اسس العقيده الاسلاميه
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
اسس العقيده الاسلاميه
إعداد: معهد الإمام البخاري للشريعة الإسلامية
العقيدةالإسلامية فأسسها ستة وتسمى أركانالإيمان وهي :
الإيمان بالله
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالكتب
الإيمان بالرسل
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان بالقدر خيره وشره
وقد دل على هذه الأسسكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى اللهعليه وسلم.
ففي كتاب الله تعـالى يقول الله عزوجل : {لّيْسَ الْبِرّ أَنتُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِوَلَـَكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِوَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِوَالنّبِيّينَ}1ويقول في القدر : {إِنّاكُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاّ وَاحِدَةٌكَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}2.
وعن عمر رضي الله عنهقال : (بينما نحن جلوس عندرسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومإذ طلع علينا رجل شديد بياض الثيابشديد سواد الشعر لا يرى عليه أثرالسفر ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلسإلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسندركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه علىفخذيه ، وقال . يا محمد أخبرني عنالإسلام ؟ فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : الإسلام أن تشهد أن لا الهإلا الله ، وأن محمد رسول الله ،وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصومرمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليهسبيلا - قال صدقت - فعجبنا له يسألهويصدقه .
قال : فأخبرني عن الإيمان ،قال أنتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلهواليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيرهوشره - قال صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان - قال أنتعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراهفإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة - قال ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل .
قال : فأخبرني عن إماراتها - قال أنتلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاةالعراة العالة رعاء الشاء يتطاولونفي البنيان. ثم انطلق فلبث ملياً ثمقال لي يا عمر أتدري من السائل ؟ فقلتالله ورسوله أعلم
قال : (فأنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)3.
وهذه الأصول الستة قد اتفقت عليهاالرسل و الشرائع ، ونزلت بها الكتب ،ولا يتم إيمان المرء إلا باعتقادهاومن جحد واحد منها خرج من الإيمان إلىالكفر .
الإيـمان بالله
الإيمان بالله : هوالإيمان والاعتقاد الجازم بأن اللهرب كل شيء ومليكه وخالقه ، وأنه الذييستحق وحده أن يفرد بالعبادة ، وأنهالمتصف بصفات الكمال المنزه عن كلنقص و عيب ، مع التزام ذلك والعمل به .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
الأول:الإيمان بوجود الله تعالى
وقد دلعلى وجود الله تعالى ما يلي : الفطرة،والعقل، والشرع، والحس .
1- دلالة الفطرة على وجودالله تعالى فإن كل مخلوق قد فطر علىالإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أوتعليم ، ولا ينصرف عن مقتضى هذهالفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفهعنها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مامن مولود إلا يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه أو ينصرانه أويمجسانه ".4
2 - دلالة العقل على وجودالله تعالى فلأن هذه المخلوقاتسابقها ولاحقها لا بد لها من خالقأوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسبنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة . فهملم يخلقوا من غير شيء ولم يخلقواأنفسهم ، ويؤكد هذا الدليل العقليقول الله تعالى : {أَمْ خُلِقُواْمِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُالْخَالِقُونَ}5
3- دلالة الشرع على وجودالله تعالى فلأن الكتب السماوية كلهاتنطق بذلك وما جاءت به من الأحكامالعادلة المتضمنة لمصالح الخلق دليلعلى أنها من رب حكيم عليم بما يصلحخلقه. وما جاءت به من الأخبار الكونيةالتي شهد الواقع بصدقها دليل علىأنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4- وأما دلالة الحس على وجودالله تعالى فمن وجهين:
الوجه الأول : أننا نسمعونشاهد من إجابة الداعين وغوثالمكروبين ما يدل دلالة قاطعة علىوجوده تعالى . ويدل لذلك القرآنوالسنة كما في قوله تعالى : {وَنُوحاًإِذْ نَادَىَ مِن قَبْلُفَاسْتَجَبْنَا لَهُ}6. ومن السنة قصةالإعرابي الذي دخل المسجد يوم الجمعةوسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أنيستسقي لهم .
الوجه الثاني : أن آياتالأنبياء التي تسمى (المعجزات)ويشاهدها الناس أو يسمعون بها برهانقاطع على وجود مرسلهم وهو اللهتعـالى لأنها أمور خارجة عن نطاقالبشر يجريها الله تعالى تأييدالرسله ونصراً لهم.
ومن أمثلة ذلك : موسى عليهالسلام ضرب البحر فانفلق
عيسى عليه السلام يحي الموتى
محمد صلى الله عليه وسلم أشار إلىالقمر فانفلق فرقتين
الثاني: الإيمان بربوبيته
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولامعين.(توحيد الربوبية)
والرب : من له الخلق و الملك والأمرقال الله تعالى : {أَلاَ لَهُالْخَلْقُ وَالأمْرُ}7
الثالث:الإيمان بألوهيته
أي بأنه وحده الإله الحق المستحقللعبادة لا شريك له . (توحيد الألوهيه)
والإله : بمعنى المعبود حباًوتعظيماً قال تعالى : {وَإِلَـَهُكُمْإِلَـَهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلَـَهَإِلاّ هُوَ الرّحْمَـَنُ الرّحِيمُ}8
الرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته
أيإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابهأو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم منالأسماء والصفات على الوجه اللائق بهمن غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولاتمثيل . قال تعالى {وَللّهِالأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُبِهَا}9 ، وقال تعالى : {لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُالْبَصِيرُ}10 . (توحيد الأسماءوالصفات)
والإيمان بالله تعالىيثمر للمؤمن ثمرات جليلة منها:
الأولى : تحقيق توحيد اللهتعالى بحيث لا يتعلقُ بغيره رجاء ولاخوف ولا يعبد غيره.
الثانية: كمال محبة اللهتعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنىوصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعلما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
الرابعة: السعادة في الدنياوالآخرة.
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالملائكة :وهو الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكةخلقهم من نور ، ووكلهم بأعمال يقومونبها ، ومنحهم الطاعة التامة لأمرهوالقوة على تنفيذه .
والملائكة عالم غيبي مخلوقون عابدونلله تعالى ، وليس لهم من خصائصالربوبية والألوهية شيء ، خلقهم اللهتعالى من نور، ومنحهم الانقياد التاملأمره والقوة على تنفيذه قال اللهتعالى:{وَلَهُ مَن فِيالسّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْعِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْعِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبّحُونَ الْلّيْلَوَالنّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ}11.
وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا اللهتعـالى، وقد ثبت في الصحيحين منحديـث أنس رضي الله عنه في قصةالمعراج أن النبي صلى الله عليه وسلمرفع له البيت المعمور في السماء يصليفيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوالم يعودوا إليه آخر ما عليهم.
والإيمان بالملائكةيتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمـان بوجودهم.
الثاني : الإيمـان بمنعلمنا اسمه منهم باسمه كجبريل، ومنلم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا.
الثالث: الإيمان بما علمنامن صفاتهم كصفة جبريل ، فقد أخبرالنبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه علىصفته التي خلق عليها وله ستمائة جناحقد سد الأفق.
وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلىهيئة رجل، كما حصل لجبريل حين أرسلهتعالى إلى مريم فتمثل لها بشرا سويا،وحين جاء إلى النبي صلى الله عليهوسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفةرجل12. وكذلك الملائكة الذين أرسلهمالله تعالى إلى إبراهيم ولوط كانواعلى صورة رجال.
الرابع : الإيمان بما علمنامن أعمالهم التي يقومون بها بأمرالله تعـالى كتسبيحه والتعبد له ليلاونهارا بدون ملل ولا فتور.
وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة مثل "جبريل" الأمين على وحي الله تعالىيرسله الله به إلى الأنبياء والرسل .
ومثل " ميكائيل "الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
ومثل "اسرافيل "الموكل بالنفخ في الصور عند قيـامالسـاعة وبعث الخلق .
ومثل " ملك الموت "الموكل بقبض الأرواح عند الموت .
ومثل " مالك " الموكلبالنار وهو خازن النـار .
ومثل الملائكة الموكلين بالأجنـة فيالأرحام ، إذا تم للإنسان أربعة أشهرفي بطن أمه بعث الله إليه ملكا وأمرهبكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سـعيد.
ومثل الملائكة الموكلين بحفظ بني آدم.
ومثل الملائكة الموكلين بحفـظ أعمالبني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكانأحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال .
ومثل الملائكة الموكلين بسؤال الميتإذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانهعن ربه ودينه ونبيه.
والإيمان بالملائكةيثمر ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم بعظمة اللهتعالى وقوته وسلطانه ، فإن عظمةالمخلوق تدل على عظمة الخالق .
الثانية: شكر الله تعالىعلى عنايته ببني آدم حيث وكل من هؤلاءالملائكة من يقو م بحفظهم وكتابةأعمالهم وغير ذلك من مصالحهم .
الثالثة: محبة الملائكة علىما قاموا به من عبادة الله تعالى .
وقد أنكر قوم منالزائغين كون الملائكة أجساماًوقالوا إنهم عبارة عن قوى الخيرالكامنة في المخلوقات وهذا تكذيبلكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلىالله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِفَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِجَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاًأُوْلِيَ أَجْنِحَةٍ مّثْنَىَوَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}13.
الجن
الجن عالم غيبي خلقوامن نار ، وكان خلقهم قبل خلق الإنس ،كما قال تعالى :
{وَلَقَدْخَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍمّنْ حَمَإٍ مّسْنُونٍ * وَالْجَآنّخَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نّارِالسّمُومِ}14.
وهم مكلفون يوجه إليهم أمر اللهتعالى ونهيه ، فمنهم المؤمن ومنهمالكافر ، ومنهم المطيع ، ومنهمالعاصي ، قال الله تعالى عنهم : {وَأَنّامِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّاالْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَفَأُوْلَـَئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً* وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْلِجَهَنّمَ حَطَباً}15 وقال {وَأَنّامِنّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَذَلِكَ كُنّا طَرَآئِقَ قِدَداً}16
أي جماعات متفرقة وأهواء ، كما يكونذلك في الإنس ، فالكافر منهم يدخلالنار بالإجماع ، والمؤمن يدخل الجنةكالإنس ، قال تعالى : {وَلِمَنْ خَافَمَقَامَ رَبّهِ جَنّتَانِ * فَبِأَيّآلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}17.
والظلم بينهم وبين الآدميين . لقولهتعالى في الحديث القدسي : ( ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسيوجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) رواه مسلم ، ومعهذا فإنهم يعتدون على الإنس أحياناً، كما يعتدي الإنس عليهم أحياناً
ومن عدوان الإنس عليهم أن يستجمرالإنسان بعظم أو روث ، ففي صحيح مسلمعن أبن مسعود رضي الله عنه أن الجنسألوا النبي صلى الله عليه وسلمالزاد فقال : ( لكم كل عظم ذكر اسمالله عليه ، يقع في أيديكم أوفر مايكون لحما ، وكل بعرة علف لدوابكم). وقال النبي صلىالله عليه وسلم : ( فلا تستنجوابهما فإنهما طعام إخوانكم ) .
ومن عدوان الجن على الإنس :
1 - يتسلطون عليهم بالوسوسة التييلقونها في قلوبهم .
2 - يخوفون الإنس ويلقون في قلوبهمالرعب خاصة عندما يلتجئ الإنسانإليهم قال تعالى :{وَأَنّهُ كَانَرِجَالٌ مّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَبِرِجَالٍ مّنَ الْجِنّ فَزَادوهُمْرَهَقاً}18.
3 - أن الجن يصرع الإنسي فيطرحه .
وينقسم الصرع إلى نوعين :
1 - صرع من الجن .
2 - صرع من مرض عضوي .
العقيدةالإسلامية فأسسها ستة وتسمى أركانالإيمان وهي :
الإيمان بالله
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالكتب
الإيمان بالرسل
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان بالقدر خيره وشره
وقد دل على هذه الأسسكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى اللهعليه وسلم.
ففي كتاب الله تعـالى يقول الله عزوجل : {لّيْسَ الْبِرّ أَنتُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِوَلَـَكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِوَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِوَالنّبِيّينَ}1ويقول في القدر : {إِنّاكُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ *وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاّ وَاحِدَةٌكَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}2.
وعن عمر رضي الله عنهقال : (بينما نحن جلوس عندرسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومإذ طلع علينا رجل شديد بياض الثيابشديد سواد الشعر لا يرى عليه أثرالسفر ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلسإلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسندركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه علىفخذيه ، وقال . يا محمد أخبرني عنالإسلام ؟ فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : الإسلام أن تشهد أن لا الهإلا الله ، وأن محمد رسول الله ،وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصومرمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليهسبيلا - قال صدقت - فعجبنا له يسألهويصدقه .
قال : فأخبرني عن الإيمان ،قال أنتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلهواليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيرهوشره - قال صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان - قال أنتعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراهفإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة - قال ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل .
قال : فأخبرني عن إماراتها - قال أنتلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاةالعراة العالة رعاء الشاء يتطاولونفي البنيان. ثم انطلق فلبث ملياً ثمقال لي يا عمر أتدري من السائل ؟ فقلتالله ورسوله أعلم
قال : (فأنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)3.
وهذه الأصول الستة قد اتفقت عليهاالرسل و الشرائع ، ونزلت بها الكتب ،ولا يتم إيمان المرء إلا باعتقادهاومن جحد واحد منها خرج من الإيمان إلىالكفر .
الإيـمان بالله
الإيمان بالله : هوالإيمان والاعتقاد الجازم بأن اللهرب كل شيء ومليكه وخالقه ، وأنه الذييستحق وحده أن يفرد بالعبادة ، وأنهالمتصف بصفات الكمال المنزه عن كلنقص و عيب ، مع التزام ذلك والعمل به .
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
الأول:الإيمان بوجود الله تعالى
وقد دلعلى وجود الله تعالى ما يلي : الفطرة،والعقل، والشرع، والحس .
1- دلالة الفطرة على وجودالله تعالى فإن كل مخلوق قد فطر علىالإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أوتعليم ، ولا ينصرف عن مقتضى هذهالفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفهعنها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مامن مولود إلا يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه أو ينصرانه أويمجسانه ".4
2 - دلالة العقل على وجودالله تعالى فلأن هذه المخلوقاتسابقها ولاحقها لا بد لها من خالقأوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسبنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة . فهملم يخلقوا من غير شيء ولم يخلقواأنفسهم ، ويؤكد هذا الدليل العقليقول الله تعالى : {أَمْ خُلِقُواْمِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُالْخَالِقُونَ}5
3- دلالة الشرع على وجودالله تعالى فلأن الكتب السماوية كلهاتنطق بذلك وما جاءت به من الأحكامالعادلة المتضمنة لمصالح الخلق دليلعلى أنها من رب حكيم عليم بما يصلحخلقه. وما جاءت به من الأخبار الكونيةالتي شهد الواقع بصدقها دليل علىأنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4- وأما دلالة الحس على وجودالله تعالى فمن وجهين:
الوجه الأول : أننا نسمعونشاهد من إجابة الداعين وغوثالمكروبين ما يدل دلالة قاطعة علىوجوده تعالى . ويدل لذلك القرآنوالسنة كما في قوله تعالى : {وَنُوحاًإِذْ نَادَىَ مِن قَبْلُفَاسْتَجَبْنَا لَهُ}6. ومن السنة قصةالإعرابي الذي دخل المسجد يوم الجمعةوسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أنيستسقي لهم .
الوجه الثاني : أن آياتالأنبياء التي تسمى (المعجزات)ويشاهدها الناس أو يسمعون بها برهانقاطع على وجود مرسلهم وهو اللهتعـالى لأنها أمور خارجة عن نطاقالبشر يجريها الله تعالى تأييدالرسله ونصراً لهم.
ومن أمثلة ذلك : موسى عليهالسلام ضرب البحر فانفلق
عيسى عليه السلام يحي الموتى
محمد صلى الله عليه وسلم أشار إلىالقمر فانفلق فرقتين
الثاني: الإيمان بربوبيته
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولامعين.(توحيد الربوبية)
والرب : من له الخلق و الملك والأمرقال الله تعالى : {أَلاَ لَهُالْخَلْقُ وَالأمْرُ}7
الثالث:الإيمان بألوهيته
أي بأنه وحده الإله الحق المستحقللعبادة لا شريك له . (توحيد الألوهيه)
والإله : بمعنى المعبود حباًوتعظيماً قال تعالى : {وَإِلَـَهُكُمْإِلَـَهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلَـَهَإِلاّ هُوَ الرّحْمَـَنُ الرّحِيمُ}8
الرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته
أيإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابهأو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم منالأسماء والصفات على الوجه اللائق بهمن غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولاتمثيل . قال تعالى {وَللّهِالأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُبِهَا}9 ، وقال تعالى : {لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُالْبَصِيرُ}10 . (توحيد الأسماءوالصفات)
والإيمان بالله تعالىيثمر للمؤمن ثمرات جليلة منها:
الأولى : تحقيق توحيد اللهتعالى بحيث لا يتعلقُ بغيره رجاء ولاخوف ولا يعبد غيره.
الثانية: كمال محبة اللهتعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنىوصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعلما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
الرابعة: السعادة في الدنياوالآخرة.
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالملائكة :وهو الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكةخلقهم من نور ، ووكلهم بأعمال يقومونبها ، ومنحهم الطاعة التامة لأمرهوالقوة على تنفيذه .
والملائكة عالم غيبي مخلوقون عابدونلله تعالى ، وليس لهم من خصائصالربوبية والألوهية شيء ، خلقهم اللهتعالى من نور، ومنحهم الانقياد التاملأمره والقوة على تنفيذه قال اللهتعالى:{وَلَهُ مَن فِيالسّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْعِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْعِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبّحُونَ الْلّيْلَوَالنّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ}11.
وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا اللهتعـالى، وقد ثبت في الصحيحين منحديـث أنس رضي الله عنه في قصةالمعراج أن النبي صلى الله عليه وسلمرفع له البيت المعمور في السماء يصليفيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوالم يعودوا إليه آخر ما عليهم.
والإيمان بالملائكةيتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمـان بوجودهم.
الثاني : الإيمـان بمنعلمنا اسمه منهم باسمه كجبريل، ومنلم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا.
الثالث: الإيمان بما علمنامن صفاتهم كصفة جبريل ، فقد أخبرالنبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه علىصفته التي خلق عليها وله ستمائة جناحقد سد الأفق.
وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلىهيئة رجل، كما حصل لجبريل حين أرسلهتعالى إلى مريم فتمثل لها بشرا سويا،وحين جاء إلى النبي صلى الله عليهوسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفةرجل12. وكذلك الملائكة الذين أرسلهمالله تعالى إلى إبراهيم ولوط كانواعلى صورة رجال.
الرابع : الإيمان بما علمنامن أعمالهم التي يقومون بها بأمرالله تعـالى كتسبيحه والتعبد له ليلاونهارا بدون ملل ولا فتور.
وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة مثل "جبريل" الأمين على وحي الله تعالىيرسله الله به إلى الأنبياء والرسل .
ومثل " ميكائيل "الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
ومثل "اسرافيل "الموكل بالنفخ في الصور عند قيـامالسـاعة وبعث الخلق .
ومثل " ملك الموت "الموكل بقبض الأرواح عند الموت .
ومثل " مالك " الموكلبالنار وهو خازن النـار .
ومثل الملائكة الموكلين بالأجنـة فيالأرحام ، إذا تم للإنسان أربعة أشهرفي بطن أمه بعث الله إليه ملكا وأمرهبكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سـعيد.
ومثل الملائكة الموكلين بحفظ بني آدم.
ومثل الملائكة الموكلين بحفـظ أعمالبني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكانأحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال .
ومثل الملائكة الموكلين بسؤال الميتإذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانهعن ربه ودينه ونبيه.
والإيمان بالملائكةيثمر ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم بعظمة اللهتعالى وقوته وسلطانه ، فإن عظمةالمخلوق تدل على عظمة الخالق .
الثانية: شكر الله تعالىعلى عنايته ببني آدم حيث وكل من هؤلاءالملائكة من يقو م بحفظهم وكتابةأعمالهم وغير ذلك من مصالحهم .
الثالثة: محبة الملائكة علىما قاموا به من عبادة الله تعالى .
وقد أنكر قوم منالزائغين كون الملائكة أجساماًوقالوا إنهم عبارة عن قوى الخيرالكامنة في المخلوقات وهذا تكذيبلكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلىالله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِفَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِجَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاًأُوْلِيَ أَجْنِحَةٍ مّثْنَىَوَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}13.
الجن
الجن عالم غيبي خلقوامن نار ، وكان خلقهم قبل خلق الإنس ،كما قال تعالى :
{وَلَقَدْخَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍمّنْ حَمَإٍ مّسْنُونٍ * وَالْجَآنّخَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نّارِالسّمُومِ}14.
وهم مكلفون يوجه إليهم أمر اللهتعالى ونهيه ، فمنهم المؤمن ومنهمالكافر ، ومنهم المطيع ، ومنهمالعاصي ، قال الله تعالى عنهم : {وَأَنّامِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّاالْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَفَأُوْلَـَئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً* وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْلِجَهَنّمَ حَطَباً}15 وقال {وَأَنّامِنّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَذَلِكَ كُنّا طَرَآئِقَ قِدَداً}16
أي جماعات متفرقة وأهواء ، كما يكونذلك في الإنس ، فالكافر منهم يدخلالنار بالإجماع ، والمؤمن يدخل الجنةكالإنس ، قال تعالى : {وَلِمَنْ خَافَمَقَامَ رَبّهِ جَنّتَانِ * فَبِأَيّآلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}17.
والظلم بينهم وبين الآدميين . لقولهتعالى في الحديث القدسي : ( ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسيوجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) رواه مسلم ، ومعهذا فإنهم يعتدون على الإنس أحياناً، كما يعتدي الإنس عليهم أحياناً
ومن عدوان الإنس عليهم أن يستجمرالإنسان بعظم أو روث ، ففي صحيح مسلمعن أبن مسعود رضي الله عنه أن الجنسألوا النبي صلى الله عليه وسلمالزاد فقال : ( لكم كل عظم ذكر اسمالله عليه ، يقع في أيديكم أوفر مايكون لحما ، وكل بعرة علف لدوابكم). وقال النبي صلىالله عليه وسلم : ( فلا تستنجوابهما فإنهما طعام إخوانكم ) .
ومن عدوان الجن على الإنس :
1 - يتسلطون عليهم بالوسوسة التييلقونها في قلوبهم .
2 - يخوفون الإنس ويلقون في قلوبهمالرعب خاصة عندما يلتجئ الإنسانإليهم قال تعالى :{وَأَنّهُ كَانَرِجَالٌ مّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَبِرِجَالٍ مّنَ الْجِنّ فَزَادوهُمْرَهَقاً}18.
3 - أن الجن يصرع الإنسي فيطرحه .
وينقسم الصرع إلى نوعين :
1 - صرع من الجن .
2 - صرع من مرض عضوي .
رد: اسس العقيده الاسلاميه
الإيمـان بالكتب
الإيمان بالكتب :هو التصديق الجازم بأن لله كتباًأنزلها على أنبيائه ورسله ، والإيمانبالقرآن على أنه ناسخ لما قبله وأنالله خصه بمزايا عما سبقه من الكتبوأن الله تكلم به حقيقة .
والكتب المراد بها هنا : الكتب التيأنزلها الله تعالى على رسله رحمةللخلق وهداية لهم ليصلوا بها إلىسعادتهم في الدنيا و الآخرة .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمانبأن نزولها من عند الله حقاً .
الثاني: الإيمان بما علمنـااسمه منها كالقرآن الذي نزل على محمدصلى الله عليه وسلم ، والتوراة التيأنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ،والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلىالله عليه وسلم ، والزبور الذي أوتيهداود صلى الله عليه وسلم ، وأما ما لمنعلم اسمه فنؤمن به إجمالا.
الثالث : تصديق ما صح منأخبارها كأخبار القران وأخبار مالميبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع : العمل بأحكام ما لمينسخ منها والرضا والتسليم به سواءفهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميعالكتب السابقة منسوخة بالقرانالعظيم ، قال الله تعالى {وَأَنزَلْنَآإِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِمِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناًعَلَيْهِ}19 أي حاكماً عليـه.
وعلى هذا فلا يجوزالعمل بـأي حكم من أحكام الكتبالسابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.
والإيمان بالكتب يثمرثمرات جليلة منها :
الأولى : العلم بعناية اللهتعالى بعباده حيث أنزل لكل قومكتاباً يهديهم به .
الثانية : العلم بحكمة اللهتعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم مايناسب أحوالهم ، كما قال الله تعالى : {لِكُلّجَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةًوَمِنْهَاجاً}20 .
الثالثة : شكر نعمة الله فيذلك .
الإيمـان بالرسـل
الإيمان بالرسل :هو التصديق الجازم بأن الله تعالىبعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلىعبادة الله وحده لا شريك له والكفربما يعبد من دونه ، وأن جميعهم صادقونأتقياء أمناء وأنهم بلغوا البلاغالمبين وأقاموا حجة الله علىالعالمين .
و الرسل: جمع رسول بمعنى مرسل، أيمبعوث بإبلاغ شيء.
والمراد هنا : من أوحي إليه من البشربشرع وأمر بتبليغه .
وأول الرسل : نوح وأخرهم محمد صلىالله عليه وسلم قال الله تعالى :{إِنّآأَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآأَوْحَيْنَآ إِلَىَ نُوحٍوَالنّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ}21 وفي صحيحالبخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنهفي حديث الشفاعة أن النبي صلى اللهعليه وسلم ذكر أن الناس يـأتونإلى آدم ليشفع لهم فيعتذر إليهمويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه اللهوذكر تمامالحديث وقال الله تعالى في محمد صلىالله عليه وسلم : {مّا كَانَمُحَمّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّنرّجَالِكُمْ وَلَـَكِن رّسُولَاللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ}22
ولم تخل أمة من رسوليبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلىقومه أو نبي يوحي إليه بشريعة من قبلهليجددها ، قال الله تعـالى: {وَلَقَدْبَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاًأَنِ اعْبُدُواْ اللّهَوَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ }23.
والرسل : بشر مخلوقون ليسلهم من خصائـص الربوبية والألوهيةشيء، قال الله تعـالى عن نبيه محمدصلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسلوأعظمهم جاهاً عند الله {قُل لاّأَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُوَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَلاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِوَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْأَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌلّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}24 .
وتلحقهم خصائـص البشرية من المرضوالموت والحاجة إلى الطعام والشرابوغير ذالك ، قال الله تعـالى عنإبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفهلربه تعالى: {وَالّذِي هُوَيُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالّذِي يُمِيتُنِي ثُمّ يُحْيِينِ}25 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم :"إنمـاأنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذانسيت فذكروني".
وقد وصفهم الله تعـالى بالعبودية لهفي أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناءعليهم، فقال تعالى في نوح صلى اللهعليه وسلم : {إِنّهُ كَانَ عَبْداًشَكُوراً}26 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم : {تَبَارَكَالّذِي نَزّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىَعَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَنَذِيراً}27 ، وكذا في بقيةالأنبياء والرسل عليهم السلام.
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بـأنرسالتهم حق من الله تعالى فمن كفربرسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع ،كما قال الله تعالى: {كَذّبَتْ قَوْمُنُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}28 فجعلهم اللهمكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكنرسول غيره حين كذبوه ، وعلى هذافالنصارى الذين كذبوا محمدا صلى اللهعليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبونللمسيح بن مريم غير متبعين له أيضا ،لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى اللهعليه وسلم ، ولا معنى لبشارتهم به إلاأنه رسول إليهم ينقذهم الله به منالضلالة ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنااسمه منهم مثل: " محمد وإبراهيموموسى وعيسى ونوح " عليهم الصلاةوالسلام وهؤلاء الخمسة هم أولواالعزم من الرسل . قال تعالى : {وَإِذْأَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَمِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍوَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَىابْنِ مَرْيَمَ}29
وأما من لم نعلم اسمهمنهم فنؤمن به إجمالا قال اللهتعـالى : {وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَمِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَوَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْعَلَيْكَ} 30
الثالث:تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة منأرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلىالله عليه وسلم المرسل إلى جميعالناس قال الله تعـالى: {فَلاَوَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتّىَيُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَبَيْنَهُمْ ثُمّ لاَ يَجِدُواْ فِيَأَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مّمّاقَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً}1. وللإيمان بالرسلثمرات جليلة منها:
الأولى : العلم برحمة اللهتعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهمالرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالىويبينوا لهم كيف يعبدون الله، لأنالعقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى علىهذه النعمة الكبرى .
الثالثة: محبة الرسل عليهمالصلاة والسلام وتعظيمهم والثناءعليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل اللهتعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغرسالته والنصح لعباده.
وقد كذب المعاندون رسلهم زاعمين أنرسل الله تعالى لا يكونون من البشر،وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم وأبطلهبقوله: {وَمَا مَنَعَ النّاسَأَن يُؤْمِنُوَاْ إِذْ جَآءَهُمُالْهُدَىَ إِلاّ أَن قَالُوَاْأَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رّسُولاً *قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِمَلآئِكَةٌ يَمْشُونَمُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَاعَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاًرّسُولاً}32.
الإيمـان باليوم الآخر
الإيمان باليومالآخر : هو التصديق الجازم بكلما أخبر به الله تعالى في كتابه ،وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم فيسنته مما يكون بعد الموت من فتنةالقبر ، وعذابه ونعيمه والبعث والحشروالصحف والحساب والميزان والحوضوالصراط والشفاعة والجنة والنار وماأعد الله تعالى لأهلها جميعاً ومايكون بين يدي الساعة من علامات صغرىوكبرى .
واليوم الآخر: يوم القيامةالذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاءوسمي بذلك لأنه لا يوم بعده، حيثيستقر أهل الجنة في منازلهم وأهلالنار في منازلهم.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثةأمور:
الأول: الإيمان بالبعث وهوإحياء الموتى حين ينفخ في الصورالنفخة الثانية، فيقوم الناس لربالعالمين حفاة غير منتعلين، عراة غيرمستترين، غرلا غير مختتنين ، قالالله تعالى : {كَمَا بَدَأْنَآأَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداًعَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ}33. والبعث حق ثابتدل عليه الكتاب والسنة وإجمـاعالمسلمين، قال تعالى: {ثُمّإِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ* ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِتُبْعَثُونَ}34،وقال النبي صلى اللهعليه وسلم (يحشر الناس يومالقيامة حفاة عراة غرلا)35. وأجمع المسلمونعلى ثبوته ، وهو مقتضى الحكمة حيثتقتضي أن يجعل الله تعالى لهذهالخليقة معاداً يجازيهم فيه على ماكلفهم به على ألسنة رسله ، قال اللهتعالى: {أَفَحَسِبْتُمْأَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاًوَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَتُرْجَعُونَ}36 ، وقال لنبيه صلى اللهعليه وسلم{إِنّ الّذِي فَرَضَعَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدّكَإِلَىَ مَعَادٍ}37.
الثاني: الإيمان بالحسابوالجزاء ، يحاسب العبد على عملهويجازى عليه، وقد دل على ذلك الكتابوالسنة وإجمـاع المسلمين، قال اللهتعالى:{إِنّ إِلَيْنَآإِيَابَهُمْ * ثُمّ إِنّ عَلَيْنَاحِسَابَهُمْ}38.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيصلى الله عليه وسلم قال: " إن اللهيدني المؤمن فيضع عليه كنفه (39)ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا أتعرفذنب كذا؟ فيقول نعم أي رب ، حتى إذاقرره بذنوبه ورأى أنه قد هلك، قال: قدسترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرهالك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأماالكفار والمنافقون فينادى بهم علىرؤوس الخلائق {هَـَؤُلآءِ الّذِينَكَذَبُواْ عَلَىَ رَبّهِمْ أَلاَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ}"40 . متفق عليه.
وقد أجمع المسلمون على إثبات الحسابوالجزاء على الأعمال وهو مقتضىالحكمة.
الثالث: الإيمان بالجنةوالنار وأنهما المآل الأبدي للخلق.فالجنة دار النعيم الـتي أعدها اللهتعالى للمؤمنين المتقين الذين آمنوابما أوجب الله عليهم الإيمان به،وقاموا بطاعة الله ورسوله مخلصين للهمتبعين لرسوله، فيها من أنواع النعيمما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرعلى قلب بشر ، قال الله تعالى: {إِنّالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْالصّالِحَاتِ أُوْلَـَئِكَ هُمْخَيْرُ الْبَرِيّةِ * جَزَآؤُهُمْعِندَ رَبّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍتَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رّضِىَاللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّهُ}41 ، وقال تعالى:{فَلاَتَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُممّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ}42.
وأما النار فهي دار العذاب التيأعدها الله تعالى للكافرين الظالمينالذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها منأنواع العذاب و النكال مالا يخطر علىالبال، قال الله تعالى: {وَاتّقُواْالنّارَ الّتِيَ أُعِدّتْلِلْكَافِرِينَ}43 ، وقال: {إِنّاأَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراًأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنيَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍكَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَبِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْمُرْتَفَقاً}44.
وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلةمنها :
الأول : الرغبة في فعلالطاعة والحرص عليها رجاءً لثواب ذلكاليوم.
الثانية : الرهبة من فعلالمعصية ومن الرضى بها خوفاً من عقابذلك اليوم.
الثالثة : تسلية المؤمن عمايفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيمالآخرة وثوابها.
وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموتزاعمين أن ذلك غير ممكن وهذا الزعمباطل دل على بطلانه الشرع والحسوالعقـل.
أما الشرع فقد قال الله تعالى : {زَعَمَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَن لّنيُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىَ وَرَبّيلَتُبْعَثُنّ ثُمّ لَتُنَبّؤُنّبِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَىاللّهِ يَسِيرٌ}45 ، وقد اتفقت جميعالكتب السماوية عليه.
وأما الحس فقد أرى الله عباده إحياءالموتى في هذه الدنيا، وفي سورةالبقرة خمسة أمثلة على ذلك ومنها:
المثال الأول : قوم موسى حينقالوا له لن نؤمن لك حتى نرى اللهجهرة فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم ،وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطباً بنيإسرائيل: {وَإِذْ قُلْتُمْيَامُوسَىَ لَن نّؤْمِنَ لَكَحَتّىَ نَرَى اللّهَ جَهْرَةًفَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُوَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمّبَعَثْنَاكُم مّن بَعْدِ مَوْتِكُمْلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ}46.
المثال الثاني : في قصةالقتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل.البقرة : 73
المثال الثالث: في قصةالذين خرجوا من ديارهم فراراً منالموت وهم ألوف فأماتهم الله تعالىثم أحياهم. البقرة : 243
المثال الرابع : في قصة الذيمر على قرية ميتة فاستبعد أن يحييهاالله تعالى فأماته الله تعالى مئةسنة ثم أحياه. البقرة:259
المثال الخامس: في قصةإبراهيم الخليل حين سأل الله تعالىأن يريه كيف يحيي الموتى. البقرة :260
فهذه أمثلة حسية واقعة تدل على إمكانإحياء الموتى. وقد سبقت الإشارة إلىما جعله الله تعالى من آيات عيسى بنمريم في إحياء الموتى وإخراجهم منقبورهم بإذن الله تعالى.
الإيمان بالكتب :هو التصديق الجازم بأن لله كتباًأنزلها على أنبيائه ورسله ، والإيمانبالقرآن على أنه ناسخ لما قبله وأنالله خصه بمزايا عما سبقه من الكتبوأن الله تكلم به حقيقة .
والكتب المراد بها هنا : الكتب التيأنزلها الله تعالى على رسله رحمةللخلق وهداية لهم ليصلوا بها إلىسعادتهم في الدنيا و الآخرة .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمانبأن نزولها من عند الله حقاً .
الثاني: الإيمان بما علمنـااسمه منها كالقرآن الذي نزل على محمدصلى الله عليه وسلم ، والتوراة التيأنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ،والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلىالله عليه وسلم ، والزبور الذي أوتيهداود صلى الله عليه وسلم ، وأما ما لمنعلم اسمه فنؤمن به إجمالا.
الثالث : تصديق ما صح منأخبارها كأخبار القران وأخبار مالميبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع : العمل بأحكام ما لمينسخ منها والرضا والتسليم به سواءفهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميعالكتب السابقة منسوخة بالقرانالعظيم ، قال الله تعالى {وَأَنزَلْنَآإِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِمِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناًعَلَيْهِ}19 أي حاكماً عليـه.
وعلى هذا فلا يجوزالعمل بـأي حكم من أحكام الكتبالسابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.
والإيمان بالكتب يثمرثمرات جليلة منها :
الأولى : العلم بعناية اللهتعالى بعباده حيث أنزل لكل قومكتاباً يهديهم به .
الثانية : العلم بحكمة اللهتعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم مايناسب أحوالهم ، كما قال الله تعالى : {لِكُلّجَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةًوَمِنْهَاجاً}20 .
الثالثة : شكر نعمة الله فيذلك .
الإيمـان بالرسـل
الإيمان بالرسل :هو التصديق الجازم بأن الله تعالىبعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلىعبادة الله وحده لا شريك له والكفربما يعبد من دونه ، وأن جميعهم صادقونأتقياء أمناء وأنهم بلغوا البلاغالمبين وأقاموا حجة الله علىالعالمين .
و الرسل: جمع رسول بمعنى مرسل، أيمبعوث بإبلاغ شيء.
والمراد هنا : من أوحي إليه من البشربشرع وأمر بتبليغه .
وأول الرسل : نوح وأخرهم محمد صلىالله عليه وسلم قال الله تعالى :{إِنّآأَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآأَوْحَيْنَآ إِلَىَ نُوحٍوَالنّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ}21 وفي صحيحالبخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنهفي حديث الشفاعة أن النبي صلى اللهعليه وسلم ذكر أن الناس يـأتونإلى آدم ليشفع لهم فيعتذر إليهمويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه اللهوذكر تمامالحديث وقال الله تعالى في محمد صلىالله عليه وسلم : {مّا كَانَمُحَمّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّنرّجَالِكُمْ وَلَـَكِن رّسُولَاللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ}22
ولم تخل أمة من رسوليبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلىقومه أو نبي يوحي إليه بشريعة من قبلهليجددها ، قال الله تعـالى: {وَلَقَدْبَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاًأَنِ اعْبُدُواْ اللّهَوَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ }23.
والرسل : بشر مخلوقون ليسلهم من خصائـص الربوبية والألوهيةشيء، قال الله تعـالى عن نبيه محمدصلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسلوأعظمهم جاهاً عند الله {قُل لاّأَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُوَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَلاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِوَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْأَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌلّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}24 .
وتلحقهم خصائـص البشرية من المرضوالموت والحاجة إلى الطعام والشرابوغير ذالك ، قال الله تعـالى عنإبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفهلربه تعالى: {وَالّذِي هُوَيُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَامَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *وَالّذِي يُمِيتُنِي ثُمّ يُحْيِينِ}25 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم :"إنمـاأنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذانسيت فذكروني".
وقد وصفهم الله تعـالى بالعبودية لهفي أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناءعليهم، فقال تعالى في نوح صلى اللهعليه وسلم : {إِنّهُ كَانَ عَبْداًشَكُوراً}26 ، وقال في النبيمحمد صلى الله عليه وسلم : {تَبَارَكَالّذِي نَزّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىَعَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَنَذِيراً}27 ، وكذا في بقيةالأنبياء والرسل عليهم السلام.
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بـأنرسالتهم حق من الله تعالى فمن كفربرسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع ،كما قال الله تعالى: {كَذّبَتْ قَوْمُنُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}28 فجعلهم اللهمكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكنرسول غيره حين كذبوه ، وعلى هذافالنصارى الذين كذبوا محمدا صلى اللهعليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبونللمسيح بن مريم غير متبعين له أيضا ،لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى اللهعليه وسلم ، ولا معنى لبشارتهم به إلاأنه رسول إليهم ينقذهم الله به منالضلالة ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنااسمه منهم مثل: " محمد وإبراهيموموسى وعيسى ونوح " عليهم الصلاةوالسلام وهؤلاء الخمسة هم أولواالعزم من الرسل . قال تعالى : {وَإِذْأَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَمِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍوَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَىابْنِ مَرْيَمَ}29
وأما من لم نعلم اسمهمنهم فنؤمن به إجمالا قال اللهتعـالى : {وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَمِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَوَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْعَلَيْكَ} 30
الثالث:تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة منأرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلىالله عليه وسلم المرسل إلى جميعالناس قال الله تعـالى: {فَلاَوَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتّىَيُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَبَيْنَهُمْ ثُمّ لاَ يَجِدُواْ فِيَأَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مّمّاقَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً}1. وللإيمان بالرسلثمرات جليلة منها:
الأولى : العلم برحمة اللهتعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهمالرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالىويبينوا لهم كيف يعبدون الله، لأنالعقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى علىهذه النعمة الكبرى .
الثالثة: محبة الرسل عليهمالصلاة والسلام وتعظيمهم والثناءعليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل اللهتعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغرسالته والنصح لعباده.
وقد كذب المعاندون رسلهم زاعمين أنرسل الله تعالى لا يكونون من البشر،وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم وأبطلهبقوله: {وَمَا مَنَعَ النّاسَأَن يُؤْمِنُوَاْ إِذْ جَآءَهُمُالْهُدَىَ إِلاّ أَن قَالُوَاْأَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رّسُولاً *قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِمَلآئِكَةٌ يَمْشُونَمُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَاعَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاًرّسُولاً}32.
الإيمـان باليوم الآخر
الإيمان باليومالآخر : هو التصديق الجازم بكلما أخبر به الله تعالى في كتابه ،وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم فيسنته مما يكون بعد الموت من فتنةالقبر ، وعذابه ونعيمه والبعث والحشروالصحف والحساب والميزان والحوضوالصراط والشفاعة والجنة والنار وماأعد الله تعالى لأهلها جميعاً ومايكون بين يدي الساعة من علامات صغرىوكبرى .
واليوم الآخر: يوم القيامةالذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاءوسمي بذلك لأنه لا يوم بعده، حيثيستقر أهل الجنة في منازلهم وأهلالنار في منازلهم.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثةأمور:
الأول: الإيمان بالبعث وهوإحياء الموتى حين ينفخ في الصورالنفخة الثانية، فيقوم الناس لربالعالمين حفاة غير منتعلين، عراة غيرمستترين، غرلا غير مختتنين ، قالالله تعالى : {كَمَا بَدَأْنَآأَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداًعَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ}33. والبعث حق ثابتدل عليه الكتاب والسنة وإجمـاعالمسلمين، قال تعالى: {ثُمّإِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ* ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِتُبْعَثُونَ}34،وقال النبي صلى اللهعليه وسلم (يحشر الناس يومالقيامة حفاة عراة غرلا)35. وأجمع المسلمونعلى ثبوته ، وهو مقتضى الحكمة حيثتقتضي أن يجعل الله تعالى لهذهالخليقة معاداً يجازيهم فيه على ماكلفهم به على ألسنة رسله ، قال اللهتعالى: {أَفَحَسِبْتُمْأَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاًوَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَتُرْجَعُونَ}36 ، وقال لنبيه صلى اللهعليه وسلم{إِنّ الّذِي فَرَضَعَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدّكَإِلَىَ مَعَادٍ}37.
الثاني: الإيمان بالحسابوالجزاء ، يحاسب العبد على عملهويجازى عليه، وقد دل على ذلك الكتابوالسنة وإجمـاع المسلمين، قال اللهتعالى:{إِنّ إِلَيْنَآإِيَابَهُمْ * ثُمّ إِنّ عَلَيْنَاحِسَابَهُمْ}38.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيصلى الله عليه وسلم قال: " إن اللهيدني المؤمن فيضع عليه كنفه (39)ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا أتعرفذنب كذا؟ فيقول نعم أي رب ، حتى إذاقرره بذنوبه ورأى أنه قد هلك، قال: قدسترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرهالك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأماالكفار والمنافقون فينادى بهم علىرؤوس الخلائق {هَـَؤُلآءِ الّذِينَكَذَبُواْ عَلَىَ رَبّهِمْ أَلاَلَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ}"40 . متفق عليه.
وقد أجمع المسلمون على إثبات الحسابوالجزاء على الأعمال وهو مقتضىالحكمة.
الثالث: الإيمان بالجنةوالنار وأنهما المآل الأبدي للخلق.فالجنة دار النعيم الـتي أعدها اللهتعالى للمؤمنين المتقين الذين آمنوابما أوجب الله عليهم الإيمان به،وقاموا بطاعة الله ورسوله مخلصين للهمتبعين لرسوله، فيها من أنواع النعيمما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرعلى قلب بشر ، قال الله تعالى: {إِنّالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْالصّالِحَاتِ أُوْلَـَئِكَ هُمْخَيْرُ الْبَرِيّةِ * جَزَآؤُهُمْعِندَ رَبّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍتَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رّضِىَاللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّهُ}41 ، وقال تعالى:{فَلاَتَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُممّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ}42.
وأما النار فهي دار العذاب التيأعدها الله تعالى للكافرين الظالمينالذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها منأنواع العذاب و النكال مالا يخطر علىالبال، قال الله تعالى: {وَاتّقُواْالنّارَ الّتِيَ أُعِدّتْلِلْكَافِرِينَ}43 ، وقال: {إِنّاأَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراًأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنيَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍكَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَبِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْمُرْتَفَقاً}44.
وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلةمنها :
الأول : الرغبة في فعلالطاعة والحرص عليها رجاءً لثواب ذلكاليوم.
الثانية : الرهبة من فعلالمعصية ومن الرضى بها خوفاً من عقابذلك اليوم.
الثالثة : تسلية المؤمن عمايفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيمالآخرة وثوابها.
وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموتزاعمين أن ذلك غير ممكن وهذا الزعمباطل دل على بطلانه الشرع والحسوالعقـل.
أما الشرع فقد قال الله تعالى : {زَعَمَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَن لّنيُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىَ وَرَبّيلَتُبْعَثُنّ ثُمّ لَتُنَبّؤُنّبِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَىاللّهِ يَسِيرٌ}45 ، وقد اتفقت جميعالكتب السماوية عليه.
وأما الحس فقد أرى الله عباده إحياءالموتى في هذه الدنيا، وفي سورةالبقرة خمسة أمثلة على ذلك ومنها:
المثال الأول : قوم موسى حينقالوا له لن نؤمن لك حتى نرى اللهجهرة فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم ،وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطباً بنيإسرائيل: {وَإِذْ قُلْتُمْيَامُوسَىَ لَن نّؤْمِنَ لَكَحَتّىَ نَرَى اللّهَ جَهْرَةًفَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُوَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمّبَعَثْنَاكُم مّن بَعْدِ مَوْتِكُمْلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ}46.
المثال الثاني : في قصةالقتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل.البقرة : 73
المثال الثالث: في قصةالذين خرجوا من ديارهم فراراً منالموت وهم ألوف فأماتهم الله تعالىثم أحياهم. البقرة : 243
المثال الرابع : في قصة الذيمر على قرية ميتة فاستبعد أن يحييهاالله تعالى فأماته الله تعالى مئةسنة ثم أحياه. البقرة:259
المثال الخامس: في قصةإبراهيم الخليل حين سأل الله تعالىأن يريه كيف يحيي الموتى. البقرة :260
فهذه أمثلة حسية واقعة تدل على إمكانإحياء الموتى. وقد سبقت الإشارة إلىما جعله الله تعالى من آيات عيسى بنمريم في إحياء الموتى وإخراجهم منقبورهم بإذن الله تعالى.
رد: اسس العقيده الاسلاميه
وأما دلالة العقل علىإمكان البعث فمن وجهين:
الأول : أن الله تعالى فاطرالسماوات والأرض وما فيهما خالقهماابتداء والقادر على ابتداء الخلق لايعجز عن إعادته ، قال الله تعالى : {وَهُوَالّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّيُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}47.
الثاني : أن الأرض تكون ميتةهامدة ليس فيها شجرة خضراء فينزلعليها المطر فتهتز خضراء حية فيها منكل زوج بهيج والقادر على إحيائها بعدموتها قادر على إحياء الأموات، قالالله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِأَنّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةًفَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَاالْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ إِنّالّذِيَ أَحْيَاهَا لَمُحْىِالْمَوْتَىَ إِنّهُ عَلَىَ كُلّشَيْءٍ قَدِيرٌ}48.
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر :الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:
(أ)فتنة القـبر:
وهي سؤال الميت بعد دفنه ، عن ربهودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوابالقول الثابت فيقول المؤمن ربي اللهوديني الإسلام ونبي محمد صلى اللهعليه وسلم ، ويضل الله الـظالمينفيقول الكافر هاه هاه لا أدري . ويقولالمنافق أو المرتاب (49) لا أدري سمعتالناس يقولون شيئاً فقلته.
(ب)عذاب القبر ونعيمه:
فأما عذاب القبر فيكون للظالميـنمن المنافقين والكافرين ، قال اللهتعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذِالظّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِالْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُبَاسِطُوَاْ أَيْدِيهِمْأَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَالْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَعَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّوَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِتَسْتَكْبِرُونَ}50 ، وقال تعالى في آلفرعون: {النّارُ يُعْرَضُونَعَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاًوَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُأَدْخِلُوَاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّالْعَذَابِ}51 . وفي صحيح مسلم أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذوابالله من عذاب القبر .
وأما ، نعيم القبر فللمؤمنينالصادقين قال الله تعالى: {إِنّالّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُعَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّتَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْوَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِيكُنتُمْ تُوعَدُونَ}52.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال فيالمؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: "ينادي مناد من السماء أن صدق عبديفأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنةوافتحوا له باباً إلى الجنة ، قالفيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له فيقبره مد بصره " رواه أحمد وأبو داودفي حديث طويل.
وقد ضل قوم من أهلالزيغ أنكروا عذاب القبر ونعيمهزاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفتهالواقع ، قالوا فإنه لو كشف عن الميتفي قبره لوجد كما كان عليه والقبر لميتغير بسعة ولا ضيق .
وهذا الزعم باطل بالشرع والحس والعقل:
أما الشرع فقد سبقت النصوص الدالةعلى ثبوت عذاب القبر ونعيمه. وفي صحيحالبخاري . من حديث ابن عباس رضي اللهعنهما، قال: خرج النبي صلى الله عليهوسلم من بعض حيطان ، المدينة فسمع صوتإنسانين يعذبان في قبورهما وذكرالحديث وفيه : أن أحدهما كان لايستتر من البول وأن الآخر كان يمشيبالنميمة.
وأم الحس فإن النائم يرى في منامه أنهكان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه، أوأنه كان في مكان ضيق موحش يتـألم منه،وربما يستيقـظ أحيانا مما رأى و معذلك فهـو على فراشه في حجرته على ماهو عليه، والنوم أخو الموت، ولهذاسماه الله تعالى وفاة، قال اللهتعالى: {اللّهُ يَتَوَفّىالأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِيلَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَافَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَاالْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَإِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى}53.
وأما العقل فإن النائمفي منامه يرى الرؤيا الحق المطابقةللواقع وربما رأى النبي صلى اللهعليه وسلم على صفته ومن رآه على صفتهفقد رآه حقا، ومع ذلك فالنائم فيحجرته على فراشه بعيدا عما رأى فإذاكان هذا ممكنا في أحوال الدنيا أفلايكون ممكنا في أحوال الآخرة ؟؟!
الإيمـان بالقدر
الإيمان بالقدر: هو الاعتقاد الجازم بأن الله خالقكل شيء وربه ومليكه ، وأنه تعالى قدرالمقادير خيرها وشرها ، حلوها ومرها، وهو الذي خلق الضلالة والهداية ،والشقاوة والسعادة وأن الآجالوالأرزاق بيده سبحانه وتعالى .
والقدر بفتح الدال: تقدير الله تعالىللكائنات حسبما سبق به علمه واقتضتهحكمته.
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمان بأن اللهتعالى عالم بكل شيء جملة و تفصيلا،أزلاً وأبداً، سواء كان ذلك ممايتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.
الثاني :الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوحالمحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقولالله تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّاللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السّمَآءِوَالأرْضِ إِنّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍإِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ}54 .
الثالث: الإيمان بأن جميعالكائنات لا تكون إلا بمشيئة اللهتعالى ، سواء كانت مما يتعلق بفعله،أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قالالله تعالى فيما يتعلق بفعله: {وَرَبّكَيَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}55.
وقال تعالى فيما يتعلق بفعلالمخلوقين : {وَلَوْ شَآءَ اللّهُلَسَلّطَهُمْ عَلَيْكُمْفَلَقَاتَلُوكُمْ}56.
الرابع : الإيمان بأن جميعالكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتهاوصفاتها وحركاتها ، قال تعالى : {اللّهُخَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىَكُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}57،وقال{وَخَلَقَ كُلّشَيْءٍ فَقَدّرَهُ تَقْدِيراً}58،وقال عن نبيهإبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قاللقومه:{وَاللّهُ خَلَقَكُمْوَمَا تَعْمَلُونَ}59 .
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لاينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعالهالاختيارية وقدره عليها ، لأن الشرعوالواقع دالان على إثبات ذلك له.
أما الشرع: فقد قال اللهتعالى في المشيئة: {فَمَن شَآءَاتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ مَآباً}60 ، وقال : {فَأْتُواْحَرْثَكُمْ أَنّىَ شِئْتُمْ}61 ، وقال في القدرة: {فَاتّقُواْاللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْوَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ}62 ، وقال : {لاَيُكَلّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّوُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْوَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ }63 .
وأما الواقع: فإن كل إنسانيعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعلوبهما يترك ، ويفرق بين ما يقعبإرادته كالمشي ، وما يقع بغيرإرادته كالارتعاش ، لكن مشيئة العبدوقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالىوقدرته ، لقوله تعالى : {لِمَنشَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ *وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَاللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ}64 ، ولأن الكون كلهملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيءبدون علمه ومشيئته .
والإيمان بالقدر علىما وصفنا لا يمنح العبد حجة على تركالواجبات ، أو فعل من المعاصي ، وعلىهذا فاحتجاجه باطل من وجوه :
الأول : قولهتعالى : {سَيَقُولُ الّذِينَأَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَآأَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَحَرّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَكَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمحَتّىَ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْهَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍفَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِنتَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْأَنتُمْ إَلاّ تَخْرُصُونَ}65 ، ولوكان لهم حجةبالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
الثاني : قوله تعالى : {رّسُلاًمّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاّيَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللّهِحُجّةٌ بَعْدَ الرّسُلِ وَكَانَاللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}66 ، ولو كان القدرةحجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسللأن المخالفة بعد إرسالهم واقعةبقدرة الله تعالى .
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى : الاعتماد على اللهتعالى عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمدعلى السبب نفسه لأن كل شيء بقدر اللهتعالى.
الثانية : أنلا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ،لان حصوله نعمة من الله تعالى بماقدره من أسباب الخير والنجاح وإعجابهبنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة :الطمأنينة والراحة النفسية بما يجريعليه من أقدار الله تعالى، فلا يقلقبفوات محبوب أو حصول مكروه، لأن ذلكبقدر الله الذي له ملك السماواتوالأرض وهو كائن لا محالة، وفي ذلكيقول الله تعالى: {مَآ أَصَابَ مِنمّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَأَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّنقَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَعَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لّكَيْلاَتَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْوَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْوَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍفَخُورٍ}67.ويقول النبي بالقدر:"عجبـالأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليسذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراءشكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبرفكان خيرا له ". رواه مسلم.
وقد ضل في القدرطائفتان:
الأولى : الجبرية الذينقالوا إن العبد مجبر على عمله وليس لهفيه إرادة ولا قدرة.
الثانية :القدرية الذين قالوا إن العبد مستقلبعمله في الإرادة والقدرة وليسلمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.
والرد على الطائفةالأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:
أما الشرع فإن الله تعالى أثبتللعبـد إرادة ومشيئة وأضاف العملإليـه قال الله تعالى : {مِنكُممّن يُرِيدُ الدّنْيَا وَمِنكُم مّنيُرِيدُ الاَخِرَةَ}68 .
وأما الواقع فإن كلإنسـان يعلم الفرق بين أفعـالهالاختيارية التي يفعلها بإرادتهكالأكل والشرب والبيع والشراء ، وبينما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاشمن الحمى والسقوط من السطح ، فهو فيالأول فاعل مختار بإرادته من غيرجبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريدلما وقع عليه.
والرد على الطائفةالثانية (القدرية) بالشرع والعقل:
أما الشرع فإن الله تعالى خالق كل شيءوكل شيء كائن بمشيئته، وقد بين اللهتعالى في كتابه أن أفعال العباد تقعبمشيئته فقال تعالى : {وَلَوْ شَآءَاللّهُ مَا اقْتَتَلَ الّذِينَ مِنبَعْدِهِم مّن بَعْدِ مَاجَآءَتْهُمُ الْبَيّنَاتُوَلَـَكِنِ اخْتَلَفُواْفَمِنْهُمْ مّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْمّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ مَااقْتَتَلُواْ وَلَـَكِنّ اللّهَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}69 ، وقال تعالى: {وَلَوْشِئْنَا لاَتَيْنَا كُلّ نَفْسٍهُدَاهَا وَلَـَكِنْ حَقّ الْقَوْلُمِنّي لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنَالْجِنّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}70 .
وأما العقل فإن الكون كله مملوك للهتعالى والإنسان من هذا الكون فهومملوك لله، ولا يمكن للمملوك أنيتصرف في - ملك المالك إلا بإذنهومشيئته.
الأول : أن الله تعالى فاطرالسماوات والأرض وما فيهما خالقهماابتداء والقادر على ابتداء الخلق لايعجز عن إعادته ، قال الله تعالى : {وَهُوَالّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّيُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}47.
الثاني : أن الأرض تكون ميتةهامدة ليس فيها شجرة خضراء فينزلعليها المطر فتهتز خضراء حية فيها منكل زوج بهيج والقادر على إحيائها بعدموتها قادر على إحياء الأموات، قالالله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِأَنّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةًفَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَاالْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ إِنّالّذِيَ أَحْيَاهَا لَمُحْىِالْمَوْتَىَ إِنّهُ عَلَىَ كُلّشَيْءٍ قَدِيرٌ}48.
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر :الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:
(أ)فتنة القـبر:
وهي سؤال الميت بعد دفنه ، عن ربهودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوابالقول الثابت فيقول المؤمن ربي اللهوديني الإسلام ونبي محمد صلى اللهعليه وسلم ، ويضل الله الـظالمينفيقول الكافر هاه هاه لا أدري . ويقولالمنافق أو المرتاب (49) لا أدري سمعتالناس يقولون شيئاً فقلته.
(ب)عذاب القبر ونعيمه:
فأما عذاب القبر فيكون للظالميـنمن المنافقين والكافرين ، قال اللهتعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذِالظّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِالْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُبَاسِطُوَاْ أَيْدِيهِمْأَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَالْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَعَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّوَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِتَسْتَكْبِرُونَ}50 ، وقال تعالى في آلفرعون: {النّارُ يُعْرَضُونَعَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاًوَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُأَدْخِلُوَاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّالْعَذَابِ}51 . وفي صحيح مسلم أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذوابالله من عذاب القبر .
وأما ، نعيم القبر فللمؤمنينالصادقين قال الله تعالى: {إِنّالّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُعَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّتَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْوَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِيكُنتُمْ تُوعَدُونَ}52.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال فيالمؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: "ينادي مناد من السماء أن صدق عبديفأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنةوافتحوا له باباً إلى الجنة ، قالفيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له فيقبره مد بصره " رواه أحمد وأبو داودفي حديث طويل.
وقد ضل قوم من أهلالزيغ أنكروا عذاب القبر ونعيمهزاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفتهالواقع ، قالوا فإنه لو كشف عن الميتفي قبره لوجد كما كان عليه والقبر لميتغير بسعة ولا ضيق .
وهذا الزعم باطل بالشرع والحس والعقل:
أما الشرع فقد سبقت النصوص الدالةعلى ثبوت عذاب القبر ونعيمه. وفي صحيحالبخاري . من حديث ابن عباس رضي اللهعنهما، قال: خرج النبي صلى الله عليهوسلم من بعض حيطان ، المدينة فسمع صوتإنسانين يعذبان في قبورهما وذكرالحديث وفيه : أن أحدهما كان لايستتر من البول وأن الآخر كان يمشيبالنميمة.
وأم الحس فإن النائم يرى في منامه أنهكان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه، أوأنه كان في مكان ضيق موحش يتـألم منه،وربما يستيقـظ أحيانا مما رأى و معذلك فهـو على فراشه في حجرته على ماهو عليه، والنوم أخو الموت، ولهذاسماه الله تعالى وفاة، قال اللهتعالى: {اللّهُ يَتَوَفّىالأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِيلَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَافَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَاالْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَإِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى}53.
وأما العقل فإن النائمفي منامه يرى الرؤيا الحق المطابقةللواقع وربما رأى النبي صلى اللهعليه وسلم على صفته ومن رآه على صفتهفقد رآه حقا، ومع ذلك فالنائم فيحجرته على فراشه بعيدا عما رأى فإذاكان هذا ممكنا في أحوال الدنيا أفلايكون ممكنا في أحوال الآخرة ؟؟!
الإيمـان بالقدر
الإيمان بالقدر: هو الاعتقاد الجازم بأن الله خالقكل شيء وربه ومليكه ، وأنه تعالى قدرالمقادير خيرها وشرها ، حلوها ومرها، وهو الذي خلق الضلالة والهداية ،والشقاوة والسعادة وأن الآجالوالأرزاق بيده سبحانه وتعالى .
والقدر بفتح الدال: تقدير الله تعالىللكائنات حسبما سبق به علمه واقتضتهحكمته.
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمان بأن اللهتعالى عالم بكل شيء جملة و تفصيلا،أزلاً وأبداً، سواء كان ذلك ممايتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.
الثاني :الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوحالمحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقولالله تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّاللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السّمَآءِوَالأرْضِ إِنّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍإِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ}54 .
الثالث: الإيمان بأن جميعالكائنات لا تكون إلا بمشيئة اللهتعالى ، سواء كانت مما يتعلق بفعله،أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قالالله تعالى فيما يتعلق بفعله: {وَرَبّكَيَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}55.
وقال تعالى فيما يتعلق بفعلالمخلوقين : {وَلَوْ شَآءَ اللّهُلَسَلّطَهُمْ عَلَيْكُمْفَلَقَاتَلُوكُمْ}56.
الرابع : الإيمان بأن جميعالكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتهاوصفاتها وحركاتها ، قال تعالى : {اللّهُخَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىَكُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}57،وقال{وَخَلَقَ كُلّشَيْءٍ فَقَدّرَهُ تَقْدِيراً}58،وقال عن نبيهإبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قاللقومه:{وَاللّهُ خَلَقَكُمْوَمَا تَعْمَلُونَ}59 .
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لاينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعالهالاختيارية وقدره عليها ، لأن الشرعوالواقع دالان على إثبات ذلك له.
أما الشرع: فقد قال اللهتعالى في المشيئة: {فَمَن شَآءَاتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ مَآباً}60 ، وقال : {فَأْتُواْحَرْثَكُمْ أَنّىَ شِئْتُمْ}61 ، وقال في القدرة: {فَاتّقُواْاللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْوَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ}62 ، وقال : {لاَيُكَلّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّوُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْوَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ }63 .
وأما الواقع: فإن كل إنسانيعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعلوبهما يترك ، ويفرق بين ما يقعبإرادته كالمشي ، وما يقع بغيرإرادته كالارتعاش ، لكن مشيئة العبدوقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالىوقدرته ، لقوله تعالى : {لِمَنشَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ *وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَاللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ}64 ، ولأن الكون كلهملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيءبدون علمه ومشيئته .
والإيمان بالقدر علىما وصفنا لا يمنح العبد حجة على تركالواجبات ، أو فعل من المعاصي ، وعلىهذا فاحتجاجه باطل من وجوه :
الأول : قولهتعالى : {سَيَقُولُ الّذِينَأَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَآأَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَحَرّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَكَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمحَتّىَ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْهَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍفَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِنتَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْأَنتُمْ إَلاّ تَخْرُصُونَ}65 ، ولوكان لهم حجةبالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
الثاني : قوله تعالى : {رّسُلاًمّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاّيَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللّهِحُجّةٌ بَعْدَ الرّسُلِ وَكَانَاللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}66 ، ولو كان القدرةحجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسللأن المخالفة بعد إرسالهم واقعةبقدرة الله تعالى .
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى : الاعتماد على اللهتعالى عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمدعلى السبب نفسه لأن كل شيء بقدر اللهتعالى.
الثانية : أنلا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ،لان حصوله نعمة من الله تعالى بماقدره من أسباب الخير والنجاح وإعجابهبنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة :الطمأنينة والراحة النفسية بما يجريعليه من أقدار الله تعالى، فلا يقلقبفوات محبوب أو حصول مكروه، لأن ذلكبقدر الله الذي له ملك السماواتوالأرض وهو كائن لا محالة، وفي ذلكيقول الله تعالى: {مَآ أَصَابَ مِنمّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَأَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّنقَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَعَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لّكَيْلاَتَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْوَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْوَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍفَخُورٍ}67.ويقول النبي بالقدر:"عجبـالأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليسذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراءشكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبرفكان خيرا له ". رواه مسلم.
وقد ضل في القدرطائفتان:
الأولى : الجبرية الذينقالوا إن العبد مجبر على عمله وليس لهفيه إرادة ولا قدرة.
الثانية :القدرية الذين قالوا إن العبد مستقلبعمله في الإرادة والقدرة وليسلمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.
والرد على الطائفةالأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:
أما الشرع فإن الله تعالى أثبتللعبـد إرادة ومشيئة وأضاف العملإليـه قال الله تعالى : {مِنكُممّن يُرِيدُ الدّنْيَا وَمِنكُم مّنيُرِيدُ الاَخِرَةَ}68 .
وأما الواقع فإن كلإنسـان يعلم الفرق بين أفعـالهالاختيارية التي يفعلها بإرادتهكالأكل والشرب والبيع والشراء ، وبينما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاشمن الحمى والسقوط من السطح ، فهو فيالأول فاعل مختار بإرادته من غيرجبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريدلما وقع عليه.
والرد على الطائفةالثانية (القدرية) بالشرع والعقل:
أما الشرع فإن الله تعالى خالق كل شيءوكل شيء كائن بمشيئته، وقد بين اللهتعالى في كتابه أن أفعال العباد تقعبمشيئته فقال تعالى : {وَلَوْ شَآءَاللّهُ مَا اقْتَتَلَ الّذِينَ مِنبَعْدِهِم مّن بَعْدِ مَاجَآءَتْهُمُ الْبَيّنَاتُوَلَـَكِنِ اخْتَلَفُواْفَمِنْهُمْ مّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْمّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ مَااقْتَتَلُواْ وَلَـَكِنّ اللّهَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}69 ، وقال تعالى: {وَلَوْشِئْنَا لاَتَيْنَا كُلّ نَفْسٍهُدَاهَا وَلَـَكِنْ حَقّ الْقَوْلُمِنّي لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنَالْجِنّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}70 .
وأما العقل فإن الكون كله مملوك للهتعالى والإنسان من هذا الكون فهومملوك لله، ولا يمكن للمملوك أنيتصرف في - ملك المالك إلا بإذنهومشيئته.
نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــد :: نجـــــــــد العامـــــــــــــــــــــــــــــــة :: نجد المواضيع الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى