مزارع جديدة تحمي الأرز ومزارعيه وآكليه من الزرنيخ

من طرف dreamnagd الأربعاء يناير 02, 2008 1:39 am

بالرغم من أن موظفي منظمة الأغذية والزراعة الدولية -الفاو- وخبراءها يشعرون اليوم بالضيق بسبب التقارير الكثيرة التي صدرت خلال الأشهر الأخيرة وانتقدت أداءها،فإن التقرير الأخير الذي نشرته المنظمة حول التقنية الجديدة المستخدمة في مجال زراعة الأرز قد أعادت الابتسامة لكثير من هؤلاء الموظفين والخبراء الذين قضى كثيرون منهم شطرا هائلا من حياتهم في خدمة الاقتصاد الزراعي والتنمية الريفية المستدامة. وأما الأطراف الثلاثة التي أسهمت في إحداث التقنية الجديدة فهي جامعة كورنويل الأمريكية وعدد من الباحثين المنتمين إلى بنغلاديش والمنظمة نفسها أي منظمة الفاو.
السم في النهرين
أما ما حمل خبراء المنظمة وباحثي الجامعة الأمريكية والسلطات البنغالية على البحث طوال سنوات عديدة للتوصل إلى هذه التقنية فهي كميات الزرنيخ الكثيرة المتواجدة في السهول المحاذية لنهري الغانج وبرهمبوتر والتي يوجد بعضها أصلا في أتربة هذه السهول ويأتي القسم الأكبر منها عبر مياه هذين النهرين.
ولا بد من التذكير هنا بأن الزرنيخ هو شبه معدن لا لون له ولا رائحة.وينتمي إلى المواد الأزوتية. ويوجد عادة في أتربة الأراضي وفي الصخور الجبلية. وهو يتسبب للإنسان في أمراض عديدة في حال استهلاكه أساسا عبر السلسلة الغذائية منها سرطان الجلد والدم وأمراض كثيرة أخرى تصيب الرئة والكلى.
وإذا كانت المساحات الزراعية المروية في بنغلاديش تبلغ اليوم أربعة ملايين، هكتار فإن نصفها على الأقل ملوث بمادة الزرنيخ. أما في الهند فإن نسبة تلوث الأراضي الزراعية المخصصة أساسا للأرز بهذه المادة هي أضعاف ما يسجل حتى الآن في بنغلاديش. ومرد ذلك أساسا إلى كميات الزرنيخ الكبيرة التي يحملها نهرا الغانج وبرهمبوتر من صخور الأماكن التي ينبعان منها. فنهر الغانج الذي يعد أحد أنهر الهند السبعة المقدسة يمتد على مسافة تقارب ثلاثة آلاف كيلومتر. وهو ينبع من سلسلة جبال الهملايا وبالتحديد على ارتفاع قدره ستة آلاف وست مائة متر. ويصب هذا النهر في خليج البنغال شأنه في ذلك شأن نهر برهمبوتر الذي ينطلق من سلسلة الجبال المحيطة ب "لاسا" عاصمة التبت والذي يشق الصين والهند وبنغلاديش.
تقنية جديدة
وقد أدت الأبحاث التي أجراها الباحثون الأمريكيون والبنغاليون بإشراف خبراء منظمة الأغذية والزراعة العالمية إلى استنباط طريقة جديدة لزرع الأرز تتمثل في اختيار أماكن مرتفعة عن سطح مياه النهرين المذكورين وتغطيتها بقشرة ترابية يبلغ سمكها قرابة ثلاثين سنتمترا ورشق مزروعات الأرز فيها. وقد اكتشف الباحثون أن كميات الزرنيخ التي كانت تمر عبر مياه الري وعبر أعماق الأراضي المزروعة تعزى بشكل خاص إلى كون نبتات الأرز في المزارع التقليدية تدخل في الماء الذي تروى به إلى حد يمتد من متر إلى متر ونصف على خلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة إلى المزارع الجديدة حيث تقل كميات الزرنيخ التي تثبت في المزروعات لأنها أرجلها في الماء أقصر مما هو عليه في المزارع التقليدية.
وبعد التجارب الأولى التي أجريت في المزارع الجديدة اتضح أن فوائد التقنية كثيرة ومتعددة فهي تسمح قبل كل شيء بتثبيت كميات أقل من الزرنيخ وبتوفير المياه بنسبة تتراوح بين ثلاثين وأربعين بالمائة. وتتيح الطريقة أيضا توفير كميات الأسمدة المخصبة التي يستخدمها المزارعون نظرا لأن كثيرا من هذه الأسمدة كان يتحلل في المياه ولا يفيد مباشرة نبتات الأرز. بل لوحظ أن كلفة اليد العاملة أقل في المزارع الجديدة لأن عملية السقي والتسميد والحصاد فيها أيسر وأقل مدة.
وثمة اليوم أمل عند منظمة الفاو بأن تعمم هذه الطريقة في بلدان العالم كلها المتخصصة في زراعة الأرز بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد مزارع الأرز فيها وبخاصة في ولاية تكساس من أخطر المزارع تلوثا بمادة الزرنيخ المتأتية أصلا من المبيدات والأسمدة الكيمائية التي كانت تستخدم من قبل في مزارع القطن. وقد عوض فيها الأرز شيئا فشيئا القطن.
وإذا كان عدد الذين يشكون من آفة الزرنيخ عبر مزارع الأرز في الهند وبنغلاديش يبلغ اليوم قرابة خمسين مليون شخص فإنه يتجاوز مائة مليون شخص في البلدان الأخرى التي يزرع فيها الأرز بكثافة.