار دولار عام 2006، محققة بذلك نمواً بنسبة 51 في المائة عما كان عليه الوضع عام 2005. وارتفعت نسبة هذه التدفقات إلى التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت من 2 في المائة عام 2003 إلى 32 في المائة عام 2006. ونجم هذا التدفق الكبير عن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها المملكة لتحفيز قدوم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتعتقد الهيئة السعودية العامة للاستثمار أن ذلك التدفق على المملكة سيتسارع من خلال إنشاء ست مدن اقتصادية جديدة تجتذب كبريات الشركات العالمية. ومنحت هذه الهيئة 1389 ترخيص عمل لمشاريع مشتركة وأجنبية عام 2006 بقيمة إجمالية بلغت 67.5 مليار دولار، أي بزيادة بنسبة 25 في المائة عما كانت في عام 2005. وتخطط الهيئة لاجتذاب استثمارات أجنبية تزيد على 80 مليار دولار أمريكي عام 2007.
وهنالك جهود أخرى تبذلها الحكومة في مجال تنويع الاقتصاد، حيث أعلنت أنها ستبيع حصصاً من الخطوط الجوية السعودية، ومن شركة المعادن العربية، وغيرها. وتدار الموانئ السعودية بالفعل من خلال عقود خاصة، كما أن 20 في المائة من عملياتها يمكن أن تخضع للتخصيص.
تنويع مصادر الدخل
كان قطاع النفط والغاز محركاً رئيسياً لنمو الاقتصاد السعودي، حيث ساهم بـ 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عام 2006. ويعمل ارتفاع أسعار النفط، وضخامة احتياطي من المملكة من العملات الأجنبية على استمرار تشكيل هذه القطاع نسبة مالية من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع أن ينمو هذا القطاع بصورة مركبة بمعدل 5.5 في المائة سنوياً في الفترة من 2007 إلى 2010، حيث ينتظر أن تتراجع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي عام 2010 إلى 51 في المائة.
ومن المنتظر أن تكون قطاعات الإنشاءات، والتصنيع، والمالية، هي المحركات الرئيسية لنمو الاقتصاد السعودي بصورته المركبة، حيث من المتوقع أن تنمو خلال الفترة من 2007 إلى 2010 بواقع 13 في المائة. وستستفيد هذه القطاعات من الإنفاق الهائل المتوقع في إنشاء المدن الاقتصادية الست. ومن المتوقع أن تزيد نسبة مساهمة هذه القطاعات الثلاثة في الناتج المحلي الإجمالي من 18.6 في المائة عام 2006 إلى 21.8 في المائة عام 2010.
مكاسب القطاع المالي
أدى انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية في أواخر عام 2005 إلى تحرير قطاع التأمين، ورفع سقف الملكية الأجنبية للبنوك إلى 60 في المائة، بدلاً من 40 في المائة. وهكذا تم إنشاء 11 بنكاً جديداً عام 2006، ما ضاعف عدد البنوك الأجنبية. وكان يسمح في السابق لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى فقط بالعمل في المملكة. ويتوقع أن تجتذب هذه الإجراءات، الاستثمارات الأجنبية للمملكة، وأن تعمل على تحسين نوعية الخدمات، إضافة إلى توسيع نطاق طروحات الخدمات المالية.
وضع السيولة
أدى النمو الاقتصادي القوي إلى تعزيز السيولة في المملكة عام 2006، حيث تحسن وضعها تماماً في النظام المالي السعودي نتيجة تدفقات قوية من رأس المال الأجنبي، وزيادة احتياطي العملات الأجنبية. وزادت "ساما" موجودات المملكة الأجنبية الصافية بنسبة 47.1 في المائة عام 2006 لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 222.1 مليار دولار أمريكي، وإلى 271 مليار دولار أمريكي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2007. ونتوقع استمرار الوضع السليم للسيولة في المملكة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وبقاء المملكة على رأس الدول المصدرة لهذه المادة.
وشهد النمو الاقتصادي القوي في المملكة زيادة عرض النقد بنسبة 19.3 في المائة ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 176.3 مليار دولار أمريكي عام 2006، بالمقارنة مع 147.7 مليار دولار عام 2005. وأدى رفع معدلات أسعار الفائدة من جانب "ساما"، وما رافقه من تراجع أسواق الأسهم، إلى لجوء المستثمرين إلى وضع أموالهم في صورة ودائع زمنية آمنة، مما عزز عرض النقد. واستطاعت "ساما" أن تسيطر على معدلات التضخم رغم الزيادة الكبيرة في مستويات السيولة النقدية. وظل معدل التضخم في المملكة في حدود 2.2 في المائة مقابل أرقام مكونة من خانتين عشريتين في كل من الإمارات، وقطر. غير أن الضغوط المتزايدة من جانب أسعار الواردات رفعت التضخم في المملكة إلى مستوى 4.4 في المائة في أيلول (سبتمبر) من عام 2007.
تحرير الأسواق سيعمل على تقوية الخدمات المالية
ينتظر أن يصبح القطاع المالي واحداً من أقوى قطاعات الاقتصاد السعودي خلال السنوات الخمس المقبلة. وأعلنت "ساما" خلال العام الماضي عن عدد من التشريعات التي فتحت قطاعي البنوك، والتأمين. ومن المنتظر أن يعمل قانون متوقع صدوره قريباً بخصوص الرهن، على تعزيز الطلب من جانب سوق الإسكان. وأدى الانفتاح الاقتصادي إلى زيادة حدة المنافسة داخل القطاع المالي، حيث من المنتظر طرح مزيد من المنتجات المالية والخدمات المبتكرة. ومن العوائق المنتظرة أمام هذا القطاع قلة توفر القوى العاملة المدربة.
وبتركيز كثير من الداخلين الجدد إلى هذه السوق على تقديم خدمات إدارة الثروات، فإننا نتوقع أن تكون استشارات الشركات، وتمويل المشاريع، والصناديق المتبادلة، أهدافاً رئيسية للمشاركين الأكبر حجماً. وفي ظل الخبرة الخاصة للبنوك المحلية في التعامل مع زبائن التجزئة، ركزت البنوك الأجنبية على سوق الشركات، والسوق المؤسسية، وبالذات في مجال استشارات الشركات، وتمويل المشاريع.
الانتشار الضعيف للنشاط المصرفي يمثل فرصة مهمة للتوسع
لا تزال مستويات انتشار الخدمات المصرفية في المملكة، أي نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الودائع إلى ذلك الناتج البالغة 39.4 في المائة متدنية تماماً عما هي عليه الحال في الإمارات، والبحرين (80 في المائة)، مما يشير إلى احتمالات نمو جيد في هذا القطاع على مستوى المملكة. وبوجود مشاريع منتظرة تبلغ قيمتها نحو 380 مليار دولار، فإننا نعتقد أن القطاع المالي سيلعب دوراً رئيسياً في تمويل هذه المشاريع، إضافة إلى التمويل الخاص بقطاع التأمين، وتمويل الرهن، وشرائح التمويل الشخصي.
أدى ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية إلى معدلات نمو اقتصادية بخانتين عشريتين، وفوائض كبرى في الميزانية، ونفوذ متوسع. وتغتنم الحكومة هذه الفرصة للمضي قدماً في تحرير الاقتصاد، وجهود التخصيص، من أجل تحقيق اقتصاد متنوع المصادر. وكان نمو الاقتصاد السعودي سريعاً للغاية، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.6 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 1.300 مليار ريال سعودي (349 مليار دولار أمريكي)عام 2006. وكان القطاع النفطي هو المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث حقق نمواً متراكماً بنسبة 28.2 في المائة، وبلغت مساهمته 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عام 2006.
ومن المتوقع أن يستمر النمو السريع للطلب على النفط، حيث تتزايد شهية الاقتصادات الناشئة في الصين والهند لهذه المادة. ويضاف إلى ذلك الزيادات المفاجئة في الطلب على البترول في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل تكاثر الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، مثل مصاهر الألمنيوم، ومحطات توليد الكهرباء، وزيادة طلب الفئات السكانية الشابة، فإننا لا نتوقع أي عودة لأسعار النفط المتدنية التي سادت أواخر التسعينيات.
وتخطط المملكة لزيادة إنتاجها اليومي من النفط بحلول عام 2009 بنسبة 11 في المائة، ليصل إلى 12.5 مليون برميل. ومن المتوقع أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي بصورة تراكمية بنسبة 7.1 في المائة في الفترة من 2007 إلى 2010. وتركز الحكومة خلال هذه الفترة على إنشاء قطاعات اقتصادية غير نفطية، حيث نتوقع زيادة مساهمة تلك القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 49 في المائة مقابل 45.9 في المائة عام 2006.
ويظهر ازدهار الاقتصاد في أرقام ميزانية عام 2008 التي تعتبر الأكبر في التاريخ السعودي. ويؤمن ذلك ثلاث سنوات من قيمة الصادرات، ويبقى على زخم النمو الاقتصادي، ما يجعل منه منطقة عازلة تعمل ضد أي انخفاض في أسعار النفط.
تحسن الوضع المالي وتقليص الديون العامة
ساعد ارتفاع أسعار النفط السعودية على الخروج من حالة العجز المالي الذي كان يقدر بـ 20.5 مليار ريال سعودي (5.5 مليار دولار أمريكي) في عام 2002، ليتحول إلى فائض يبلغ 290 مليار ريال سعودي (77.3 مليار دولار أمريكي) عام 2006، أي 22.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكشفت أرقام ميزانية عام 2008 عن أن فائضاً بقيمة 178 مليار ريال سعودي (47.5 مليار دولار) تحقق عام 2007، كما يتوقع أن يصل الفائض عام 2008 إلى 40 مليار ريال سعودي (10.7 مليار دولار أمريكي).
واستخدمت الحكومة بكل حكمة فوائضها من العوائد لتقليص الدين العام بصورة أساسية. واستطاعت تخفيض ذلك الدين بنسبة 57 في المائة خلال أربع سنوات، وتراجعت نسبة الدين العام، مقارنة بالناتج المحلي من 82 في المائة عام 2003 إلى 19 في المائة فقط عام 2007، وذلك بسبب زيادات العائدات.
ورفعت وكالة مودي تصنيف المملكة الائتماني إلى AI، كما أن ستاندرد آند بورس رفعت ذلك التصنيف من A إلى AA. ومن شأن ذلك أن يجعل من المملكة وجهة للاستثمار الأجنبي، كما أنه يسهل على الشركات السعودية الحصول على الأموال بتكلفة رخيصة نسبياً.
الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية
أعلنت الحكومة السعودية عن خطط لإنفاق أكثر من 300 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة على سلسلة من مشاريع البنية التحتية، ولا سيما في قطاعات الإنشاءات، والبتروكيماويات، والمنافع العامة، بهدف توفير فرص العمل وتنويع مصادر الاقتصاد. وتقل مستويات التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة عن نظيرتيها في كل من الإمارات وقطر، حيث كانت النسبة في المملكة 17.2 في المائة في قطر. ويتوقع أن تتحسن هذا النسبة بصورة كبيرة من خلال تنفيذ عدة مشاريع عملاقة في قطاع البنية التحتية خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويستفيد قطاع إنشاء الطرق من هذه النفقات بصورة خاصة، حيث يتوقع إنشاء ثمانية آلاف كم من الطرق السريعة الجديدة حسب الخطة، إضافة إلى 16 ألف كم من تلك الطرق قيد الإنشاء.
وشهدت الصناعة البتروكيماوية بقيادة "سابك"، نمواً هائلاً خلال العقدين الماضيين. ويتوقع أن تفتتح عدة معامل تابعة لعدد من الشركات خلال العامين المقبلين. وأعلنت "سابك" وحدها أنها ستنفق ما يصل إلى 74 مليار دولار على 60 مشروعاً في المملكة خلال السنوات الـ 14 المقبلة.
ومن المنتظر أن تعمل هذه المشاريع العملاقة، مع ما يشهده الاقتصاد من تحرر، على زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي بحدود 8 في المائة، حيث تحرك ذلك قطاعات الإنشاءات، والتصنيع، والاتصالات، والمالية. ويستفيد قطاعا الاتصالات، والنقل، بصفة خاصة من تخفيف التشريعات، حيث من المتوقع أن يحققا نمواً سنوياً بمعدل 9 في المائة حتى عام 2010. كما أن قطاع الإنشاءات هو الرابح الرئيسي، حيث سيستفيد من 44 في المائة من مبلغ الـ 380 مليار دولار التي خصصت للمشاريع في المملكة خلال خمس إلى سبع سنوات.
زيادة في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة
تقود السعودية بقية دول الخليج العربية في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث استقطبت 18.3 مليار دولار عام 2006، محققة بذلك نمواً بنسبة 51 في المائة عما كان عليه الوضع عام 2005. وارتفعت نسبة هذه التدفقات إلى التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت من 2 في المائة عام 2003 إلى 32 في المائة عام 2006. ونجم هذا التدفق الكبير عن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها المملكة لتحفيز قدوم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتعتقد الهيئة السعودية العامة للاستثمار أن ذلك التدفق على المملكة سيتسارع من خلال إنشاء ست مدن اقتصادية جديدة تجتذب كبريات الشركات العالمية. ومنحت هذه الهيئة 1389 ترخيص عمل لمشاريع مشتركة وأجنبية عام 2006 بقيمة إجمالية بلغت 67.5 مليار دولار، أي بزيادة بنسبة 25 في المائة عما كانت في عام 2005. وتخطط الهيئة لاجتذاب استثمارات أجنبية تزيد على 80 مليار دولار أمريكي عام 2007.
وهنالك جهود أخرى تبذلها الحكومة في مجال تنويع الاقتصاد، حيث أعلنت أنها ستبيع حصصاً من الخطوط الجوية السعودية، ومن شركة المعادن العربية، وغيرها. وتدار الموانئ السعودية بالفعل من خلال عقود خاصة، كما أن 20 في المائة من عملياتها يمكن أن تخضع للتخصيص.
تنويع مصادر الدخل
كان قطاع النفط والغاز محركاً رئيسياً لنمو الاقتصاد السعودي، حيث ساهم بـ 54.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عام 2006. ويعمل ارتفاع أسعار النفط، وضخامة احتياطي من المملكة من العملات الأجنبية على استمرار تشكيل هذه القطاع نسبة مالية من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع أن ينمو هذا القطاع بصورة مركبة بمعدل 5.5 في المائة سنوياً في الفترة من 2007 إلى 2010، حيث ينتظر أن تتراجع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي عام 2010 إلى 51 في المائة.
ومن المنتظر أن تكون قطاعات الإنشاءات، والتصنيع، والمالية، هي المحركات الرئيسية لنمو الاقتصاد السعودي بصورته المركبة، حيث من المتوقع أن تنمو خلال الفترة من 2007 إلى 2010 بواقع 13 في المائة. وستستفيد هذه القطاعات من الإنفاق الهائل المتوقع في إنشاء المدن الاقتصادية الست. ومن المتوقع أن تزيد نسبة مساهمة هذه القطاعات الثلاثة في الناتج المحلي الإجمالي من 18.6 في المائة عام 2006 إلى 21.8 في المائة عام 2010.
