مارادونا.. مغازلة نجاد تغضب اليهود

عكس الكثير من أساطير كرة القدم العالمية الذين يتحولون إلى العمل بالحقل الرياضي سواء في التدريب أو الإدارة أو حتى في التحليل الفني للمباريات عبر شاشات التلفزيون، ليظلوا تحت الأضواء، اتجه دييغو أرماندو مارادونا لأسلوب مختلف ليظل تحت الأضواء، وهو إثارة الجدل بين الحين والآخر بأي شكل ووسيلة.

فمارادونا المولود قبل 47 عاما حصل مع منتخب بلاده على كأس العالم عام 1986، ووصل إلى النهائي عام 1990، ليعتلي عرش الكرة العالمية كملك متوج، قبل أن يسقط في مونديال 1994، بعد فشله في فحص للمنشطات؛ ما أدى إلى إيقافه لمدة 15 شهرا بسبب تعاطيه الكوكايين.

بعد هذه الواقعة، انضم مارادونا لفريقه القديم بوكا جونيورز لعدة سنوات قبل اعتزاله عام 1997، وحاول تدريب بعض الأندية بعد ذلك إلا أنه فشل فشلا ذريعا في هذا المجال، ليلجأ إلى البحث عن الأضواء والشهرة بأية وسيلة.

مغازلة الساسة

بعد اعتزاله وسقوطه في بئر الإدمان وخشيته من أفول نجمه، بعد ترك مغازلة كرة القدم، لجأ دييغو أرماندو مارادونا لافتعال الأزمات تارة مع رئيس الاتحاد الأرجنتيني وتارة أخرى مع سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي "فيفا"؛ بسبب اختيار الأخير لبيليه كلاعب القرن الماضي.

وعقب انتهاء تلك الأزمات بدأت ترد أخبار النجم الكبير على وكالات الأنباء بصحبة رؤساء أمريكا الجنوبية من الثوار، وعلى رأسهم الكوبي فيدل كاسترو الذي استضاف مارادونا عدة شهور في مستشفى يعالج الإدمان، بعدها بدأ عهد مارادونا مع مغازلة السياسة ورجالها.

فبعد صداقته لكاسترو صادق الثوري الأكبر هوغو شافيز رئيس فنزويلا المعادي الأول للولايات المتحدة في أمريكا الجنوبية، وكذلك إيفو موراليس رئيس بوليفيا، تحول مارادونا لمغازلة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد باعتبار أن النجم الكبير يؤيد ويساند كل ما هو ضد النظام الأمريكي.

فقد أعلنت مصادر إيرانية أن قميص أسطورة الكرة الأرجنتيني سيوضع في متحف وزارة الخارجية في طهران، بعدما أهداه للرئيس نجاد وأبدى رغبته في لقائه، وأكد مارادونا -خلال لقائه السفير الإيراني بالأرجنتين محسن بهاروند- رغبته في زيارة إيران، مؤكدا وقوفه إلى جانب الشعب الإيراني "بكل وجوده ودعم هذا الشعب".

وقال مارادونا "هذا اللقاء سيكون لاستكمال سلسلة لقاءاته بكبار الزعماء من معارضي الولايات المتحدة الأمريكية".

ويعتبر ماردونا من كبار معارضي الإدارة الأمريكية والرئيس الأمريكي جورج بوش، كما أنه من مؤيدي الزعيم الكوبي فيديل كاسترو والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي يعد حليفا قويا لإيران.

غضبة اليهود على الأسطورة

ولا شك أن تصريحات مارادوانا كان لها أثر بالغ على الجالية اليهودية في الأرجنتين، التي تعد الأكبر عددا في الأمريكتين بعد الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ تعرض مارادونا لانتقادات واسعة من أبناء الطائفة اليهودية في بلاده، وأصدرت رابطة التعاون الثنائي الإسرائيلي الأرجنتيني (أميا) بيانا رسميا جاء فيه "نحن من المعجبين بمارادونا كلاعب كرة قدم. ولكننا نأسف بشدة لرأيه في موضوع حساس كهذا".

وذكرت (أميا) في البيان أنه على الجميع ألا ينسى الهجوم الذي تعرض له مقرها عام 1994، وخلف 85 قتيلا، متهمة من أسمتهم بـ"إرهابيين مدعومين من قبل إيران" بالوقوف خلف العملية.

كما أعربت عائلات ضحايا الهجوم على المركز اليهودي في بوينس أيرس عام 1994 عن سخطها، بعد قيام أسطورة كرة القدم الأرجنتيني بإهداء الرئيس الإيراني قميصا للمنتخب الأرجنتيني يحمل رقم 10 الشهير، الذي اعتاد مارادونا ارتداءه.

وعلق سرخيو بورستين مدير تجمع عائلات وأصدقاء ضحايا الهجوم على "الجمعية التعاونية الإسرائيلية الأرجنتينية"، الذي خلف 85 قتيلا، ويعتقد أنه تم على يد أصوليين إسلاميين بمساعدة من حكومة طهران، على تصرف مارادونا قائلا "إنه أمر مخجل ومثير للسخط".

وأضاف في تصريحات للوكالة اليهودية للأنباء، ومقرها في بوينس أيرس، قائلا "إن رؤية رئيس إيران مع ذلك القميص أمر يسبب ألما عميقا، إنها إهانة".

من جانبه أكد مارادونا أنه لا يتدخل "مطلقا في السياسة"، رافضا ما تعرض له من انتقادات شديدة من الجالية اليهودية في الأرجنتين، والتي تعد الأكبر بعد الولايات المتحدة على مستوى دول الأمريكتين، عقب إعلانه رغبته في التعرف على أحمدي نجاد.

وقال بوريستين "لا يمكن لمارادونا القول بأنه لا يتدخل في السياسة، فهذا الأمر سياسة، إما أنه لا يفهم وإما أنه لا يهتم.. ليس من حقه ذلك (إهداء القميص لنجاد)، حتى ولو كان أكثر من دافع عن هذا القميص، هذا القميص للشعب الأرجنتيني واليوم أصبح في يد أكثر من يهدد الدولة الأرجنتينية".

وسبق زعيم المجمع اليهودي ألدو دونثيس أن وجه الدعوة للاعب لزيارة متحف ما يعرف بالمحرقة (هولوكوست) بالعاصمة بوينس أيرس؛ كي يتعرف على جرائم النازية، على حد قول زعيم المجمع.

وبدا أن تصريحات مارادونا الإيجابية تجاه إيران ورئيسها أغضبت اليهود كثيرا سواء داخل الأرجنتين أو خارجها، بالنظر إلى ما عرف عن أحمدي نجاد من تصريحات تشكك في حدوث المحرقة التي يقول اليهود إنهم تعرضوا لها على يد النازي الألماني.