اخوة السلاح" بين السعودية وامريكا

حظيت زيارة الرئيس الامريكي جورج بوش الى الشرق الاوسط وخاصة في محطتها الاخيرة في السعودية بتغطية واسعة في الصحف البريطانية كما تناولها كتاب الرأي بمزيد من النقد والتحليل.

"اخوة السلاح"

صحيفة الاندبندنت حملت على صفحتها الخارجية مجموعة من صور بوش الى جانب الملك عبد الله وكتبت تحت هذه الصور "اخوة السلاح" في اشارة الى العلاقة التي تجمع السعودية والولايات المتحدة.

وكتب روبرت فيسك في الصحيفة عن جولة بوش في الشرق الاوسط وقال ان جورج بوش الذي نام في اسرة حريرية في قصور الملك عبد الله في السعودية شعر براحة وفيرة لكن هل الشرق الاوسط الذي يزوره بوش يتمتع بهذه الراحة في هذه الاثناء؟.

فبينما كان بوش يستمتع بالراحة في مزرعة المللك عبد الله في الجنادرية استهدف انفجار سيارة تابعة للسفارة الامريكية في لبنان وقتل فيه اربعة ابرياء، كما قتلت اسرائيل 18 فلسطينيا اغلبهم من حركة حماس ومن بينهم نجل احد زعماء الحركة محمود الزهار في عملية توغل جديدة في قطاع غزة.

ويضيف فيسك ان بوش نسي الحديث عن ضمان الامن للفلسطينيين الذي قال انهم سيحصلون على دولة في نهاية ولاية اخر هذا العام لكن تحدث عن ضمان امن اسرائيل وركز كل حديثه على التهديد الايراني امام امراء الخليج الذين يعومون على بحور النفط.

ويختتم فيسك حديثه عن هذه الزيارة بالقول "ان بوش لم يعد يتحدث عن الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به قبل غزو العراق وهو يسترخي في قصور الملك عبد الله وبدلا من ذلك يتحدث الان عن الشرق الاوسط القديم الذي تتحكم فيه الشرطة السرية وغرف التعذيب والسجناء الذين يمكن ترحليهم بشكل سري والحكام والامراء الديكتاتوريين لكن المعتدلين ايضا وهو ما لن يعترض عليه الحكام المستبدون في الخليج".

الازدواجية الامريكية

وفي صفحة الرأي كتبت الاندبندنت عن زيارة بوش الى السعودية وقالت ان زيارة بوش تقدم مثالا واضحا عن ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية الامريكية، فعندما وصل بوش الى البيت الابيض تحدث عن نشر الحرية والديمقراطية حول العالم باعتبارها قيم كونية وهي كانت الحجة التي تذرع بها في احتلال العراق بعدما فشل في العثور على اسلحة دمار شامل فيه.

فالسعودية حسب قول الصحيفة تكاد تكون الدولة الوحيدة الى جانب كوريا الشمالية البعيدة كل البعد عن القيم التي بشر بها بوش.

وستكون الشكوى الوحيدة للرئيس بوش من السعودية هي ارتفاع اسعار النفط لانها تؤثر على الاقتصاد الامريكي حيث ان النفط هو محور العلاقة الراسخة بين عائلة بوش والعائلة المالكة السعودية منذ عشرات السنين.

التسوية والمواجهة

اما صحيفة الفاينانشيال التايمز فتحدثت عن الزيارة وقالت ان امرين شغلا بوش خلال زيارته للشرق الاوسط وهما الشأن الفلسطيني ومواجهة ايران.

ففي الشأن الفلسطيني تقول الصحيفة ان العديدين لا يشعرون بالتفاؤل الذي عبر عنه بوش في امكانية توصل الفلسطينيين والاسرائيليين الى اتفاق سلام بنهاية العام وهو ما اشار اليه بوش عندما اعلن للصحفيين في السعودية ان جميع القادة الذين التقاهم خلال زيارته للمنطقة سألوه لماذا يبدو متفائلا.

وتضيف الصحيفة ان الولايات المتحدة حريصة جدا على الحد من الروابط التجارية بين الامارات العربية المتحدة التي زارها قبل السعودية وايران ويبدو ان الرئيس بوش قد حقق بعض النجاح في هذا الشأن بتجميد الامارات للتسهيلات المالية التي تقدمها للصادرات الامارتية الى ايران.

"رحلة بلا مبادىء"

وفي صفحة الرأي كتبت صحيفة الجارديان تحت عنوان "رحلة بوش بلا مبادىء ولا خطة وفائز كبير وحيد" قالت فيه ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي يعاني من العديد من المشاكل داخل ايران هو اكبر المستفيدين من رحلة بوش الى الشرق الاوسط حيث انقذه الرئيس بوش من مشاكله عندما قرع بوش طبول الحرب ضد ايران وشن هجوما عنيفا على نجاد واصفا اياه بانه اكبر راع للارهاب.

وتقول الصحيفة ان بوش امطر السعودية باسلحة تزيد قيمتها على 20 مليار دولار لمواجهة ايران قبل ان يتأخر الوقت حسب قول بوش.

فكما تدخلت الارادة الالهية في ايصال نجاد الى الرئاسة في ايران عام 2005 حسب قول نجاد فإن على نجاد ان يشكر الله ايضا على ايصال بوش الى الحكم في امريكا فان تكون عدوا لامريكا في هذه البقعة من العالم لن تعدم الاصدقاء.

فالمحافظون الجدد، الذين يحاولون تصوير استراتيجية واشنطن في الشرق الاوسط باعتبارها نجاحا لهم يعتمدون على الاخبار الواردة من العراق والتي تشير الى تراجع عدد القتلى بعد قيام قائد القوات الامريكية في العراق بما كانت امريكا ترفض القيام به رفضا قاطعا حتى فترة قريبة الا وهو تسليح جماعات مسلحة محلية تضم في صفوفها "عصابات حزب البعث" السابق وشيوخ العشائر وتقديم المال لهم لحماية مناطقهم السنية بناء على نصيحة الاستخبارات البريطانية التي اقترحت ذلك على واشنطن عام 2003 لكنها رفضته حينذاك.

وحتى هذه السياسة محفوفة بالمخاطر فهي على المدى الطويل لا تضمن قيام سيادة القانون وسيطرة الدولة على المناطق التي تسيطر قوات "الصحوات" المحلية بعد ان تحولت الى مناطق مغلقة خالية من الشيعة.

التوغل في غزة

وتحدثت الجارديان عن مقتل 18 فلسطينيا اغلبهم من مسلحي حركة حماس في توغل اسرائيل في شمال قطاع غزة.

وقال مراسل الصحيفة في قطاع غزة ان حركة حماس ردت على العملية الاسرائيلية واعلنت عن اطلاق اربعة صواريخ من طراز القسام على اسرائيل لاول مرة منذ سيطرتها على قطاع غزة.

ونقلت الصحيفة عن محمود الزهار تهديده بالرد على العملية الاسرائيلية قائلا "اننا سندافع عن انفسنا بكل الوسائل" بينما اتهم زعيم حماس خالد مشعل الولايات المتحدة بتشجيع اسرائيل على اتخاذ موقف متشدد من قطاع غزة الذي تسيطر على قطاع غزة.