مكاسب القطاع المالي
أدى انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية في أواخر عام 2005 إلى تحرير قطاع التأمين، ورفع سقف الملكية الأجنبية للبنوك إلى 60 في المائة، بدلاً من 40 في المائة. وهكذا تم إنشاء 11 بنكاً جديداً عام 2006، ما ضاعف عدد البنوك الأجنبية. وكان يسمح في السابق لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى فقط بالعمل في المملكة. ويتوقع أن تجتذب هذه الإجراءات، الاستثمارات الأجنبية للمملكة، وأن تعمل على تحسين نوعية الخدمات، إضافة إلى توسيع نطاق طروحات الخدمات المالية.
وضع السيولة
أدى النمو الاقتصادي القوي إلى تعزيز السيولة في المملكة عام 2006، حيث تحسن وضعها تماماً في النظام المالي السعودي نتيجة تدفقات قوية من رأس المال الأجنبي، وزيادة احتياطي العملات الأجنبية. وزادت "ساما" موجودات المملكة الأجنبية الصافية بنسبة 47.1 في المائة عام 2006 لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 222.1 مليار دولار أمريكي، وإلى 271 مليار دولار أمريكي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2007. ونتوقع استمرار الوضع السليم للسيولة في المملكة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وبقاء المملكة على رأس الدول المصدرة لهذه المادة.
وشهد النمو الاقتصادي القوي في المملكة زيادة عرض النقد بنسبة 19.3 في المائة ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 176.3 مليار دولار أمريكي عام 2006، بالمقارنة مع 147.7 مليار دولار عام 2005. وأدى رفع معدلات أسعار الفائدة من جانب "ساما"، وما رافقه من تراجع أسواق الأسهم، إلى لجوء المستثمرين إلى وضع أموالهم في صورة ودائع زمنية آمنة، مما عزز عرض النقد. واستطاعت "ساما" أن تسيطر على معدلات التضخم رغم الزيادة الكبيرة في مستويات السيولة النقدية. وظل معدل التضخم في المملكة في حدود 2.2 في المائة مقابل أرقام مكونة من خانتين عشريتين في كل من الإمارات، وقطر. غير أن الضغوط المتزايدة من جانب أسعار الواردات رفعت التضخم في المملكة إلى مستوى 4.4 في المائة في أيلول (سبتمبر) من عام 2007.
تحرير الأسواق سيعمل على تقوية الخدمات المالية
ينتظر أن يصبح القطاع المالي واحداً من أقوى قطاعات الاقتصاد السعودي خلال السنوات الخمس المقبلة. وأعلنت "ساما" خلال العام الماضي عن عدد من التشريعات التي فتحت قطاعي البنوك، والتأمين. ومن المنتظر أن يعمل قانون متوقع صدوره قريباً بخصوص الرهن، على تعزيز الطلب من جانب سوق الإسكان. وأدى الانفتاح الاقتصادي إلى زيادة حدة المنافسة داخل القطاع المالي، حيث من المنتظر طرح مزيد من المنتجات المالية والخدمات المبتكرة. ومن العوائق المنتظرة أمام هذا القطاع قلة توفر القوى العاملة المدربة.
وبتركيز كثير من الداخلين الجدد إلى هذه السوق على تقديم خدمات إدارة الثروات، فإننا نتوقع أن تكون استشارات الشركات، وتمويل المشاريع، والصناديق المتبادلة، أهدافاً رئيسية للمشاركين الأكبر حجماً. وفي ظل الخبرة الخاصة للبنوك المحلية في التعامل مع زبائن التجزئة، ركزت البنوك الأجنبية على سوق الشركات، والسوق المؤسسية، وبالذات في مجال استشارات الشركات، وتمويل المشاريع.
الانتشار الضعيف للنشاط المصرفي يمثل فرصة مهمة للتوسع
لا تزال مستويات انتشار الخدمات المصرفية في المملكة، أي نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الودائع إلى ذلك الناتج البالغة 39.4 في المائة متدنية تماماً عما هي عليه الحال في الإمارات، والبحرين (80 في المائة)، مما يشير إلى احتمالات نمو جيد في هذا القطاع على مستوى المملكة. وبوجود مشاريع منتظرة تبلغ قيمتها نحو 380 مليار دولار، فإننا نعتقد أن القطاع المالي سيلعب دوراً رئيسياً في تمويل هذه المشاريع، إضافة إلى التمويل الخاص بقطاع التأمين، وتمويل الرهن، وشرائح التمويل الشخصي.
رد: تقرير اقتصادي لـ "الأهلي كابيتال" يستشرف مستقبل ال
أداء البنوك التجارية
على الرغم من الهبوط الشديد الذي شهدته أسواق الأسهم السعودية والخليجية عام 2006، فإن القطاع المصرفي سجل نشاطاً قوياً للعمليات. وزاد الحجم الإجمالي للبنوك على أساس قيمة الموجودات بنسبة 13.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 230 مليار دولار أمريكي مقابل 202 مليار دولار عام 2005. وكانت الودائع عاملاً رئيسياً في زيادة الموجودات الإجمالية، حيث سجلت الودائع نمواً بنسبة 20.8 في المائة لتصل إلى 158 مليار دولار. وكان التصحيح القوي في سوق الأسهم، إضافة إلى الزيادة الكبيرة في معدلات أسعار الفائدة، تمشياً مع زيادة معدلات أسعار فائدة الدولار، هما العاملين الرئيسيين في زيادة ودائع الزبائن.
وزاد حجم الائتمان بنسبة 9.8 في المائة ليصل إلى 132.6 مليار دولار عام 2006، مقارنة بنمو بلغ 36.2 في المائة عام 2005. ويعود التراجع في نمو الطلب على الائتمان إلى التصحيح الذي شهدته سوق الأسهم (تراجع تمويل الطروحات الأولية)، وكذلك الأثر السلبي على الطلب الاستهلاكي بفعل إجراءات التشدد التي اتخذتها "ساما". ومن المتوقع أن يرتفع الإقراض المتعلق بالقطاع الخاص بفعل الصورة الجيد للقطاع غير النفطي. وزاد الائتمان خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2007 بنسبة 15 في المائة عما كان عليه أول العام.
وازداد الربح الصافي للقطاع المصرفي بنسبة 35.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 34.7 مليار دولار (9.3 مليار دولار) مقابل 25.6 مليار ريال سعودي عام 2005. وتحسنت ربحية البنوك بوصول نسبة العوائد على معدل الموجودات إلى 4.3 في المائة عام 2006 مقابل 3.6 في المائة عام 2005. أما نسبة العوائد على معدل الأسهم، فزادت من 31.8 في المائة عام 2005 إلى 33.5 في المائة عام 2006. كما حسن القطاع المصرفي من جودة موجوداته، حيث تراجعت نسبة القروض السيئة من إجمالي القروض من 8.8 عام 2002 إلى 1.9 في المائة عام 2005.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2007، تراجعت أرباح البنوك التجارية العشرة المسجلة في البورصة بنسبة 20 في المائة، بينما تعرض النمو في أرباح أسواق رأس المال إلى ضغط بسبب التصحيح الكبير في الأحجام، وارتفاع فائدة الرسوم على الدخول في العام السابق. غير أن تعافي أسواق رأس المال هذا العام، وتدني قاعدة العام الماضي، يجب أن يوفرا قوة دافعة لنمو العوائد، ومزيداً من تعزيز الاستثمار في البنوك السعودية.
البنوك تراهن على النهوض الائتماني طويل الأجل
تبدو صورة الإقراض المصرفي لقطاع الشركات إيجابية، وذلك في ظل العدد الكبير للمشاريع الصناعية، ومشاريع البنية التحتية المخطط لها خلال السنوات القليلة المقبلة، والدور المتزايد للقطاع الخاص في تمويل مثل هذه المشاريع، كما أن ثقافة استهلاكية خاصة تطورات خلال السنوات الماضية، حيث ازداد حجم القروض الاستهلاكية من نسبة 6 في المائة من مجمل الائتمان عام 1998 إلى 38 في المائة عام 2006، وفقاً لبيانات "ساما" التي تفيد بأن الائتمان المصرفي للقطاع المالي سجل نمواً متراكماً بنسبة 30 في المائة من الاقتصاد السعودي خلال الفترة من 1997 إلى 2006. وبلغت سحوبات القطاع المالي 12,5 في المائة من مجمل السحوبات من البنوك عام 2006.
وازدادت القروض الاستهلاكية بمعدل تراكمي مرتفع بنسبة 35 في المائة للفترة من 2003 إلى 2006، بينما زادت القروض من خلال البطاقات الائتمانية بنسبة 42 في المائة خلال الفترة ذاتها، وزادت قروض السيارات والمعدات بنسبة 6 في المائة فقط. وكان النمو الأكبر من نصيب قروض الأجل الطويل (ثلاث سنوات فأكثر)، حيث حققت 45 في المائة من النمو، مكونة بذلك 73 في المائة من إجمالي محفظة القروض الاستهلاكية.
طفرة متوقعة في تمويل المساكن
تنتظر سوق الإسكان بشغف أن يتم في نهاية عام 2007 أو أوائل عام 2008 إدخال قانون طال انتظاره لتمويل الرهنيات. وتوقعاً منها لصدور هذا القانون، بدأ عدد من البنوك في السعودية بتقديم قروض منزلية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية وتمتد إلى 25 سنة.
وحسب تقديرات البنك الأهلي التجاري، من المحتمل أن ترتفع القروض السكنية القائمة من أربعة مليارات ريال سعودي (1.1 مليار دولار) في عام 2007 إلى نحو 46 مليار ريال (12.3 مليار دولار) في نهاية العقد، على افتراض أن ترتفع حصة الوحدات السكنية الجديدة التي يتم شراؤها عن طريق القروض السكنية من 10 في المائة في عام 2007 إلى 55 في المائة بحلول عام 2010. ويشكل الطلب الكامن الكبير على المساكن إمكانية هائلة لتمويل الرهنيات، الأمر الذي يوجد شريحة سوقية جديدة للبنوك السعودية.
الخدمات المالية الإسلامية دافع رئيس للنمو
تشكل الصيرفة الإسلامية في المملكة العربية السعودية قرابة 62 في المائة من جميع الموجودات، وقد نمت بمعدل سنوي متراكم نسبته 30 في المائة فيما بين عامي 2000 و 2006. يشار إلى أن الصيرفة الإسلامية في السعودية تواكب المراكز الأكثر تطوراً منها في ماليزيا والبحرين.
وقد خطا تطوير الصناديق المشتركة التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية والحلول الخاصة بتمويل الشركات خطوات سريعة في السنوات الأخيرة.
ورغم ضآلة حصة السعودية من السوق العالمية للصكوك، إلا أن من المحتمل أن يتغير هذا الوضع، خاصة مع إصدار سلطة أسواق المال أنظمة جديدة لتسهيل الإصدارات الأخرى مستقبلاً. ومن التحديات الرئيسية التي يواجهها هذا القطاع في المملكة وفي المنطقة هو عدم توفر المعايير المقبولة عالمياً للتأكد من أن المنتجات المالية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
قطاع التأمين يشهد إصلاحات هيكلية
على الرغم من أن عدد سكان المملكة هو الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي، ما زالت مستويات الانتشار الكلي وإنفاق الفرد على التأمين فيها متدنية جداً. وفي عام 2006، شهدت سوق التأمين نمواً كبيراً بنسبة 35 في المائة، حيث وصل إجمالي الأقساط التحريرية 6.5 مليار ريال (1.8 دولار). وزادت كثافة التأمين التي تعرّف باعتبارها إجمالي الأقساط المكتوبة للفرد الواحد من 223 ريالاً (59.5 دولار) في عام 2005 إلى 293 ريالاً (78.1 دولار) في عام 2006، أي بنسبة 31 في المائة. وكان فرض التأمين الإلزامي على السيارات وفرض التأمين الصحي من العوامل المهمة التي أسهمت في هذا النمو.
وشكل الإنفاق على التأمين 0.53 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2006، مقارنة بنسبة 0.44 في المائة في العام السابق. إن انتشار التأمين الوقائي والتأمين على المدخرات متدن بشكل خاص، ويمكن أن يكون عامل إسهام كبيرا في نمو قطاع التأمين في المستقبل.
ووفقاً لمؤسسة النقد، تعمل في السوق السعودية حالياً 42 شركة تأمين. وفي الوقت الراهن، تمر هذه السوق بمرحلة انتقالية، حيث يسمح للشركات القائمة أن تعمل بموجب فترة سماح تنتهي في آذار (مارس) 2008. وفي ذلك الوقت، سيتوجب على شركات التأمين وغيرها من مزودي خدمة التأمين أن تحصل على ترخيص من "ساما" أو تخرج من هذه السوق.
وفي هذه السنة، تلقت "ساما" 42 طلباً للترخيص لشركات التأمين وحتى الآن لم يوافق مجلس الوزراء إلا على 18 طلباً، أما الطلبات الأخرى فهي بانتظار صدور قرار من مجلس الوزراء بشأنها. ويتعين على شركات التأمين التي تتم الموافقة على طلبها أن تطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي وأن تدرج أسهمها في سوق الأسهم المحلية وتستكمل المتطلبات التنظيمية اللاحقة قبل الحصول على الترخيص من "ساما". ويبلغ عدد الشركات التي أدرجت أسهمها في تداول 15 شركة تأمين حتى الآن، أما طروحات الاكتتاب للشركات الثلاث الأخرى فقد انتهى الاكتتاب فيها وهي بانتظار الإدراج.
وتبدو النظرة المستقبلية بالنسبة لقطاع البنوك السعودية في عام 2008 إيجابية لأن أسعار النفط العالية ستواصل تحفيز الاقتصاد والبيئة التشغيلية، الأمر الذي يزيد من الطلب على المنتجات والخدمات المصرفية. وقد انطلق الائتمان بقوة في الشهور العشرة الأولى من هذا العام ونعتقد أن هذه الانطلاقة تعكس إمكانات النمو على المدى الطويل في الاقتصاد السعودي. وستستفيد البنوك أيضا من تعافي أسواق المال. ورغم أن أحجام التداول ما زال أمامها طريق طويل للوصول إلى المستويات التي بلغتها في أواخر عام 2005 وأوائل عام 2006، إلا أن التعافي الذي تشهده الأسواق. سيساعد البنوك على توليد أرباح أعلى من عمليات الوساطة وإدارة الموجودات في الربع الأول من عام 2008 الذي يعتبر من الناحية التقليدية وقتاً يتسم بالنشاط من العام.
على الرغم من الهبوط الشديد الذي شهدته أسواق الأسهم السعودية والخليجية عام 2006، فإن القطاع المصرفي سجل نشاطاً قوياً للعمليات. وزاد الحجم الإجمالي للبنوك على أساس قيمة الموجودات بنسبة 13.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 230 مليار دولار أمريكي مقابل 202 مليار دولار عام 2005. وكانت الودائع عاملاً رئيسياً في زيادة الموجودات الإجمالية، حيث سجلت الودائع نمواً بنسبة 20.8 في المائة لتصل إلى 158 مليار دولار. وكان التصحيح القوي في سوق الأسهم، إضافة إلى الزيادة الكبيرة في معدلات أسعار الفائدة، تمشياً مع زيادة معدلات أسعار فائدة الدولار، هما العاملين الرئيسيين في زيادة ودائع الزبائن.
وزاد حجم الائتمان بنسبة 9.8 في المائة ليصل إلى 132.6 مليار دولار عام 2006، مقارنة بنمو بلغ 36.2 في المائة عام 2005. ويعود التراجع في نمو الطلب على الائتمان إلى التصحيح الذي شهدته سوق الأسهم (تراجع تمويل الطروحات الأولية)، وكذلك الأثر السلبي على الطلب الاستهلاكي بفعل إجراءات التشدد التي اتخذتها "ساما". ومن المتوقع أن يرتفع الإقراض المتعلق بالقطاع الخاص بفعل الصورة الجيد للقطاع غير النفطي. وزاد الائتمان خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2007 بنسبة 15 في المائة عما كان عليه أول العام.
وازداد الربح الصافي للقطاع المصرفي بنسبة 35.4 في المائة عام 2006 ليصل إلى 34.7 مليار دولار (9.3 مليار دولار) مقابل 25.6 مليار ريال سعودي عام 2005. وتحسنت ربحية البنوك بوصول نسبة العوائد على معدل الموجودات إلى 4.3 في المائة عام 2006 مقابل 3.6 في المائة عام 2005. أما نسبة العوائد على معدل الأسهم، فزادت من 31.8 في المائة عام 2005 إلى 33.5 في المائة عام 2006. كما حسن القطاع المصرفي من جودة موجوداته، حيث تراجعت نسبة القروض السيئة من إجمالي القروض من 8.8 عام 2002 إلى 1.9 في المائة عام 2005.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2007، تراجعت أرباح البنوك التجارية العشرة المسجلة في البورصة بنسبة 20 في المائة، بينما تعرض النمو في أرباح أسواق رأس المال إلى ضغط بسبب التصحيح الكبير في الأحجام، وارتفاع فائدة الرسوم على الدخول في العام السابق. غير أن تعافي أسواق رأس المال هذا العام، وتدني قاعدة العام الماضي، يجب أن يوفرا قوة دافعة لنمو العوائد، ومزيداً من تعزيز الاستثمار في البنوك السعودية.
البنوك تراهن على النهوض الائتماني طويل الأجل
تبدو صورة الإقراض المصرفي لقطاع الشركات إيجابية، وذلك في ظل العدد الكبير للمشاريع الصناعية، ومشاريع البنية التحتية المخطط لها خلال السنوات القليلة المقبلة، والدور المتزايد للقطاع الخاص في تمويل مثل هذه المشاريع، كما أن ثقافة استهلاكية خاصة تطورات خلال السنوات الماضية، حيث ازداد حجم القروض الاستهلاكية من نسبة 6 في المائة من مجمل الائتمان عام 1998 إلى 38 في المائة عام 2006، وفقاً لبيانات "ساما" التي تفيد بأن الائتمان المصرفي للقطاع المالي سجل نمواً متراكماً بنسبة 30 في المائة من الاقتصاد السعودي خلال الفترة من 1997 إلى 2006. وبلغت سحوبات القطاع المالي 12,5 في المائة من مجمل السحوبات من البنوك عام 2006.
وازدادت القروض الاستهلاكية بمعدل تراكمي مرتفع بنسبة 35 في المائة للفترة من 2003 إلى 2006، بينما زادت القروض من خلال البطاقات الائتمانية بنسبة 42 في المائة خلال الفترة ذاتها، وزادت قروض السيارات والمعدات بنسبة 6 في المائة فقط. وكان النمو الأكبر من نصيب قروض الأجل الطويل (ثلاث سنوات فأكثر)، حيث حققت 45 في المائة من النمو، مكونة بذلك 73 في المائة من إجمالي محفظة القروض الاستهلاكية.
طفرة متوقعة في تمويل المساكن
تنتظر سوق الإسكان بشغف أن يتم في نهاية عام 2007 أو أوائل عام 2008 إدخال قانون طال انتظاره لتمويل الرهنيات. وتوقعاً منها لصدور هذا القانون، بدأ عدد من البنوك في السعودية بتقديم قروض منزلية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية وتمتد إلى 25 سنة.
وحسب تقديرات البنك الأهلي التجاري، من المحتمل أن ترتفع القروض السكنية القائمة من أربعة مليارات ريال سعودي (1.1 مليار دولار) في عام 2007 إلى نحو 46 مليار ريال (12.3 مليار دولار) في نهاية العقد، على افتراض أن ترتفع حصة الوحدات السكنية الجديدة التي يتم شراؤها عن طريق القروض السكنية من 10 في المائة في عام 2007 إلى 55 في المائة بحلول عام 2010. ويشكل الطلب الكامن الكبير على المساكن إمكانية هائلة لتمويل الرهنيات، الأمر الذي يوجد شريحة سوقية جديدة للبنوك السعودية.
الخدمات المالية الإسلامية دافع رئيس للنمو
تشكل الصيرفة الإسلامية في المملكة العربية السعودية قرابة 62 في المائة من جميع الموجودات، وقد نمت بمعدل سنوي متراكم نسبته 30 في المائة فيما بين عامي 2000 و 2006. يشار إلى أن الصيرفة الإسلامية في السعودية تواكب المراكز الأكثر تطوراً منها في ماليزيا والبحرين.
وقد خطا تطوير الصناديق المشتركة التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية والحلول الخاصة بتمويل الشركات خطوات سريعة في السنوات الأخيرة.
ورغم ضآلة حصة السعودية من السوق العالمية للصكوك، إلا أن من المحتمل أن يتغير هذا الوضع، خاصة مع إصدار سلطة أسواق المال أنظمة جديدة لتسهيل الإصدارات الأخرى مستقبلاً. ومن التحديات الرئيسية التي يواجهها هذا القطاع في المملكة وفي المنطقة هو عدم توفر المعايير المقبولة عالمياً للتأكد من أن المنتجات المالية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
قطاع التأمين يشهد إصلاحات هيكلية
على الرغم من أن عدد سكان المملكة هو الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي، ما زالت مستويات الانتشار الكلي وإنفاق الفرد على التأمين فيها متدنية جداً. وفي عام 2006، شهدت سوق التأمين نمواً كبيراً بنسبة 35 في المائة، حيث وصل إجمالي الأقساط التحريرية 6.5 مليار ريال (1.8 دولار). وزادت كثافة التأمين التي تعرّف باعتبارها إجمالي الأقساط المكتوبة للفرد الواحد من 223 ريالاً (59.5 دولار) في عام 2005 إلى 293 ريالاً (78.1 دولار) في عام 2006، أي بنسبة 31 في المائة. وكان فرض التأمين الإلزامي على السيارات وفرض التأمين الصحي من العوامل المهمة التي أسهمت في هذا النمو.
وشكل الإنفاق على التأمين 0.53 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2006، مقارنة بنسبة 0.44 في المائة في العام السابق. إن انتشار التأمين الوقائي والتأمين على المدخرات متدن بشكل خاص، ويمكن أن يكون عامل إسهام كبيرا في نمو قطاع التأمين في المستقبل.
ووفقاً لمؤسسة النقد، تعمل في السوق السعودية حالياً 42 شركة تأمين. وفي الوقت الراهن، تمر هذه السوق بمرحلة انتقالية، حيث يسمح للشركات القائمة أن تعمل بموجب فترة سماح تنتهي في آذار (مارس) 2008. وفي ذلك الوقت، سيتوجب على شركات التأمين وغيرها من مزودي خدمة التأمين أن تحصل على ترخيص من "ساما" أو تخرج من هذه السوق.
وفي هذه السنة، تلقت "ساما" 42 طلباً للترخيص لشركات التأمين وحتى الآن لم يوافق مجلس الوزراء إلا على 18 طلباً، أما الطلبات الأخرى فهي بانتظار صدور قرار من مجلس الوزراء بشأنها. ويتعين على شركات التأمين التي تتم الموافقة على طلبها أن تطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي وأن تدرج أسهمها في سوق الأسهم المحلية وتستكمل المتطلبات التنظيمية اللاحقة قبل الحصول على الترخيص من "ساما". ويبلغ عدد الشركات التي أدرجت أسهمها في تداول 15 شركة تأمين حتى الآن، أما طروحات الاكتتاب للشركات الثلاث الأخرى فقد انتهى الاكتتاب فيها وهي بانتظار الإدراج.
وتبدو النظرة المستقبلية بالنسبة لقطاع البنوك السعودية في عام 2008 إيجابية لأن أسعار النفط العالية ستواصل تحفيز الاقتصاد والبيئة التشغيلية، الأمر الذي يزيد من الطلب على المنتجات والخدمات المصرفية. وقد انطلق الائتمان بقوة في الشهور العشرة الأولى من هذا العام ونعتقد أن هذه الانطلاقة تعكس إمكانات النمو على المدى الطويل في الاقتصاد السعودي. وستستفيد البنوك أيضا من تعافي أسواق المال. ورغم أن أحجام التداول ما زال أمامها طريق طويل للوصول إلى المستويات التي بلغتها في أواخر عام 2005 وأوائل عام 2006، إلا أن التعافي الذي تشهده الأسواق. سيساعد البنوك على توليد أرباح أعلى من عمليات الوساطة وإدارة الموجودات في الربع الأول من عام 2008 الذي يعتبر من الناحية التقليدية وقتاً يتسم بالنشاط من العام.
مواضيع مماثلة
» تقرير اقتصادي عالمي: الاتصالات السعودية الأولى على مستوى أسو
» تقرير اقتصادي: 892مليار دولار حجم سوق إدارة المرافق في منطقة الخليج العربي خلال الخمسة والعشرين عاماً المقبلة
» رسملة تستحوذ على 51% من شركة كابيتال الصناعية
» "المال كابيتال" جسر للمستثمرين للدخول للسوق السعود
» مؤتمر اقتصادي عراقي أميركي لإعادة إعمار البنى التحتية
» تقرير اقتصادي: 892مليار دولار حجم سوق إدارة المرافق في منطقة الخليج العربي خلال الخمسة والعشرين عاماً المقبلة
» رسملة تستحوذ على 51% من شركة كابيتال الصناعية
» "المال كابيتال" جسر للمستثمرين للدخول للسوق السعود
» مؤتمر اقتصادي عراقي أميركي لإعادة إعمار البنى التحتية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى