ماحكم تكرار الحج فى الأشهر الحرم ؟
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
ماحكم تكرار الحج فى الأشهر الحرم ؟
سؤال: يقول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } البقرة: 197، وقد علم أن هذه الأشهر هي: شوال وذو القعدة وذو الحجة. فلماذا لا يتكرر الحج في هذه الأشهر عدة مرات، فيحج فوج في أول شوال، وثان في منتصفه، وثالث في أول ذي القعدة، ثم في منتصفه، ثم في ذي الحجة، وبذلك نتفادى هذا الزحام الهائل الذي يزداد يوما بعد يوم، ويحرم الناس من المتعة الروحية للحج، رغم حرمان الكثيرين من التائقين إلى الحج بسبب تحديد عدد الحجاج في كل عام من كل قُطْر.
يجيب فضيلة الدكتور العلامة يوسف القرضاوي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
يستغرب المرء كيف يفكر المسلم في مثل هذا السؤال، وهو يعلم أن الحج عبادة فرضها الله تعالى، ونفذها رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلمها للمسلمين نظريا وعمليا، وقال لأصحابه الذين حجوا معه حجة الوداع: " خذوا عني مناسككم"، فتواترت عنه أعمال الحج تواترا عمليا نقلته أجيال الأمة، جيلا بعد جيل إلى اليوم.
والعبادات لا مجال فيها للابتداع أو للتغيير بحيث نغير زمانها أو مكانها أو كيفيتها، فالأصل فيها الإتباع والتسليم، ومن أحدث فيها ما ليس منها، فهو رد عليه، مرفوض شرعا، وهو بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ومن المقرر المعلوم أن الحج مرتبط بزمان محدد، كما أنه مرتبط بمكان معين، وكما لا يجوز نقل الحج من مكانه الخاص إلى مكان آخر، في المدينة أو في الشام أو في مصر مثلا، لا يجوز كذلك نقل الحج من زمانه المعلوم: يوم التروية، ويوم عرفة، ويوم العيد (يوم الحج الأكبر) كما سماه القرآن، وأيام منى. التي قال الله تعالى فيها: (واذكروا الله في أيام معدودات، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) البقرة: 203.
وقال تعالى في بيان حكمة الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الحج: 28، فلا مناص من التعبد في هذه الأيام المعدودات والمعلومات.
فليس الحج المشروع هو قصد البيت الحرام، وعمل المناسك في أي وقت، فإن هذا هو (الحج الأصغر) الذي شرعه الإسلام طوال العام، وهو العمرة، وهو إحرام وطواف وسعي وحلق وتقصير، وثوابها عظيم، وهي كفارة لما قبلها من الذنوب. بخلاف الحج الأكبر، أو الحج الحقيقي، فهو في خمسة أو ستة أيام معلومة من السنة.
ولقد غفل السائل عن هدف كبير من الأهداف التي شرع لها الحج، وهو جمع هذا الحشد العظيم من أبناء أمة الإسلام، في زمان واحد، ومكان واحد، على عمل واحد، بلباس واحد، وبقصد واحد، وبحداء واحد.
إن هذا المنسك العظيم يصهر ما بين الأمة من فوارق العرق والدين واللغة والإقليم والطبقة، ويوحدها مخبرا ومظهرا، حتى يشعر الجميع بأنهم (أمة واحدة) كما أراد الله لهم، لا أمم شتى كما أراد لهم أعداؤهم.
أمة وحدتها العقيدة، ووحدتها العبادة، ووحدها التشريع، ووحدتها الأخلاق، ووحدتها الآداب، ووحدتها المفاهيم، ولا غرو أن سمى الله المسلمين في كتابه (أمة) فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا} البقرة: 143، وقال عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}آل عمران: 110، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء: 92.
ولقد عرف خصوم الإسلام قيمة الحج في توحيد الأمة، وإيقاظها، وتعريفها بذاتها، وتنبيهها من غفلاتها.
ومما يذكر في ذلك ما كتبه رئيس حملة التبشير التي اجتاحت مصر في أوائل هذا القرن، وجندت لها إمكانات هائلة، بشرية ومادية، ولكنها باءت بالإخفاق والخيبة، فكان مما قاله رئيس هذه الحملة عبارات مهمة يجب أن يعيها المسلمون ويحفظوها.
قال: " سيظل الإسلام في مصر صخرة عاتية تتحطم عليها محاولات التبشير المسيحي، ما دام للإسلام هذه الدعائم الأربع: القرآن.. والأزهر.. واجتماع الجمعة الأسبوعي.. ومؤتمر الحج السنوي "!
فانظر كيف أدرك هذا المبشر ما يصنعه (مؤتمر الحج) الكبير بروحانيته وإيحاءاته وشعائره ومشاعره في أنفس المسلمين، وكيف يربطهم بأصولهم، ويذكرهم بهويتهم وتميزهم، ويعيد كلا منهم تائبا إلى ربه، طاهرا مغتسلا من خطاياه، كيوم ولدته أمه، فهو ميلاد جديد للمسلم. وأهم درس يتعلمه المسلم في الحج: أنه ينتمي إلى أمة كبيرة، أمة وحدة، أمة القبلة، وأمة التوحيد أمة " لا إله إلا الله، محمد رسول الله ".
ومن هنا كان علينا أن نتعلم من هذا المؤتمر الإسلامي العالمي، الذي لم يدع إليه ملك أو رئيس أو أمير، بل دعا إليه الله تبارك وتعالى، وفرضه على المسلمين مرة في العمر، ليخرج المسلم من نطاق المحلية إلى أفق العالمية، وليرتبط شعوريا وعمليا بأبناء الإسلام حيثما كانوا في مشرق أو مغرب، وليستفيد أهل الحل والعقد في الأمة من هذا الموسم الرباني لجمع كلمة الأمة على الهدى، وقلوبها على التقى، وعزائمها على الخير المشترك للجميع.
وعلى أهل العلم والفكر والدعوة في الأمة مقاومة النزعات العصبية والدعوات العلمانية التي تفرق الأمة الواحدة، وتمزق كيانها، وتحولها إلى أمم شتى، يجافي بعضها بعضا.
والله أعلم .
مواضيع مماثلة
» اللجنة التنفيذية لتطوير المنطقة المركزية حول الحرم النبوي تن
» الشامية تؤسس شركة شمال الحرم برأسمال 20 مليار ريال
» هل الحج بالتقسيط مقبولا ًعند الله أم لا؟
» هل تتبرع لبناء مسجد بتكاليف فريضة الحج ؟
» مصر: صرف المعاشات بنظام البطاقات الممغنطة خلال الأشهر الأولى من العام الجاري
» الشامية تؤسس شركة شمال الحرم برأسمال 20 مليار ريال
» هل الحج بالتقسيط مقبولا ًعند الله أم لا؟
» هل تتبرع لبناء مسجد بتكاليف فريضة الحج ؟
» مصر: صرف المعاشات بنظام البطاقات الممغنطة خلال الأشهر الأولى من العام الجاري
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى