رايتشل كارسون: امرأة هادئة دق كتابها ناقوس الخطر وأطلق حركة
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: تقارير أمريكية
صفحة 1 من اصل 1
رايتشل كارسون: امرأة هادئة دق كتابها ناقوس الخطر وأطلق حركة
رايتشل كارسون: امرأة هادئة دق كتابها ناقوس الخطر وأطلق حركة المحافظة على البيئة
(مقال من منشورة "رايتشل كارسون: القلم ضد السم،" باللغة الإنجليزية)
بقلم فيليس مكنتوش
لم تكن رايتشل كارسون تبدو وهي العالمة الخجول المتواضعة والموظفة الحكومية السابقة مرشحة محتملة لأن تصبح من أكثر النساء تأثيراً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. ولكن كارسون ظلت مأخوذة طوال حياتها بأمرين هما حبها للطبيعة وحبها للكتابة، وقد دفعها اهتمامها بهما إلى إصدار كتاب "الربيع الصامت" (Silent Spring) في العام 1962، وهو الكتاب الذي أيقظ الوعي البيئي لدى الشعب الأميركي وأدى إلى جهد قومي لا سابق له لحماية العالم الطبيعي من التدمير الكيميائي.
وقد وثقت كارسون، كعالمة مدربة، ما استخلصته من نتائج حول خطر المبيدات على المدى الطويل بكل دقة وتفصيل؛ وبينت هذا الخطر، ككاتبة ماهرة، بلغة كان يمكن للقارئ العادي أن يفهمها.
* عالمة طبيعيات بالفطرة
ولدت رايتشل كارسون قبل مئة عام في بلدة صغيرة في غرب ولاية بنسلفانيا. وكانت تذكر، رغم ترعرعها على بعد من المنطقة الساحلية، أنها كانت تشعر كطفلة بأنها "مسحورة تماماً بكل ما يرتبط بالمحيط." كما أنها كانت مصممة على أن تصبح في يوم ما كاتبة.
وقد بدأت كارسون التخصص باللغة الإنجليزية في كلية بنسلفانيا للبنات حتى بلغت السنة الجامعية الثالثة في دراستها، فتحولت إلى دراسة علم الأحياء، وهي خطوة كانت جريئة في زمن لا تلتحق فيه بكليات العلوم إلا قلة من الفتيات. ولكنها ثابرت على دراسة العلوم وحصلت على درجة الماجستير بامتياز من جامعة جونز هوبكنز في العام 1932 متخصصة بعلم الأحياء البحري. وكانت تمضي أشهر الصيف، أثناء تدريسها علم الحيوان في جامعة ماريلاند، بالدراسة في مختبر وودز هول لعلم الأحياء البحرية في ولاية مساتشوستس، حيث شاهدت، لأول مرة، البحر الذي كانت قد أحبته منذ نعومة أظافرها.
وقد بدأت حياتها كموظفة في سلك الخدمة المدنية بكتابة برامج إذاعية علمية لمكتب السماكة التابع للحكومة الأميركية، وما لبثت أن عرضت عليها وظيفة عالم الأحياء المائية، وكانت بذلك ثاني امرأة فقط يوظفها المكتب في منصب علمي. وأمضت كارسون 15 سنة في الحكومة الفدرالية تكتب المواد التثقيفية عن صيانة البيئة والموارد الطبيعية وتحرر المقالات العلمية. وكانت قد وصلت، لدى تقاعدها في العام 1952، إلى مركز رئيسة تحرير المنشورات في وكالة الأسماك والحيوانات والنباتات البرية الأميركية.
وواصلت كارسون أثناء عملها في الحكومة الكتابة بصفتها الشخصية عن حبها للبحر. ونشرت في العام 1941 كتابها الأول، "تحت ريح البحر" (Under the Sea-wind)، وهو نظرة عالم طبيعيات إلى الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة في البحر والشواطئ المحيطة به. وتحول كتابها الثاني، "البحر المحيط بنا" (The Sea Around Us) الذي يصف العمليات التي أدت إلى تشكل اليابسة والمحيطات، إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً ووفر لها شهرة عالمية.
وأتاح نجاح كتب كارسون على الصعيد المالي لها التقاعد من الوظيفة الحكومية وبناء بيت صغير على ساحل ولاية ماين. وقد واصلت أبحاثها المتعلقة بالبحر، وقامت في هذا السياق بالإبحار على متن سفينة ترولة (وهي سفينة تقوم بصيد السمك بشباك الجرف القاعي) إلى منطقة صيد السمك جورج بانكس حيث يكون البحر هائجاً قبالة ساحل ولاية مساتشوستس. وصدر كتابها "حافة البحر" (The Edge of the Sea)، دليل الحيوانات والنباتات البحرية، في العام 1955.
* عالمة تكافح في سبيل قضية
رغم أن معظم كتابات كارسون ركزت على البحر، إلا أنها كانت قد بدأت تشعر بالقلق منذ فترة طويلة من الضرر الذي يلحقه الإفراط في استخدام مبيدات الآفات الكيميائية على البيئة، وقامت حتى منذ العام 1945 بمحاولة فاشلة لبيع مقال عن إجراء تجارب على المبيدات لمجلة ريدرز دايجست. وفي العام 1958، مع ازدياد الأدلة على خطر الدي دي تي وغيره من المبيدات، تأثرت كارسون برسالة وصلتها من أصدقاء في كايب كود، بولاية مساتشوستس، يصفون فيها كيف أدى رش الدي دي تي من الجو إلى مقتل العديد من الطيور على أرض يملكونها.
وعقدت العزم على تنبيه الناس إلى الأخطار، وإذ أخفقت مرة أخرى في بيع مقال حول الموضوع لإحدى المجلات، بدأت العمل على تأليف كتاب "الربيع الصامت." وعكفت خلال الأعوام الأربعة التالية على التدقيق في صحة المعلومات التي تضمنها الكتاب، إذ توقعت توجيه شركات المواد الكيماوية انتقادات حادة لها، فتضمن 55 صفحة من المراجع والمصادر ولائحة طويلة بأسماء الخبراء الذين راجعوا مخطوطة الكتاب.
وعندما صدرت أول حلقة من الكتاب في مجلة نيويوركر في صيف عام 1962، انتقدتها صناعة المواد الكيماوية بقسوة، كما كان متوقعاً، واصفة إياها بأنها "امرأة مصابة بالهستيريا." ولكن كتابها حظي بإقبال الجماهير عليه، خاصة بعد أن عرضت إحدى شبكات التلفزيون الرئيسية برنامجاً خاصاً عن المبيدات تضمن مقابلة مع كارسون التي بدت هادئة تتحدث بعقلانية موردة الحجج والبراهين.
كما مثلت كارسون، علاوة على ظهورها في التلفزيون والمقابلات التي كانت تجرى معها، أمام عدد من لجان الكونغرس حيث دعت إلى إنشاء "هيئة خاصة بالمبيدات" أو نوع من الوكالة التي تشرف على تنظيم استعمالها لحماية أفراد الشعب والبيئة من أخطار المواد الكيماوية.
* تراث كارسون الدائم
أنشأ الكونغرس بعد ذلك بسبع سنوات، وبالتحديد في العام 1970، وكالة حماية البيئة، كنتيجة مباشرة لحركة المحافظة على البيئة التي أطلق شرارتها الأولى كتاب "الربيع الصامت." وفي العام 1972، حظرت الحكومة استخدام الدي دي تي، مبيد الحشرات الذي كان أحد العوامل التي أوصلت رمز أميركا القومي، النسر الأجرد، وغيره من الطيور إلى حافة الانقراض.
ولم يكن إلا حفنة من الناس على علم بأن كارسون كانت تخوض معركة خاسرة مع سرطان الثدي أثناء انكبابها على تأليف "الربيع الصامت" وتحملها محنة الجدل الذي أثاره. وما لبثت أن توفيت في شهر نيسان/إبريل 1964، وهي في السادسة والخمسين من العمر، في منزلها في سيلفر سبرنغ، بولاية ماريلاند، قرب واشنطن العاصمة، دون أن تعرف أن كتابها سيسفر عن ذلك التشريع التاريخي.
وقد كتبت بكل تواضع في رسالة إلى إحدى صديقاتها في العام 1962: "أستطيع أن أعتقد الآن أنني ساعدت قليلاً على الأقل. وسيكون من غير الواقعي التوقع بأن يحدث كتاب واحد تغييراً كاملا." وقد كانت مخطئة تماماً في ذلك. فكما قالت كاتبة سيرة كارسون، ليندا لير، "قدمت رايتشل كارسون، مواجهة بجرأة الهجوم الشخصي عليها ورغم المرض الفتاك الذي عانت منه، مثالاً مفحماً على قدرة الشخص الفرد على إحداث التغيير."
ملحوظة: فيليس مكنتوش محررة سابقة مساهمة في مجلة ناشنال وايلد لايف، تكتب عادة عن القضايا الصحية.
(مقال من منشورة "رايتشل كارسون: القلم ضد السم،" باللغة الإنجليزية)
بقلم فيليس مكنتوش
لم تكن رايتشل كارسون تبدو وهي العالمة الخجول المتواضعة والموظفة الحكومية السابقة مرشحة محتملة لأن تصبح من أكثر النساء تأثيراً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. ولكن كارسون ظلت مأخوذة طوال حياتها بأمرين هما حبها للطبيعة وحبها للكتابة، وقد دفعها اهتمامها بهما إلى إصدار كتاب "الربيع الصامت" (Silent Spring) في العام 1962، وهو الكتاب الذي أيقظ الوعي البيئي لدى الشعب الأميركي وأدى إلى جهد قومي لا سابق له لحماية العالم الطبيعي من التدمير الكيميائي.
وقد وثقت كارسون، كعالمة مدربة، ما استخلصته من نتائج حول خطر المبيدات على المدى الطويل بكل دقة وتفصيل؛ وبينت هذا الخطر، ككاتبة ماهرة، بلغة كان يمكن للقارئ العادي أن يفهمها.
* عالمة طبيعيات بالفطرة
ولدت رايتشل كارسون قبل مئة عام في بلدة صغيرة في غرب ولاية بنسلفانيا. وكانت تذكر، رغم ترعرعها على بعد من المنطقة الساحلية، أنها كانت تشعر كطفلة بأنها "مسحورة تماماً بكل ما يرتبط بالمحيط." كما أنها كانت مصممة على أن تصبح في يوم ما كاتبة.
وقد بدأت كارسون التخصص باللغة الإنجليزية في كلية بنسلفانيا للبنات حتى بلغت السنة الجامعية الثالثة في دراستها، فتحولت إلى دراسة علم الأحياء، وهي خطوة كانت جريئة في زمن لا تلتحق فيه بكليات العلوم إلا قلة من الفتيات. ولكنها ثابرت على دراسة العلوم وحصلت على درجة الماجستير بامتياز من جامعة جونز هوبكنز في العام 1932 متخصصة بعلم الأحياء البحري. وكانت تمضي أشهر الصيف، أثناء تدريسها علم الحيوان في جامعة ماريلاند، بالدراسة في مختبر وودز هول لعلم الأحياء البحرية في ولاية مساتشوستس، حيث شاهدت، لأول مرة، البحر الذي كانت قد أحبته منذ نعومة أظافرها.
وقد بدأت حياتها كموظفة في سلك الخدمة المدنية بكتابة برامج إذاعية علمية لمكتب السماكة التابع للحكومة الأميركية، وما لبثت أن عرضت عليها وظيفة عالم الأحياء المائية، وكانت بذلك ثاني امرأة فقط يوظفها المكتب في منصب علمي. وأمضت كارسون 15 سنة في الحكومة الفدرالية تكتب المواد التثقيفية عن صيانة البيئة والموارد الطبيعية وتحرر المقالات العلمية. وكانت قد وصلت، لدى تقاعدها في العام 1952، إلى مركز رئيسة تحرير المنشورات في وكالة الأسماك والحيوانات والنباتات البرية الأميركية.
وواصلت كارسون أثناء عملها في الحكومة الكتابة بصفتها الشخصية عن حبها للبحر. ونشرت في العام 1941 كتابها الأول، "تحت ريح البحر" (Under the Sea-wind)، وهو نظرة عالم طبيعيات إلى الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة في البحر والشواطئ المحيطة به. وتحول كتابها الثاني، "البحر المحيط بنا" (The Sea Around Us) الذي يصف العمليات التي أدت إلى تشكل اليابسة والمحيطات، إلى أحد أكثر الكتب مبيعاً ووفر لها شهرة عالمية.
وأتاح نجاح كتب كارسون على الصعيد المالي لها التقاعد من الوظيفة الحكومية وبناء بيت صغير على ساحل ولاية ماين. وقد واصلت أبحاثها المتعلقة بالبحر، وقامت في هذا السياق بالإبحار على متن سفينة ترولة (وهي سفينة تقوم بصيد السمك بشباك الجرف القاعي) إلى منطقة صيد السمك جورج بانكس حيث يكون البحر هائجاً قبالة ساحل ولاية مساتشوستس. وصدر كتابها "حافة البحر" (The Edge of the Sea)، دليل الحيوانات والنباتات البحرية، في العام 1955.
* عالمة تكافح في سبيل قضية
رغم أن معظم كتابات كارسون ركزت على البحر، إلا أنها كانت قد بدأت تشعر بالقلق منذ فترة طويلة من الضرر الذي يلحقه الإفراط في استخدام مبيدات الآفات الكيميائية على البيئة، وقامت حتى منذ العام 1945 بمحاولة فاشلة لبيع مقال عن إجراء تجارب على المبيدات لمجلة ريدرز دايجست. وفي العام 1958، مع ازدياد الأدلة على خطر الدي دي تي وغيره من المبيدات، تأثرت كارسون برسالة وصلتها من أصدقاء في كايب كود، بولاية مساتشوستس، يصفون فيها كيف أدى رش الدي دي تي من الجو إلى مقتل العديد من الطيور على أرض يملكونها.
وعقدت العزم على تنبيه الناس إلى الأخطار، وإذ أخفقت مرة أخرى في بيع مقال حول الموضوع لإحدى المجلات، بدأت العمل على تأليف كتاب "الربيع الصامت." وعكفت خلال الأعوام الأربعة التالية على التدقيق في صحة المعلومات التي تضمنها الكتاب، إذ توقعت توجيه شركات المواد الكيماوية انتقادات حادة لها، فتضمن 55 صفحة من المراجع والمصادر ولائحة طويلة بأسماء الخبراء الذين راجعوا مخطوطة الكتاب.
وعندما صدرت أول حلقة من الكتاب في مجلة نيويوركر في صيف عام 1962، انتقدتها صناعة المواد الكيماوية بقسوة، كما كان متوقعاً، واصفة إياها بأنها "امرأة مصابة بالهستيريا." ولكن كتابها حظي بإقبال الجماهير عليه، خاصة بعد أن عرضت إحدى شبكات التلفزيون الرئيسية برنامجاً خاصاً عن المبيدات تضمن مقابلة مع كارسون التي بدت هادئة تتحدث بعقلانية موردة الحجج والبراهين.
كما مثلت كارسون، علاوة على ظهورها في التلفزيون والمقابلات التي كانت تجرى معها، أمام عدد من لجان الكونغرس حيث دعت إلى إنشاء "هيئة خاصة بالمبيدات" أو نوع من الوكالة التي تشرف على تنظيم استعمالها لحماية أفراد الشعب والبيئة من أخطار المواد الكيماوية.
* تراث كارسون الدائم
أنشأ الكونغرس بعد ذلك بسبع سنوات، وبالتحديد في العام 1970، وكالة حماية البيئة، كنتيجة مباشرة لحركة المحافظة على البيئة التي أطلق شرارتها الأولى كتاب "الربيع الصامت." وفي العام 1972، حظرت الحكومة استخدام الدي دي تي، مبيد الحشرات الذي كان أحد العوامل التي أوصلت رمز أميركا القومي، النسر الأجرد، وغيره من الطيور إلى حافة الانقراض.
ولم يكن إلا حفنة من الناس على علم بأن كارسون كانت تخوض معركة خاسرة مع سرطان الثدي أثناء انكبابها على تأليف "الربيع الصامت" وتحملها محنة الجدل الذي أثاره. وما لبثت أن توفيت في شهر نيسان/إبريل 1964، وهي في السادسة والخمسين من العمر، في منزلها في سيلفر سبرنغ، بولاية ماريلاند، قرب واشنطن العاصمة، دون أن تعرف أن كتابها سيسفر عن ذلك التشريع التاريخي.
وقد كتبت بكل تواضع في رسالة إلى إحدى صديقاتها في العام 1962: "أستطيع أن أعتقد الآن أنني ساعدت قليلاً على الأقل. وسيكون من غير الواقعي التوقع بأن يحدث كتاب واحد تغييراً كاملا." وقد كانت مخطئة تماماً في ذلك. فكما قالت كاتبة سيرة كارسون، ليندا لير، "قدمت رايتشل كارسون، مواجهة بجرأة الهجوم الشخصي عليها ورغم المرض الفتاك الذي عانت منه، مثالاً مفحماً على قدرة الشخص الفرد على إحداث التغيير."
ملحوظة: فيليس مكنتوش محررة سابقة مساهمة في مجلة ناشنال وايلد لايف، تكتب عادة عن القضايا الصحية.
مواضيع مماثلة
» الميلان يدق ناقوس الخطر
» المجتمع الدولي يدق ناقوس الخطر حيال البرنامج النووي الإيراني
» الأسواق الخليجية تنهي الأسبوع بتعاملات هادئة وسط انخفاض في الكميات المتداولة
» العالم يفقد 30% من شعابه المرجانية ويلقي بها على حافة الخطر
» رسالة من امرأة غير حاقدة
» المجتمع الدولي يدق ناقوس الخطر حيال البرنامج النووي الإيراني
» الأسواق الخليجية تنهي الأسبوع بتعاملات هادئة وسط انخفاض في الكميات المتداولة
» العالم يفقد 30% من شعابه المرجانية ويلقي بها على حافة الخطر
» رسالة من امرأة غير حاقدة
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: تقارير أمريكية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى