شوستر.. ولغز السودوكو المدريدي!
صفحة 1 من اصل 1
شوستر.. ولغز السودوكو المدريدي!
أمامه تسعة صفوف وتسعة أعمدة، لا يمتلك من الأرقام سوى من الرقم واحد إلى تسعة، عليه ألا يكرر تدوين أي رقم مرتين في أي صف أو أي عمود. القلم الرصاص يهتز في عصبية، يبدو الطريق بلا حل.
في نهاية الأمر الرقعة تسودها الفوضى وآثار الأرقام التي سبق وأزالها بالممحاة، وكذلك الحال بالنسبة لكل رقعات لعبة السودوكو من كل الصحف المتراكمة إلى جانبه، والتي جمعها الألماني بيرند شوستر مدرب ريال مدريد الملقب بـ"الملاك الأشقر" على مدار الأسبوعين الماضيين.
لم يعد شوستر يستمتع بحل معضلات السودوكو التي تصاحب إفطاره اليومي كما كانت الحال قبل شهر من الآن، عندما تولى تدريب فريقه الجديد، فمدرب ريال مدريد يحاول تجنب الصفحات الأولى والداخلية لصحف الصباح التي تنتقد إدارة ومستوى ناديه، متجها مباشرة إلى الصفحة الأخيرة؛ حيث يقبع لغزه المفضل، والذي أصبح يذكره بسودوكو أكثر صعوبة ولكن على رقعة خضراء اللون هذه المرة.
شوستر الذي كان يتوقد حماسا، مخفيا خجلا طاغيا بابتسامة عريضة لدى تقديمه مدربا للريال مطلع الشهر الماضي، يحاول أن يصبح هادئا قبل ساعات من المباراة الرسمية الأولى للريال أمام سيفيليا في ذهاب كأس السوبر الإسباني.
ولكن خلف هذا الهدوء حالة من الضبابية تعكسه إجابات آخر مؤتمر صحفي عقده مساء يوم الأربعاء، والتي اكتست جميعا بلون رمادي باهت؛ إلا أنه يبدو للجميع كسائق شاحنة يصر على ارتداء نضارته الشمسية؛ رغم أن شاحنته تهبط بفعل الرمال المتحركة أسفله.
شوستر يدخل منتصف شهر أغسطس/آب ورقعته ليس بها أرقام كاكا، ولا بالاك، ولا كريستيانو رونالدو ولا فابريجاس ولا روبين ولا درينتي ولا سمير نصري ولا شنايدر ولا تشيفو، ولا يعلم حتى إذا كان بمقدوره الاعتماد على رقم البرازيلي جوليو بابتيستا، فيما فقد أرقاما أساسية أخرى خلال الأشهر الماضية القليلة مثل بيكام وإيليجيرا وروبرتو كارلوس ورييس. لا يبدو على الرقعة سوى نسخة كرتونية راقصة لرئيس البيت الأبيض رامون كالديرون تصوره الصحافة المحلية كدرويش لا يتوقف عن التمتمة بكلمة واحدة هي "كاكا.. كاكا.. كاكا".
سيرك ريال مدريد
الأسابيع الست الأخيرة كانت بمثابة عدسة مبكرة لذلك السيرك الكبير الذي طالما أدمن عشاق المدريد مشاهدته، بين إدارة تهوى الحركات البهلوانية على صعيد الصفقات ووضع استراتيجيات الفريق، وبين إعلام لا يعرف الرحمة يطالب الإدارة بالمزيد للبقاء في الصراع مع البارسا، وبين جمهور لا يعرف الصبر أمنيته الوحيدة هي الجمع بين الكرة الجميلة والألقاب!!
فيما كان الأسبوعان الأخيران للريال في ملاعب النمسا وألمانيا وروسيا ولاكرونيا ضمن استعداداته للموسم الجديد تأكيداً للحقيقة التي لا يريد أحد تصديقها داخل أروقة النادي الملكي، أن الفريق الأبيض لا يمتلك "فريقاً"، ولم يكن يمتلك "فريقاً" بالدرجة الأولى خلال المواسم الأربعة الماضية. فعلى سبيل المثال يدخل ريال مدريد النصف الثاني من أغسطس/آب الجاري كأتعس بطل دوري محلي في أوروبا دون جبهة يسرى على الإطلاق، في ظل تعثر مفاوضات روبين ودرينتي (بل إن الريال على وشك الدخول في متاهة كواريسما مع بورتو البرتغالي مقابل 40 مليون يورو!).
شوستر الذي قدم إلى الريال سفيرا للكرة الهجومية مهدد الآن بلعب الموسم المقبل بلا صانع ألعاب في الوقت الذي أطلق فيه المدرب الألماني نفسه صرخة مكتومة عقب مباراة أيندهوقن الودية "لا يمكنني الاعتماد على جوتي خلال ستين مباراة كاملة الموسم القادم، لا يمكن للاعب واحد أن يصبح عقل فريق بحجم الريال خلال موسم كامل بمفرده".
تعاسة الريال تكتمل في ظل خط خلفي يمكنك سماع صدى هشاشته من شاشة التلفزيون على مدار الأعوام الأربعة الأخيرة (18 هدفاً في مرماه خلال المباريات التسع الأخيرة الحاسمة في الموسم الماضي، وسبعة أهداف في خمس مباريات إعدادية مؤخرا)؛ حيث لا يعلم أحد متى سيبدأ الثنائي الجديد البرازيلي بيبي -صاحب الـ30 مليون يورو- والألماني ميتسيلدر في الاندماج مع خط دفاع لم يكن منسجما في المقام الأول برفقة كانافارو وسيرخيو راموس وسيسينيو!
رقعة شوستر لا تبدو مظلمة في إجمالها، فبحوزته مجموعة من الأرقام الإيجابية من فريق الظل، لعل أبرزهم في فترة الإعداد الأخيرة خافيير بالبوا الذي بإمكانه شحن الجبهة اليسرى ببعض الطاقة، الواعد روبين دي لا ريد في منطقة العمليات، وزميله المراهق الموهوب ستيبان جرانيرو، إلى جانب الأرجنتينيين جاجو وإيجوايين في رحلتهما لاكتشاف موقعهما في تشكيلة الفريق الأساسية، ولكن هل سيكون في مقدور تلك المواهب تولى مسئولية أهم مراكز الفريق في فترة قياسية، بعد أن كانت حبيسة خزانة ملابس النادي طوال سنوات؟
في استطلاع أخير قام به موقع صحيفة ماركا -ذات الميول المدريدية، شارك فيه نحو 66 ألف قارئ- أكد 73% منهم أن أي صفقة جديدة ستبرمها إدارة الريال لن تعوض صفحات الإخفاق في حسم صفقات كاكا ورونالدو وفابريجاس وتشيفو التي وعد بها كالديرون منذ فوزه بمقعد الرئاسة صيف عام 2006، واعدا أيضاً بالهبوط على الأرض بعد كوارث حقبة "كواكب فلورنتينو بيريث"، ولكن تقريرا أخيرا للصحفي دييغو توريس نشرته صحيفة الباييس في الثامن من أغسطس/آب يشير إلى أن نفس سياسات الماضي مازالت تطوف بأروقة النادي، في ذكر لتفاصيل حديث دار بين المدير الرياضي بيديا مياتوفيتس وتشيفو على هامش المفاوضات بين الطرفين للاستفادة بخدمات المدافع الروماني.
ففي الوقت الذي حاول فيه مياتوفيتش إقناع اللاعب بتخفيض راتبه، لم يجد من وسيلة سوى إبلاغه بأنه ربما سوف يخسر بعض الأموال ولكنه سيكسب في المقابل شرف اللعب للريال، وهو ما لم يترك للاعب روما أية بدائل سوى الرد بأنه مستعد للقدوم فورا في حال تنازل مياتوفيتش عن راتبه الشهري!
فريق الكلاب الأليفة
في نهاية الثمانينات قال أحد معلقي محطة كادينا سير الإذاعية إن بيرند شوستر هو اللاعب الوحيد الذي يمكنك أن تبني من حوله فريق كرة قدم، حتى لو كان هذا الفريق مكونا من الكلاب الأليفة. بعد نحو عشرين عاما يتوجب على شوستر نفسه كمدرب فك لغز عمود سودوكو المكون من تسع خانات وفي جعبته خمسة أرقام فقط، والألغاز الافتتاحية المقبلة خلال أقل من شهر ستكون من نوعية سيفيليا ذهابا وإيابا في كأس السوبر، ثم أتليتكو مدريد قنبلة الموسم الموقوتة في افتتاح الليجا، ومن بعده الحلول ضيفا على قنبلة موقوتة أخرى اسمها فياريال في المرحلة الثانية من المسابقة.
شوستر لم يكن طوال مسيرته كلاعب وكمدرب سوى مقاتل بالفطرة، وهو الذي هجر منتخب بلاده طواعية في سن الرابعة والعشرين، واستخدم "ذراعه" من قبل بنهائي الكأس في تحية لاعبي ريال مدريد عام 1983 عندما كان لاعبا ببرشلونة، قبل أن يطلق برشلونة ويحرز لقب الدوري مرتين برفقة الريال نفسه في نهاية الثمانينات، عرف طعم الإقالة والاستقالة والانتقادات كمدرب أكثر من مرة قبل أن يصبح أحد أهم مدربي الليجا الموسم الماضي برفقة خيتافي، ومدربا لفريقه القديم دون أن يفوز بلقب واحد منذ أن عرف طريق التدريب قبل نحو 10 سنوات، ففي النهاية شوستر يبدو متمسكا بفرصه في الحياة والنجاح كشاب برداء جينز متمرد ممتطيا دراجته البخارية بالمقارنة مع الطابع المحافظ لسلفه الإيطالي فابيو كابيللو.
ففي بداية توليه مسئولية الفريق في أغسطس/آب من عام 2006 طالب كابيللو بمهلة 50 يوما لترك بصماته على الفريق، وفي ليلة اليوم الخمسين تلقى الفريق هزيمة مذلة بهدف على يد خيتافي ومديره الفني آنذاك شوستر نفسه.
الآن لعبة السودوكو المدريدية ربما ستستغرق وقتا أطول من وجبة الإفطار الصباحية الخاصة بشوستر، فالتوقعات لا تزال قائمة بقدرته على حلها ربما بعد عدة أشهر، ولكن هل ستتركه "طاحونة" الريال كل هذا الوقت دون أن تنزع منه قلمه الرصاص وتجعل من حروف اسمه مادة للألغاز والكلمات المتقاطعة؛ كنفس الحروف التي شكلت في السنوات الأخيرة أسماء فلورنتينو بيريث، فالدانو، بوتراجينيو، ساكي، كابيللو، ييرو، ميكاليلي، بالداني، لوكسمبورغو، ديل بوسكي، إيليجيرا، بيكام، رونالدو، أوين، وودجيت، خوان كارو، فيجو، والتر صامويل، جرافيسين، بورتيو، كاسانو، عفوا الرقعة لم تسمح بالمزيد!
مواضيع مماثلة
» بالاك محط اهتمام شوستر
» شوستر : لقد افتقدنا قوتي
» خطة شوستر امام بلد الوليد
» تصريح شوستر بعد المباراه
» شوستر ينتقد الريال
» شوستر : لقد افتقدنا قوتي
» خطة شوستر امام بلد الوليد
» تصريح شوستر بعد المباراه
» شوستر ينتقد الريال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى