معلقة عنترة بن شداد العبسي
صفحة 1 من اصل 1
معلقة عنترة بن شداد العبسي
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ | |
أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ | |
يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي | |
وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي | |
فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا | |
فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ | |
وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا | |
بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ | |
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ | |
أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ | |
حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ | |
عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ | |
عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا | |
زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ | |
ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ | |
مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ | |
كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا | |
بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ | |
إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا | |
زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ | |
مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا | |
وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ | |
فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً | |
سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ | |
إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ | |
عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ | |
وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ | |
سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ | |
أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا | |
غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ | |
جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ | |
فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ | |
سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ | |
يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ | |
وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ | |
غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ | |
هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـهِ | |
قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ | |
تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ | |
وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ | |
وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى | |
نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ | |
هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ | |
لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ | |
خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ | |
تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ | |
وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً | |
بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ | |
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ | |
حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ | |
يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ | |
حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ | |
صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ | |
كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ | |
شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ | |
زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ | |
وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ | |
وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ | |
هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ | |
غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ | |
بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما | |
بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ | |
وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً | |
حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ | |
يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ | |
زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ | |
إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي | |
طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ | |
أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي | |
سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ | |
وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ | |
مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ | |
ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا | |
رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ | |
بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ | |
قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ | |
فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ | |
مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ | |
وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً | |
وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي | |
وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً | |
تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ | |
سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ | |
ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ | |
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ | |
إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي | |
إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ | |
نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ | |
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً | |
يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ | |
يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي | |
أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ | |
ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ | |
لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ | |
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ | |
بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ | |
فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ | |
ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ | |
فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ | |
يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ | |
ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا | |
بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ | |
رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا | |
هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ | |
لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ | |
أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ | |
عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا | |
خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ | |
فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ | |
بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ | |
بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ | |
يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ | |
ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـهُ | |
حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ | |
فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي | |
فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي | |
قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً | |
والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي | |
وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ | |
رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ | |
نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي | |
والكُـفْرُ مَخْبَثَـةٌ لِنَفْسِ المُنْعِـمِ | |
ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى | |
إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ | |
في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي | |
غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ | |
إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ | |
عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي | |
لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ | |
يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ | |
يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا | |
أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ | |
مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ | |
ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ | |
فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ | |
وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ | |
لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى | |
وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي | |
ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا | |
قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ | |
والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً | |
مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ | |
ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي | |
لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ | |
ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ | |
للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ | |
الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا | |
والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي | |
إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا | |
جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ |
مواضيع مماثلة
» معلقة لبد بن أبي ربيعة
» معلقة الأعشى
» معلقة عبيد بن الأبرص
» معلقة النابغة الذبياني
» معلقة زهير بن أبي سلمى
» معلقة الأعشى
» معلقة عبيد بن الأبرص
» معلقة النابغة الذبياني
» معلقة زهير بن أبي سلمى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى